قَبل عَشرَات السّنين، كُنَّا نَدرس بَيتًا شِعريًّا يَقول: إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ شَيْئًا فَدَعْهُ وجَاوِزْهُ إلى مَا تَسْتَطيعُ كُنَّا في ذَلك الوَقت؛ نَعتَقد أنَّ هَذا البَيت يَدعو إلَى الإحبَاطِ، ويَحثُّ عَلى المكُوث فِي الدّرك الأسفَل مِن النَّجَاح، ولَكن حِين كَبرنا فَهمنا البَيت بمعنَاه الصَّحيح، فهو يَعني في مَعنَاه العَام؛ أنَّ يَتبيَّن الإنسَان مَنَاطِق القوّة فِيهِ، ويَتعرَّف عَلى مَواهبه، ويَبدأ بالاشتغَال عَليهَا وتَطويرهَا.. هَذا الأجدَى لَه، لأنَّ البَعض مِنَّا يُحاول أنْ يَكون شَاعِراً؛ وهو ضَعيف المَوهبة، والبَعض مِنَّا ذَهَبَ إلَى دِرَاسة الهَنْدَسَة؛ لأنَّ أصدقَاءه ذَهبوا إليهَا، في حِين أنَّه يَملك مُقوِّمَات؛ تُؤهّله ليَكون مِن عُلمَاء الاقتصَاد الكِبَار، لَو اعتنَى بمَوهبته..! قَبل أكثَر مِن رُبع قَرن، أَصدَر الأُستَاذ «هاورد جاردن» كِتَابه «أُطُر العَقل»، وفي كِتَابه هَذَا؛ كَان يَعتَقد أنَّ أنوَاع «الذَّكَاءَات» سَبعَة، ثُمَّ أَجرَى عَليهَا بَعض الدِّرَاسَات؛ حتَّى بَلغت عَشرة أنوَاع، ومِنهَا: - الذَّكَاء اللُّغوي: ويَعني حَسَاسية المَرء نَحو اللُّغَة، والقُدْرَة العَالية عَلى تَعلُّمها واستخدَامها..! - الذَّكَاء المَنطقي الرِّيَاضي: ويَعني امتلَاك القُدْرَة عَلى تَحليل المُشكلات مَنطقياً، وتَنفيذ العَمليّات الرِّيَاضيّة، كَما يَعني القُدْرَة عَلى اكتشَاف الأنمَاط، والاستنتَاج والتَّفكير المَنطقي..! - الذَّكَاء الاجتمَاعي: ويَعني القُدْرَة عَلى فَهم الآخرين، ومَعرفة رَغبَاتهم، مِمَّا يَعني العَمَل مَعهم بكفَاءة عَالية، والتَّأثير فِيهم..! - الذَّكَاء الشَّخصي الذَّاتي: ويَعني أنْ يَتمكَّن صَاحبه مِن فَهْم ذَاته، وفَهْم مَشاعره ومَخَاوفه، ودَوافعه الشَّخصيّة..! - الذَّكَاء العَاطفي: ويَعني إدَارة العَواطِف المُختلفة وتَوجيهها، والتَّحرُّر مِن إغوَائِها..!حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!بَقي التَّأكيد عَلى أنَّ الله -جَلَّ وعَزّ- خَلَقَ كُلّ النَّاس أذكيَاء، ولَكن كُلٌّ في مَجالِهِ.. فيَا أيُّها القُرَّاء الأَعزَّاء، حَاولوا أنْ تَتعرَّفوا عَلى مَناطِق الذَّكَاء لَديكم، وتُنَمُّوه، حتَّى يُبدع كُلّ وَاحدٍ مِنكم في مَجالِهِ..!!
مشاركة :