وظف المحامي خالد عرار مهاراته الكتابية بنشاط لتوثيق تاريخ طبيعة الحياة لأكثر من نصف قرن في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في الأردن من خلال كتاب موسوعة الشتات الفلسطيني الذي قامت بنشره العام الحالي دار يافا العلمية للنشر والتوزيع في الأردن. وقال خالد عرار لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة أجريت معه مؤخرا " إن مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين - الذي يقع على بعد 27 كيلومترا شمال مدينة العاصمة عمان - على مدار أكثر من 50 عاما لا يزال المخيم يحافظ على خصائصه كمخيم للاجئين. وأضاف أن اللاجئين كافحوا هنا للبقاء على قيد الحياة مع الحفاظ على إنسانيتهم وعلى حقهم في العودة. وقال عرار (64 عاما) الذي اضطر لمغادرة بلدته اشوع القريبة من مدينة القدس وأعيد توطينه في المخيم منذ إنشائه عام 1968، إن مبادرته كانت نابعة من إيمانه بتسجيل حياة إخوانه من اللاجئين الفلسطينيين من خلال التحديات التي تواجههم وتطلعاتهم في المخيم. وتابع عرار "كتبت معاناة الناس في المخيم بكل تفاصيلها، بما في ذلك العيش في الخيمة وقائمة الانتظار للحصول على الإمدادات الغذائية الأساسية، مؤكدا أن كل هذه التفاصيل كنت أكتبها بمنظور غير متحيز ". وجاء في الكتاب أنه عندما تم تأسيس مخيم البقعة، كان مخيما كبيرا، يضم 5 الآف خيمة خصصت لإيواء 26 الف لاجئ فوق مساحة 1،4 كيلومتر مربع. وبين الأعوام م 1969 وحتى 1971، قامت وكالة "أونروا" باستبدال الخيام بما مجموعه 8 الآف مسكن من الأبنية الجاهزة وذلك من أجل حماية النّاس من ظروف الشتاء القاسية في الأردن وقد قام معظم السكان منذ ذلك الوقت ببناء مساكن أسمنتية أكثر قوة ومتانة. ويشير الكاتب إلى أن "اونروا" أعلنت مرات عن تقليص خدماتها في المخيم بسبب نقص التمويل فإنه يعاني جملة من المشاكل في طليعتها الفقر وتراجع التعليم وارتفاع نسبة البطالة والنظافة العامة. ويشتكي السكان من أن الخدمات المقدمة في عيادات "أونروا" ليست بالمستوى المطلوب، وينتقدون عدم توفر أغلبية أصناف الأدوية فيها مما يضطرهم لشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة بتكاليف لا يطيقونها ماديا، خاصة أن نسبة البطالة في المخيم تصل إلى 26% وفق إحصائيات رسمية . وجاء في الموسوعة أنه على الرغم من أوضاع اللجوء السيئة بطبيعتها؛ فإن أبناء مخيم البقعة يتميزون بالتفوق الأكاديمي، إذ يحصل طلابه في الجامعات الأردنية على أعلى النسب في الطب والتمريض والهندسة وتربية الطفل كما تقلد كثير من أبنائه مناصب رفيعة وبارزة في الأردن . وقال عرار إن كتاباته تمثل مجموعة من التجارب الجماعية لسكان المخيم ، مضيفًا أن توثيقه سيساعد في الحفاظ على الهوية والقضية الفلسطينية. ويبرز الكاتب في الموسوعة صورا أرشيفية بالأسود والأبيض لتطور الحياة في المخيم خاصة البناء والأزقة والشوارع ومراكز الخدمات التعليمية والصحية منذ 1968 إلى أواخر السبعينيات والثمانيات من القرن الماضي . وانتقد المحامي عرار الإدارة الأمريكية لدعمها المنحاز الذي لا هوادة فيه لإسرائيل ، وكذلك التدخل في عرقلة الحل العادل للقضية الفلسطينية. وأضاف لقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور المتفرج والداعم لإسرائيل خاصة في القصف الأخير لقطاع غزة الذي حاولوا إضفاء الشرعية عليه وكذلك فان أمريكا تدعم الانتهاك الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الضفة الغربية و"غض الطرف عن انتهاكاتها لحرية العبادة للفلسطينيين". كما دعا المجتمع الدولي إلى القيام بدور كبير في دعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني في نيل حقوقه الوطنية. وقال عرار إن سكان المخيم عاشوا في تضامن مع الدعم المشترك رغم التحديات واتحدوا في هدفهم بالعودة إلى ديارهم وتحقيق مستقبل أفضل في تخفيف المعاناة. وختم عرار بالقول ما يميزنا هو أننا نؤمن بالخروج من هذا البؤس والعودة إلى بلادنا في المستقبل ، وهو ما نوضحه أيضًا لأبنائنا بأن لدينا وطن يجب أن نعود إليه مهما كانت الصعوبات .
مشاركة :