القفص الزجاجيّ.. تأمُّلات في التقنية والفلسفة

  • 10/10/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بمزيج من التاريخ والفلسفة والشِّعر والعلوم، يأخذنا الكتاب في رحلة تبدأ من الأعمال والنظريات الأولى لآدم سميث، وألفرد نورث وايتهيد، وتنتهي بأحدث الأبحاث عن الانتباه والذاكرة البشرية، والسعادة، والتأمل في كيف يمكننا استخدام التقنية لتوسيع تجربتنا وإدراكنا الإنساني. يبحث الكتاب عن دور روبوتات المصانع، والسيارات ذاتية القيادة، وأجهزة الكمبيوتر، والطبِّ الرقميِّ، ويكشف عن التكاليف الخفية لسيادة هذه البرامج الإلكترونية على أعمالنا وأوقاتنا؛ فهي وإنْ كانت تسهِّل علينا ممارسة شؤوننا اليومية في الحياة، إلا أنها تسرق منا شيئًا أساسيًّا، يتجلّى في مخاوفنا من أنَّ تحوُّل انتباهنا إلى شاشات الكمبيوتر خلَق منَّا بشرًا منفصمين وساخطين. نيكولاس كار، كاتب مهتم بالعديد من المجالات المختلفة منها التقنية والأعمال والثقافة، وهو أيضًا عضو في مجلس مستشاري تحرير الموسوعة البريطانية. انتُخب واحدًا من بين قادة الفكر في عالم تكنولوجيا المعلومات، ومن بين المائة شخصية الأكثر تأثيرًا في مجال تكنولوجيا المعلومات، ويحمل أيضًا درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة هارفرد. من كتبه: المشاريع الرقمية: كيف تعيد تشكيل عملك لتتصل بالعالم (2001)، التحول الكبير: إعادة توصيل العالم، من إديسون إلى جوجل (2008)، الضحالة: ما الذي يقوم به الإنترنت في أدمغتنا (2010) الذي رُشِّح لجائزة بوليتزر (2011). إحدى مراجعات الكتاب ليس لديَّ أدنى شكٍّ في أنَّ خرائط جوجل جعلتْني أبدو غبيًّا؛ فبَعد الخروج من قطار النفق، كثيرًا ما أتِّبُع السهم الأزرق في هاتفي والذي يشير إلى المنطقة في الاتجاه الخاطئ قبل أنْ يصحح لي نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية المسار، ويبين لي ما حولي. وفي كثير من الأحيان يسبب لي هذا الأمر إحراجًا، على الرغم من أنني أعيش في نيويورك على مدى سنوات، وهي المدينة التي تحيط بها معالم مشهورة. عندما تكون المهام آلية، يدوخ الناس كثيرًا في القفص الزجاجي المَعنيِّ بالطيران، حيث جمع بين المخاطر، والسرعة، والملل جعله هدفًا للتشغيل الآليِّ منذ وقت مبكر. اليوم، تقدمت تقنية الطيار الآليِّ، لدرجة أنَّ بإمكان البشر التحكم بطائرة ركاب عادية لمدة ثلاث دقائق فقط أو نحو ذلك، وهذا ما تعترف به إدارة الطيران الفيدرالية. وتبرز بعض المشكلات الجديدة عندما تصبح المهام الآلية بشكل كبير؛ فيُصاب البشر بالاضطراب وتنخفض مهاراتهم، وقد نُسِبت عدة حوادث مؤخرًا لطيارين استجابوا بصورة سيئة عندما أُجبِروا على تولِّي عناصر التحكم في حالات الطوارئ. كان الطيارون في طليعة هذا التغير. والآن يتبع السائقون بدورهم طريقَ الاتجاهات في إيقاف السيارات الذاتي (وقريبًا ستكون القيادة الذاتية). كتب «كار» بنطاق واسع عن التشغيل الآليِّ: لذلك فإنَّ أيَّ اختصار تقني مؤهّل لدخول موقع البحث جوجل، والعمل الآلي للخرائط المعمارية، وبفضل انفجار القدرة الحاسوبية؛ أصبح المزيد والمزيد من الأشياء تعتمد على التشغيل الآليِّ. ويعبر نيكولاس عن شعوره بالقلق من أنَّ كلَّ هذا يحطُّ من مهاراتنا ويعزلنا عن العالم، فيقول: عندما يبعدنا التشغيل الآلي عن عملنا، ويوسع الهوَّة بيننا وبين العالم، فإنه يمحو أيَّ مهارة من حياتنا. أعتقد أنَّ «كار» محقٌّ حول الكثير من هذا، ولكن لديَّ صعوبة في فهم قلقه؛ فأنا أيضًا أحنُّ إلى رومانسية الطيران القديم، عندما كان الطيارون بحدسهم ومعرفتهم يدركون كلَّ ما يحيط بهم. ولكن كما يلاحظ كار نفسه، فإنَّ عددًا كبيرًا من هؤلاء الطيارين لقوا حتفَهم من قَبل في حوادث، وأنا شخصيًّا أرحّب بأنْ لا يقود الطيار معتمدًا على شعوره الغريزي فقط دون مساعدة. قد يكون الطيارون الآن أقل مهارة يدويًّا، ولكنهم يحلِّقون بأمان أكثر. من جانبي، ربما أكون أقل مشاركة مع المناطق المحيطة بها بسبب خرائط جوجل، ولكنها على الأقل تسمح لي باستكشاف المزيد من الأماكن الجديدة دون أنْ أخشى الضياع. كل وسيلة، سواء كانت آلية أو لا، تفتح آفاقًا جديدة وتغلق أخرى، وتعزز مهاراتٍ جديدة وتقيِّض أخرى. معظم المشاكل كما يشير كار إمَّا تبدو وكأنها صفقة جيدة، أو وجه قُصور يمكن التغلب عليه؛ حتى إنه يقترح بعض الحلول التصميمية الممكنة. الشيء الأكثر إثارة للقلق الذي لفت نظري في الكتاب هو الآثار الوجودية الناتجة عن التشغل الآلي ومنها شبح البطالة. كار لا يركز عليها كقدَر لا مفرَّ منه، بل كنتيجة طبيعية؛ فالوظيفة إذا أصبحت مشغَّلة آليًّا تصبح منفِّرة، كما أنها تتطلب القليل جدًّا من المهارة، وهو على عكس ما إذا لم تكن مشغلة آليًّا بالكامل. مرة أخرى، الطائرات هي مراجعة مفيدة. قبل ستين عامًا كانت رحلات الركاب تعتمد على خمسة من المهنيين يتقاضون رواتب جيدة. أما الآن فاثنان فقط، وتزامَن التشغيل الآلي المتزايد لأعمالهم مع انخفاض مطَّرد في الأجور. هذا كان دائمًا وعْد التشغيل الآلي، أنها ستحررنا من الكدح. كتب أوسكار وايلد: وهكذا، في حين تسلِّي الإنسانية نفسها، أو في أثناء الاستمتاع بالترفيه، أو صُنع الأشياء الجميلة، أو قراءة الموضوعات الشيقة، أو مجرد التفكير في العالم بإعجاب وسعادة، ستقوم الآلات بجميع الأعمال المهمة وغير السارة. لكنها قد تتحول إلى أنْ تكون مفارقة قاسية؛ حيث إنَّ المواهب التي تميز البشر عن الآلات ليست ما كنا نأمل. في كثير من الحالات يكون من الأسهل التشغيل الآلي للخدمات اللوجستية من الأعمال الأساسية مثل قيادة السيارات، والتقاط الأشياء من على الأرفف، والتجول. غلاف الكتاب

مشاركة :