مشاهدُ سياسيةٌ علَى مسرحِ الفنِّ | شريف قنديل

  • 7/1/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لستُ متأكِّدًا مَا إذَا كانَت الصدفةُ -وحدَهَا- هِي التِي جمعتْ مجاريحَ الفنِّ الثلاثة: الفتَى الفلسطينيّ، والفتَى المصريّ، والفتاة السورية، أمْ كانَ تدبيرًا من معدِّي برنامجِ "آراب آيدل"؟! والحقُّ أنَّ السياسةَ -بثقلِ ظلِّها- حضرتْ في المشهدِ الأخيرِ، الذي رصدتُه بدقةٍ علَى الشاشةِ، سواء علَى المسرحِ، أو عبرَ الشاشاتِ التِي كانتْ تنقلُ الحدثَ الفنيَّ من القاهرة، وغزة، ودمشق! لقد حضرَ الفتَى الفلسطينيُّ محمد عساف من غزة حاملاً دعواتِ وأمنياتِ الشعبِ الفلسطينيِّ كلِّه بغزتِهِ، وقدسِهِ، وناصرتِهِ، تمامًا مثلمَا حضرَ الفتَى المصريُّ أحمد جمال محمَّلاً بدعواتِ وأمنياتِ الشعبِ المصريِّ كلِّه الذي لمْ يعرفْ العرقياتِ، ولا المذاهبَ، ولا الإثنياتِ. ومن سوريَا حضرت الفتاةُ فرح يوسف معبَّقةً بدعواتِ وأمنياتِ الشعبِ السوريِّ كلِّه في دمشقَ، ودرعَا، وطرطوس، وحلب، وحماة! في الحالةِ الفلسطينيةِ غابتْ خلافاتُ "حماس وفتح"، ومقارناتُ "رام الله وغزة"، حيثُ حلمَ الجميعُ بعودةِ عساف حاملاً اللقبَ! وفي الحالةِ المصريةِ توقَّفَ التراشقُ السياسيُّ في الشوارعِ، وأدوات الاتِّصالِ الحديثة في تويتر، وفيس بوك، وغيرهما لدقائقَ علَى أملِ فرحةٍ مصريةٍ مشتركةٍ، ومن القلِب! وفي الحالةِ السوريةِ حملقَ الجميعُ في الشاشاتِ -هذا لمَن لديهُم منازلُ وبيوتٌ- علَى أملِ أنْ يطلَّ ويضيءَ قنديلُهم المبهوتُ! لقدْ حلمُوا بـ"فرح" يزيحُ كابوسَ الاقتتالِ، والمحنةِ التي يتعرَّضُ لهَا شعبٌ عربيٌّ أبيٌّ أصيلٌ! مبكِّرًا.. بادرَ الرئيسُ الفلسطينيُّ محمود عباس بالاتِّصالِ بالبرنامجِ معلنًا دعمَهُ للفتَى عساف، ابن غزة! لكنْ هذَا لمْ يحلْ دونَ خروجِ فلسطينيي القطاعِ للرقصِ في الشوارعِ فرحًا بابنهِم.. ويقينًا، وبالتأكيدِ لو أنّ "غزة ورام الله إيد واحدة".. و"حماس وفتح إيد واحدة" لانتصرتْ فلسطينُ كلُّها، وليس محمد عساف فقط!! أمّا في حالةِ الفتَى المصريِّ أحمد جمال فقدْ حضرَ الفتَى بدموعِهِ الحبيسةِ علَى النِّيل الذِي زايدُوا عليهِ، والوطنِ الذي اختلفُوا عليهِ، ومصرَ التِي تنازعُوا عليهَا.. ويقينًا لو أنَّ النِّيل وحَّدهُم، والوطنَ أيقظهُم، ومصرَ نادتهُم لانطلقَ صوتُ جمال مردِّدًا ومحذِّرًا بلسانهَا: أنَا إنْ قدّر الإلهُ مماتِي لا ترَى الشرقَ يرفعُ الرأسَ بعدِي ما رمَانِي رامٍ وراحَ سليمًا من قديمٍ عنايةُ اللهِ جندِي. وعنْ "فرح" سوريا المستحيلِ فِي هذِه الغمَّةِ والظلمةِ لا تسلْ! لقدْ حلمت الفتاةُ بأنْ تعودَ محمَّلةً ببارقةِ أملٍ، وباقةِ وردٍ تنثرُهَا علَى وجوهِ اليتامَى والثكالَى هُناك، لكنَّها بالتأكيدِ ستعودُ مفعمةً بالحزنِ والهمِّ علَى القتلَى الذين يتساقطونَ كلَّ يومٍ، والبيوتِ التِي تُهدمُ كلَّ يومٍ، والطموحاتِ التِي تُقتلُ كلَّ يومٍ وسطَ تردُّدِ وتأرجحِ المجتمعِ الدوليِّ! مع ذلكَ، ورغمَ ذلكَ، لنْ يستطيعَ أحدٌ فِي فلسطين مثلاً أنْ يقفَ معلنًا رفضَهُ، أو تحريمَهُ لغناءِ وتفوقِ عساف، مهمَا كانَ انتماؤه لكتائبِ القسّام، أو لجماعةِ الجهادِ، ولن يجرؤْ أحدٌ في مصرَ مهمَا كانَ انتماؤه أنْ يعترضَ، أو يمانعَ في فرحِ النَّاسِ بصوتِ أحمد جمال.. كمَا لنْ يتمكَّنَ أحدٌ فِي سوريا من منعِ المواهبِ أنْ تتفجرَ، والأصواتِ أن تهدرَ: لا للدمِ.. لا للقتلِ.. لا للتشريدِ! المثيرُ والجميلُ والمبهرُ في المشهدِ الفنيِّ الذِي سطعتْ فيهِ السياسةُ بقوةٍ، أنّه فورَ الإعلانِ عن انتصارِ الفتَى الفلسطينيِّ الذِي خرَّ ساجدًا، عانقَهُ الفتَى المصريُّ الذِي ظلَّ ينافسهُ حتَّى اللحظةِ الأخيرةِ مُبديًا فرحَهُ وسعادتَهُ بروحٍ عربيةٍ خالصةٍ، وبالتأكيدِ فإنَّ فرح سوريا سيكتملُ قريبًا بغناءِ عساف وجمال على مسرحِ دمشقَ، أو اللاذقيةِ، أو أيِّ مدينةٍ سوريةٍ لصالحَ ضحايَا العدوانِ الغادرِ، والنظامِ الفاجرِ! لقدْ فرحَ العربُ في كلِّ مكانٍ بفوزِ الفلسطينيِّ عساف علَى أملِ أنْ تفوزَ فلسطينُ.. ولسوفَ تفوز وتنتصر عندمَا يلتئمُ شملُ مصرَ، ويندملُ جرحُ سوريا، ويشفَى صدرُ فلسطين، قولُوا: آمين! sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :