مشاركة الكاظمي في استعراض الحشد الشعبي تسليم بسطوة الميليشيات أم هدنة مؤقتة معها

  • 6/28/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - حمل الطابع الاستعراضي الذي أخذه احتفال الحشد الشعبي في العراق بمضي سبع سنوات على إنشائه رسائل قوية بشأن مدى تغلغل الميليشيات المسلّحة في نسيج الدولة العراقية ومشاركتها في صنع قرارها وتوجيه سياساتها، خصوصا وأن الاحتفال بهذه الطريقة جرى بحضور ومباركة رأس السلطة التنفيذية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي كثيرا ما رفع شعار استعادة هيبة الدولة وضبط فوضى السلاح العارمة في البلد. كما جاء في مرحلة تململ شعبي ضدّ سطوة تلك الميليشيات جسّدته انتفاضة أكتوبر غير المسبوقة. وأعقب استعراض ميليشيات الحشد في محافظة ديالى شمالي العاصمة بغداد جدل ساخن بين من اعتبر مشاركة الكاظمي في الاستعراض نسفا كاملا لشعاراته ولجهود الحدّ من تغول الميليشيات، ومن رأى في تلك المشاركة ضرورة فرضها ميزان القوى القائم في البلاد والظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية التي لا تتيح لرئيس الوزراء سوى مهادنة الحشد ومسايرته تجنّبا لمواجهة في توقيت غير مناسب. وتقول مصادر مقربة من مكتب الكاظمي إن بديل سياسة الاحتواء التي انتهجها رئيس الوزراء هو حرب شيعية شيعية لا يمكن للعراق احتمالها في هذا الظرف الحساس، مشيرة إلى أن قادة الميليشيات يدركون هذه الحقيقة ويتصرفون على أساسها. وتضيف هذه المصادر أن الضجة التي أحاطت باستعراض ديالى مصطنعة بهدف التغطية على حقيقة فشل الميليشيات في تنظيم استعراض داخل بغداد العاصمة والاضطرار إلى تنظيمه في ديالى قرب الحدود مع إيران، مؤكدة أن قادة الحشد الشعبي قدموا للكاظمي قوائم مفصلة بنوعيات وكميات الأسلحة التي أعدت للاستعراض وقد أمر بشطب عدد منها مثل الطائرات المسيرة وبعض أنواع الصواريخ الإيرانية. وتشير إلى أن “الميليشيات تبحث عن أي سبيل لخوض مواجهة مسلحة مع الدولة لتبرير اتهام حكومة الكاظمي بأنها أداة أميركية إسرائيلية لتخريب تجربة الحكم الشيعي في العراق”، موضحة أن “الكاظمي يعي تفاصيل هذا المخطط جيدا، لذلك يحاول بهدوء التصدي لكل محاولات التصعيد”. مصطفى كامل: استعراض الحشد أكّد أنّ الميليشيات هي من تقود السلطة في العراق مصطفى كامل: استعراض الحشد أكّد أنّ الميليشيات هي من تقود السلطة في العراق وقال الصحافي العراقي مصطفى كامل في تصريح لـ”العرب” إنّ “الهتافات التي انطلقت على لسان الميليشيات في هذا الاستعراض الذي جرى برعاية رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة وبحضوره تؤكد رضاه وقبوله بها وبكل ما تعبر عنه من ولاء للمرشد الإيراني علي خامنئي وفيلق القدس. فهذا الاستعراض يؤكد أن الحشد هو الذي يقود السلطة في العراق وليس ما يُدّعى من أن السلطة بأجهزتها الأمنية والعسكرية والقيادة العامة للقوات المسلحة هي من تقود هذه الفصائل الميليشياوية”. ويضيف كامل “هذا يعني من جهة أخرى أن المؤسسة الحاكمة مسؤولة عن كل الجرائم التي يرتكبها الحشد وعن التهديدات التي يطلقها ضد هذه الدولة أو تلك من داخل الإقليم وخارجه”. وبينما احتفلت وسائل إعلام الميليشيات ومنصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي بظهور الكاظمي في استعراض ديالى موجهة رسائلها المبطّنة لنشطاء الحراك الاحتجاجي الذي أصبح يعرف بانتفاضة أكتوبر، رأى مراقبون أنّ حضور رئيس الوزراء للاستعراض قضى على محاولات التفريق بين قوى الدولة وقوى اللاّدولة ومحا جميع الحدود الوهمية بين الحشد الشعبي كهيئة “رسمية” والميليشيات. وهاجم منتقدون موقف الكاظمي بشكل خاص وقوفه كرمز من كبار رموز الدولة وهيبتها إلى جانب الزعيم الميليشياوي أبوفدك الأمر الذي يفرغ حديث الحكومة عن جماعات خارجة عن القانون تعبث بأمن البلد وتهاجم البعثات الدبلوماسية، من محتواه. واعتبر كامل أنّ “الكاظمي تحدث بشكل مستفز وربما لم ينتبه لكلامه كثيرون، قائلا إنه يريد فرض دور العراق من خلال الحشد وهذه رسالة واضحة مفادها أن الميليشيات هي من ترسم حدود ومديات النفوذ العراقي وتحركاته السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية المفترضة في المنطقة. وهي أيضا رسالة قوية لأولئك الذين يتحدثون عن تخلّص العراق من النفوذ الإيراني من خلال التقرب من الكاظمي ودعمه ويروّجون لأن الرجل يمثّل الأمل الوحيد لاستعادة العراق من النفوذ الفارسي”. كما وصف كلام الكاظمي بأنّه “ليس فلتة لسان أو جملة عابرة غير مقصودة بل هو رسالة مقصودة تماما تكتسب معاني وأبعادا إضافية كونها جاءت عشية القمة الثلاثية مع مصر والأردن في بغداد”. ويجادل البعض بأنّ تنظيم الاستعراض في ديالى وليس في العاصمة بغداد يشير إلى استمرار عملية التدافع بين الحكومة والميليشيات ما يعني أن المواجهة بين الطرفين أرجئت ولم تستبعد بشكل نهائي. Thumbnail وردّا على ذلك أكّد كامل أنّ “ما يقال عن كون الكاظمي هو من منع إقامة الاستعراض في بغداد غير صحيح، والحقيقة أن الاستعراض كان مقررا منذ البداية في محافظة ديالى وتحديدا في معسكر أشرف الذي كان تابعا لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة واستولت عليه ميليشيات إيران بعد طرد المنظمة منه، وهناك ثلاثة أسباب لاختيار هذا المعسكر وعدم الاستعراض في بغداد: الأول أن الميليشيات الإيرانية لا يمكن أن تستعرض تحت ظل مجسمّ السيفين اللذين يشكّلان قوس النصر المنصوب في ساحة الاحتفالات ببغداد، ويعود إلى عهد الرئيس الأسبق صدّام وقد أنشئ أصلا كرمز لنصر الجيش العراقي على إيران. والثاني أن الميليشيات أرادت توجيه رسالة مفادها أن هذا المعسكر الذي كان مقرا لأعداء الولي الفقيه في إيران ومنطلقا للهجمات ضد نظامه بات تحت سلطة إيران مباشرة. أما الثالث فهو سبب لوجستي يتعلق بسهولة إيصال ثم إعادة المعدات العسكرية الإيرانية التي جرى الاستعراض بها حيث جرى إدخالها من منفذ المنذرية الحدودي في محافظة ديالى وتجنب دخولها إلى العاصمة مع وجود معلومات عن رفض أميركي لذلك كون ساحة الاحتفالات توجد قبالة سفارة واشنطن في بغداد”. وقال النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي إنّ الحشد الشعبي قوة رسمية وأحد أعمدة القوات العراقية، معتبرا أن “حضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للاستعراض العسكري قطع الطريق على المتربصين بالحشد شرّا”. وأضاف “أبناء الحشد هم أبناء العراق النجباء الذين دافعوا عن الأرض والمقدسات”، مبينا أن “حضور الكاظمي للاستعراض العسكري أخرس الألسن التي تريد النيل من الحشد الشعبي”. وكشف فالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي من جهته أنّ الكاظمي وافق على أن يكون هناك زي خاص بمقاتلي الحشد ولوحات سيارات خاصة بالحشد الشعبي وقد وجه وزارة الداخلية للتعاون بهذا الخصوص وذلك خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الوطني. أما حسام محمد بوتاني رئيس مركز صنع السياسات فقد لفت إلى أنّه “لا يوجد في عرف الدول أو في تاريخها أن تنفرد قوة مسلحة باستعراض عسكري منفصل عن استعراض القوات المسلحة العام، ولكون القوة التي استعرضت في ديالى مقاتلة فإن هذا بدعة عراقية”. وأضاف “ظهور أشخاص يرتدون عمائم رجال الدين خلال استعراض عسكري يعني أن التشكيل ليس تشكيل دولة وإنما هو حالة من حالات الفوضى التي ترافق الحروب”. وقال برلماني عراقي فضّل عدم ذكر اسمه في تصريح لـ “العرب” إنّ مشاركة الكاظمي في استعراض الحشد لا تمثّل خطوة صحيحة في طريق استعادة هيبة الدولة. فالقوى التي أقامت استعراضها هي نفسها التي عبرت أكثر من مرة عن عدم اعترافها بالدولة من خلال عدم الالتزام بأي قانون يمليه عليها وجودها ولو صوريا ضمن القوات المسلحة. وأضاف لقد “أخطأ الكاظمي حين صدّق أنه من خلال حضوره ذلك الاستعراض إنما يقوم باحتواء تلك القوى الخارجة على القانون والحيلولة بينها وبين إشعال حرب. فلو رأى قادة الفصائل مجتمعين أو منفردين أن هناك ما يضر بمصالحهم فإن فكرة إشعال حرب على الدولة لن تكون مستثناة من حساباتهم”.

مشاركة :