تأتي الانتخابات العراقية والتي من المؤمل أن تجرى في نوفمبر 2021، وسط أجواء غاية في السخونة وزحمة الأحداث، التي ألقت بظلالها على المشهد السياسي عمومًا.. لا نخطئ إن قلنا إن هذه الانتخابات، من أهم الأحداث السياسية أن لم تكن الأبرز، كونها تأتي في وضع حساس ومهم جدًا، في المشهد السياسي الداخلي الداخلي، خصوصًا مع ما يشهده من متغيرات وتذبذبات، جعلته يعيش عدم الاستقرار، فضلاً عن المؤثرات الإقليمية التي بالتأكيد تبقى عنصرا مؤثرا على المشهد السياسي والتي من شأنها أن تزيد من أهمية الانتخابات وتجعلها حدثا مهما يؤثر بشكل كبير على الوضع الداخلي والإقليمي والدولي كذلك، سيما وأن هذه الانتخابات تأتي بعد الاحتجاجات في تشرين 2019، إذ كان من المقرر إجراؤها في يونيو، وتم تأجيلها إلى نوفمبر من العام الحالي، وما تركته هذه التظاهرات من آثار في نفوس الشعب العراقي. الانتخابات تأتي في ظل خطوات مهمة قامت بها الحكومة العراقية، والتي من أبرزها تصويت البرلمان على القانون الانتخابي الجديد، وتوزيع المرشحين على الدوائر الانتخابية بشكل فردي، والانتهاء من تعيين مجلس جديد لمفوضية الانتخابات، وحل الاشكاليات التي رافقت تشكيل المحكمة الاتحادية، والأهم من ذلك كله التوافق بين القوى السياسية على حل مجلس النواب، وتحديد تاريخ حله قبيل إجراء الانتخابات في تشرين القادم. رافق كل ذلك اكتمال للإجراءات الإدارية والتنظيمية والفنية، والتوافق السياسي «المعلن» للاستعداد بخوض التجربة السادسة في تاريخ البلاد بعد عام 2003، إلى جانب الجهود المهمة التي تقوم بها المفوضية، في تطوير الأجهزة البايومترية وأجهزة العد والفرز الإلكتروني المتطورة والتي تحد من التزوير والتلاعب، وتحديث سجلات الناخبين، والاتفاق مع كبرى الشركات الألمانية بهذا المجال، إضافة إلى الاتفاق الذي أجري بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة، والذي ينص على وجود الأمم المتحدة، كمراقب ومتابع للمشهد الانتخابي، وبما يحقق نجاحها بصورة شفافة ونزيهة. هناك أحداث متوقعة في المشهد الانتخابي، أهمها التغيير المحتمل في شخوص المرشحين، وظهور دماء جديدة، قد تنعكس على المشهد السياسي القادم، وتجعله أكثر هدوءا، وتعمل على تخفيف الاحتقان السياسي في الشارع العراقي، الذي بدا متأثرا بأي خلاف أو اختلاف يظهر بين القوى السياسية، إضافة إلى أن الاحتجاجات التي دخلت عامها الثالث، انعكست حركتها على المشهد، ما جعل القوى السياسية تنظر إلى القوى التشرينية، كعنصر من المهم مشاركته في العملية السياسية، ومحاولة تخفيف حدة الاحتقان في الشارع الملتهب على خلفية المطالب المشروعة للشعب، مضافا إلى كونه يسوق ممثلاً للمتظاهرين السلميين. الثابت في هذه الانتخابات، هو بقاء النظام السياسي دون تغيير، وانعكاسه على حياة المواطن العراقي، والذي ينظر بعين الأمل لأي تغيير قادم في واقعه الاقتصادي والاجتماعي، لأن هذا ما يهمه فعلاً.. فضلاً عن تجسير الثقة بين المواطن والدولة، وبما ينعكس بالإيجاب على الشارع عموما، والتي ما زالت لم تتغير، ولم يشعر المواطن بثقته بالنظام السياسي القائم، وبقاء الوضع الإقليمي الذي ينظر إلى العراق كل من مصلحته، وهذا ما لم يتغير هو الآخر، ولن يتغير دون تغير السياسة والمنهج السياسي، والانتقال إلى النظام السياسي والدولة بعين الجدية، وإجراء التغييرات التي تتسق مع الدستور، وبما يحقق تغييرا على حياة المواطن.. هذا كله إن حصل ولو في جزء منه، سيدفع الوضع الإقليمي، لأن يتعامل مع العراق، كدولة مستقلة صاحبة قرار سياسي مستقل.
مشاركة :