تتبعًا لـ«شغف الكتابة الإبداعية»، عقدت «أسرة الأدباء والكتاب» مساء الأحد (27 يونيو)، أمسية حوارية، استضافت فيها الكاتبة والقاصة فاطمة النهام، للحديث عن أبعاد تجربتها السردية، وشغفها بالقصة القصيرة، متطرقة خلالها إلى بداياتها مع هذا الجنس الأدبي ومفهومه، ومدى أهمية النقد لتقويم مسيرة الكاتب، إلى جانب تناول إصداراتها الحديثة في هذا السياق. وبيّنت النهام في هذه الأمسية، التي عقدت عبر البث الرقمي، أن القصة القصيرة «إحدى أجمل الفنون الأدبية التي تعتمد في تكوينها على العديد من العناصر المهمة، بدءًا بالعنوان، ووصولاً إلى المدخلية، والحبكة، والشخوص، إلى جانب عنصر الزمكان، والشخوص»، موضحة أنه يتوجّب على كاتب القصة أن يتوخى التكثيف والاختزال، وأن يراعي التسلسل المنطقي للأحداث، كما يتوجّب على القاص ألا يغفل الجانب اللغوي للسرد، فالثراء اللغوي كما تؤكد «مسألة بالغة الأهمية في الكتابة الإبداعية، إذ إن الحصيلة اللغوية للكاتب كفيلة بإثراء كتاباته، ولا يقل هذا الإثراء أهمية عن محورية الفكرة، والإيقاع المتناغم في الكتابة الإبداعية، إلى جانب الحرص على توالي الأحداث، وتكنب التكرار». ولفتت النهام إلى أن شغفها بالكتابة الإبداعية جاء انعكاسًا لشغفها بالقراءة، التي تمثل فضاءً قادرًا على الارتحال بالإنسان في عوالم إبداعية، لمجرد مروره على الكلمات وهي تتالى مقروءة، لتشكل مفاتيح لتشغيل الصور المتولدة في مخيلته، مبينة أن «القراءة هي الخطوة الأولى في مسيرتي، وهي عتبة الأساس الأولى للإبداع في مجال الكتابة الإبداعية». هذا الشغف بالقراءة، وتتبع الإصدارات العربية والأجنبية، انعكس كدافع نحو الكتابة «في مراحل مبكرة، بدأت أجرب الكتابة القصصية، وكنت شغوفة آنذاك بأدب ما وراء الطبيعة، وبالرعب القوطني، فرحت أجرب الكتابة الإبداعية التي انعكس فيها شغفي بأدب التشويق والغموض والرعب، وقد تسنّى لي نشر هذه التجارب في الصحف المحلية، ما شجعني على مواصلة هذا المسلك، بالإضافة لمشاركاتي في المسابقات المحلية والعربية، وفوزي ببعض الجوائز، وكل ذلك شجعني على إصدار مجموعات قصصية مطبوعة، صدرت لي اثنتان منها العام الماضي، وهي (يوميات أخصائية اجتماعية)، و(مقهى الموت)». وعن سبب اختيارها لجنس القصة القصيرة فضاءً لممارسة الكتابة الإبداعية، تبيّن النهام أن «القصة القصيرة قادرة على خلق تأثير في نفوس المتلقين»، ومرد ذلك، لكونها أحد أقرب أساليب التواصل البشري على مر التاريخ الإنساني، كما توضح النهام أن القصة القصيرة «فضاء يتسع للابتكار، والإبداع المتواصل.. فهو المتسع للنهايات المتفوحة، والصادمة، وهو المجال الواسع للتأويل، وإطلاق عنان التفكير». وفيما يتعلق بالنقد الأدبي وضرورته، أكدت النهام أن «النقد بمنزلة مقود القيادة الذي يوجه مسيرة الكاتب، فالكاتب مهما بلغ من إبداع في اشتغاله، بحاجة إلى ناقد يكشف له ما لا يراه»، وتضيف «ليس بوسع الكاتب أن يستمر في أجواء صحية من الإبداع الأدبي دون أن تكون اشتغالاته الأدبية مطروحة لتشريح النقاد، وهذا يفرض بالضرورة روحًا تتقبل هذه الآراء، ونبذ لا محدودية الرؤى التي تحد من اشتغالات النقد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكاتب الإبداعية فضاء لانهائي، وبالتالي ليس لأحدٍ أن يقول إنه بلغ ما بلغ، وهو غنيٌ عن النقد الذي يسمح له تطوير اشتغاله وتجربته»، بيد أن النهام تشدد على ضرورة أن يتحلى الناقد بالموضوعية، «إن الاشتغال النقدي كالاشتغال الأنثروبولوجي، مطلوبٌ من المشتغل به أن يتحلى بموضوعية كبيرة، وأن يقرأ الواقع بدقة، لتحقيق الهدف المنشورد من الدراسة. كما ينبغي على الناقد أن يقصد باشتغاله بلوغ هدف سامٍ، يرتقي بالتجارب الإبداعية، ويصوب لها اشتغالها». وعن علاقة اختصاصها باشتغالها في مجال الكتابة الإبداعية، لفتت النهام إلى أنها وظفت اختصاصها كأخصائية إرشاد اجتماعي، في كتابتها القصصية، خاصة في مجموعتها «يوميات أخصائية اجتماعية»، التي مثلت «حصيلة تجاربي في ميدان العمل المدرسي، إذ طرحت في هذه المجموعة عددًا من القضايا الاجتماعية، التي مزجت بأبعادٍ خيالية، سلطت الضوء على مواقف إنسانية مؤثرة، ضحاياها أطفال، وفتيات في عمر الزهور، ومن هذه القضايا: الأطفال مجهولي الأب، والإهمال والتفكك الأسري، والخيانة الزوجية، والطلاق.. وغيرها من الموضوعات والقضايا المرتبطة بهذا بالفضاء الاجتماعي». فيما لم تخلُ مجموعتها القصصية الثانية «مقهى الموت» من بعد اجتماعي، مع أنها تدور في فضاء أدب الخيال والشويق، وما وراء الطبيعة، بيد أنها كما تقول «تطرقت لتسليط الضوء على موضوعات ذات اتصال بتخصصي، من خلال حبّك القصص التي تتناول أفكارها بعض هذه الموضوعات، ولكن بقوالب أدبية تتصل بالخيال، والتشويق، وما وراء الطبيعة، التي صيغت بمزيجٍ من التجارب الإنسانية، والعديد من الموضوعات الاجتماعية، كاليتم، والعنف الأسري، والتشوه الخلقي، والتنمر، والصراع النفسي، وغيرها».
مشاركة :