لعل من الأوفق أن نمهد لهذا الموضوع بمقدمة علمية تسلط الضوء على ما يسمى بقتل الرحمة.. كما جاء في مجلة الوعي الإسلامي الكويتية. قتل الرحمة هو إنهاء حياة مريض لا يُرجَى شفاؤه من آلامه المبرحة بدواعي الإشفاق عليه، سواء كان هذا بطلب المريض أو بطلب أهله، أو بإرادة منفردة من الطبيب أو الممرض أو غيره. ويقسم القانونيون والأطباء قتل الرحمة إلى نوعين: النوع الأول: قتل الرحمة الإيجابي وذلك بالفعل والمبادرة: ويكون بإعطاء الطبيب أو غيره للمريض ما ينهي حياته وآلامه، سواء كان هذا المعطى طعاما، أو سما ماحقا، أو دواء مميتا أو نحو ذلك مما يعجّل بإنهاء حياة المريض ووفاته. وقد يكون هذا النوع من القتل بإزالة ورفع وسائل التغذية الموصولة إلى جسم المريض، أو إزالة ورفع أجهزة الإنعاش الصناعي الموضوعة للمريض، أو نحو ذلك مما يعالج به المريض فعلا للإبقاء على حياته. النوع الثاني: قتل الرحمة السلبي وذلك بالامتناع عن الفعل: ويكون بامتناع الطبيب أو غيره عن إعطاء المريض العلاج اللازم، أو منع توصيل أجهزة الإنعاش الصناعي للمريض الذي هو في حاجة إليها للإبقاء على حياته، مما يرتب على ذلك مضاعفات خطيرة تؤدي وتعجّل بإنهاء حياة المريض. ولم يعرف المسلمون في تاريخهم ما يسمى قتل الرحمة، ولم يكن شائعا فيما بينهم، بل إن هذا القتل خروج على تعاليم الإسلام وتوجيهاته، لأن تعاليم الإسلام تعتبر النفس البشرية أمانة عند صاحبها وليست ملكا له، وإنما هي ملك لله تعالى ينبغي المحافظة عليها، بل إن الإسلام يحث المريض، وأهله على الصبر، ويعتبر المرض امتحانا من الله تعالى، يكفر به الذنوب ويؤجر عليه المريض بأحسن الجزاء إذا اقترن مع الصبر، ففي الآية 155 من سورة البقرة (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين)، وفي الحديث المتفق عليه: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا همِّ ولا حزن ولا أذى ولا غمِّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه). وقد منع الإسلام المريض وأهله من تمني موته ليتخلص مما يعانيه، وأرشدهم إلى طلب الخير، ففي الصحيحين (لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي). بل إن التعاليم الإسلامية تدعو إلى زيارة المريض ومؤانسته ورعايته وأهله والدعاء له، وتحث على زيادة اللجوء إلى الله وحده ليكشف الضر ويرفع البلاء، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود المرضى ويقول (رب الناس أذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما)، وفي سورة النمل الآية -62(أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويشكف السوء)، وفي سنن الترمذي (إذا دخلتم على مريض فنفِّسوا في أجله)، أي أسمعوه الكلام الطيب، وأمِّلوه بطول العمر، وأنه سيشفى من مرضه بإذن الله تعالى، ويعود إلى ممارسة أعماله وحياته العادية صحيحاً معافى.. انتهى. لقد ضقت ذرعا وعدد كبير من المواطنين للحالة البائسة التي تواجه عددا كبيرا من المواطنين شاءت إرادة الله أن يصابوا بالمرض العضال (السرطان).. ومن المؤسف الذي يندى له الجبين وتتفطر له القلوب أن بعض المستشفيات أمام شعار ميؤوس من حياته وشعار الحي أبقى من الميت.. لذلك وبدون هوادة يطلبون إخلاء المريض لغرفته ليحل مكانه آخر قد يكون المرض في بدايته وهو حكم مسبق بالقضاء المبرم على المريض.. والحجة في ذلك عدم وجود أسرة كافية.. لقد عشت بنفسي وشاهدت أكثر من حالة.. فرجل مواطن في شرخ حياته ويحمل رتبة عالية وأمضى عمره في خدمة الوطن والمواطنين ثم كانت المكافأه أن حملته أيدي (الشيالين) من السيارة إلى شقته بالدور الثالث.. وآخر طلبوا منه المغادرة وهو في كامل وعيه وإدراكه تنهشه الآلام وتعيث في عظامه وتعطله عن الحركة.. وآخر كان الألم في معدته فجاهد حتى وصل إلى مستشفى يملك القدرة والخاصية لعلاجه ولكنهم وعدوه بعد تسعة أيام فغادر غاضبا إلى مستشفى آخر وبالطبع مهد طريقه للموت.. وآخر وآخر وآخر.. فيا وزارة الصحة أليس من حق المواطن كفالته ورعايته من المولد إلى الممات وحسبي الله ونعم الوكيل.
مشاركة :