الأعباء الدراسية المتهم الأول في ظاهرة العنف المدرسي

  • 10/11/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مما لا شك فيه أن السلوك العدواني لدى طلبة المدارس أصبح حقيقة واقعية موجودة في معظم دول العالم، وهي تشغل العاملين في ميدان التربية بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، وتأخذ من إدارات المدرسة الوقت الكثير وتترك آثاراً سلبية على العملية التعليمية، فلا يكاد يخلو صف من الصفوف المدرسية من بعض المشكلات والتي تتفاوت في حدتها من صف لآخر ومن حصة لأخرى تبعاً لعوامل عديدة تعود في معظمها إلى طبيعة الطلاب أنفسهم، وإلى خبرة المدرس في تجنب مثل هذه المشكلات، أو معالجتها عند حدوثها. هذه الظاهرة تحتاج إلى تضافر الجهود المشتركة سواء على صعيد المؤسسات التعليمية أو الأسر لكونها ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى وانعكاساتها السلبية تؤثر في المجتمع بأسره. أكدت ولية أمر الطالبين محمد وإبراهيم الشحي، (توأم في الصف الأول الابتدائي في إحدى المدارس الخاصة بمدينة خورفكان)، أنه مع بداية مشوار ابنيها الدراسي، تولد لديهما سلوك عدواني وشعور بالضجر ناجم عن كثرة الأعباء والتكليفات والامتحانات، فضلاً عن طول اليوم الدراسي. وتطرقت إلى أنها تلقت الأسبوع الماضي اتصالاً هاتفياً من إدارة المدرسة، لإبلاغها بأن ابنيها ضربا طالباً في الصف ومزقا دفتره، والطريف في الأمر أن والدة الطالب الذي تعرض للضرب من قبل ابنيها تود أن تشتكي عليهما في الشرطة. وأضافت: أن ولديها كانا متحمسين إلى دخول المدرسة في بداية العام الدراسي، ولكن مع كثرة الأعباء المدرسية وطول اليوم الدراسي أصبحت تلاحظ عليهما شعوراً عدوانياً وغضباً يتولد لديهما عند ذهابهما للمدرسة وحتى عند عودتهما وكتابة واجباتهما. وأشارت إلى أنها تحاول تغيير فكرتهما عن المدرسة بشتى الطرق، والتخلص من السلوك العدواني الذي يتملكهما، حتى إنها كثيراً ما تحاول التحدث لمعلماتهما، وشرح أنهما يضجران بشكل كبير من طول اليوم الدراسي، لكنها حتى الآن لم ترَ تغييراً في نظرتهما للمدرسة. وأشارت إلى أن الحصص التي كان يتعرض لها الطالب كافية، وأنه يمكن إثراؤها بأساليب ووسائل متعددة بعيداً عن إطالة اليوم الدراسي وإحباط الطلبة والمعلمين بهذا القرار غير المنصف في ظل البيئة الدراسية غير المجهزة بالشكل المناسب، حيث يجب تهيئة المدارس لتصبح بيئة مريحة للطلبة والمعلمين. من جهتها، تقول أستاذة علم نفس: إن الخوف من الامتحانات وكثرة الواجبات وتوبيخ الأساتذة، وكثرة الممنوعات وأخيراً الملل، والافتقار للمتعة، تتصدر أسباب كره المدرسة، وعلى البيئة التربوية التعليمية أن تقدم للطلبة الصيانة الشخصية اللازمة لهم للتخلص من هذه السلوكات السلبية، وإعادة توازنهم بإيجاد الجو المدرسي الاجتماعي السليم حتى يمكن أن يصبحوا طلبة إيجابيين منتجين، ويستطيعوا أن يستفيدوا من البرامج التي تقدمها لهم المدرسة، والجهود التي تبذلها، فضلاً عن ضرورة تكاتف جهود المدارس والأسر في ضبط سلوك الطلبة والمحافظة على المنظومة التعليمية. من ناحيتها، أوضحت الإعلامية حنان الفيصل، أنه لا يقع اللوم على المدارس فقط، بل تتحمل الأسر التي تمارس العنف ضد أبنائها داخل المنزل جزءاً من المسؤولية أيضاً، لأن هذا العنف يولد لدى الطفل ردات فعل عنيفة ومختلفة كممارسة العنف على زملائه في المدرسة على أتفه الأسباب وأبسط المواقف. وبينت أن هذه السلوكات السلبية المنتشرة يجب أن يتعامل معها بحذر ودراية ودراسة واقع الطالب العدواني دراسة دقيقة واعية والاطلاع على كافة الظروف البيئية المحيطة بحياته الأسرية، لأن الطالب مهما كان جسمه وشخصيته فهو إنسان آتٍ إلى المدرسة ولا نعرف ماذا به؟ وماذا وراءه؟ فقد يكون وراءه أسرة مضطربة بسبب فقدان فرد من عائلتهم أو ظروف اقتصادية أو حياتية مثل الطلاق، فضلاً عن أنه قد يكون وراءه أسرة تهتم به وتدلله، وتجعل طلباته أوامر، وأفعاله مقبولة ومستحبة. مشكلات صفيةعسيرة الحل أكدت إحدى معلمات المدرسة فضلت عدم ذكر اسمها: أنه في الوقت الحالي تشعر المعلمات أكثر من أي وقت مضى بحيرة قد تصل إلى الإحباط من المشكلات الصفية التي تزداد جيلاً تلو الآخر، وأنهن مهما قضين من الساعات الطوال في العمل الجاد، فإنهن يجدن بعض المشكلات الصفية عسيرة المعالجة، مشيرة إلى أن العديد من المدرسات يحتجن إلى تحسين مهاراتهن في مواجهة المشكلات الصفية، والسيطرة على الطلبة العدوانيين. وأضافت: إن مواجهة هذا السلوك العدواني يتحقق من خلال تضافر الجهود المشتركة بين الإدارات والهيئات التدريسية والمرشدين التربويين حتى نصل إلى الأهداف المنشودة، ونتمكن معاً من أداء عمل نحمي به هذا الجيل ونخدم به الوطن. وبينت أن العمل الذي ينجز في ثماني حصص يمكن إنجازه في سبع، وسينجز بكفاءة وطاقة إنتاجية أكبر، حيث إن طاقة الطالب تبدأ بالانخفاض بعد الحصة الخامسة وتكون قد استنفدت أثناء الحصة السابعة ولا يستوعب بما فيه الكفاية من المواد العلمية في الحصص الأخيرة؛ لأن التعب الجسدي الذي يشعر به المعلم نتيجة طول اليوم الدراسي يجعله لا يعطي بالقدر المستطاع، والإرهاق الذي يواجهه الطالب يجعله لا يستوعب دروسه بالشكل الصحيح والمطلوب، لأن الطلبة يزداد شعورهم بالملل والضجر وعدم التجاوب وممارسة السلوكات والأساليب العدوانية مع بعضهم.

مشاركة :