في الأسبوع الماضي، بدأ تريفور نوح، المهاجر إلى الولايات المتحدة من جنوب أفريقيا، إدارة برنامج «ديلي شو» الفكاهي اليومي في قناة «كوميدي» الفكاهية، خلفا للنجم الفكاهي جون ستيوارت. بعد الحلقة الأولى، قال ستيوارت إنه أحس براحة وسعادة لأنه هو الذي اقترح، في العام الماضي، أن يخلفه نوح. وكان نوح ظهر في برنامج ستيوارت عدة مرات، وأعجب به ستيوارت. في أول حلقة، تندر نوح على عدد من الشخصيات والمواضيع: أولا، تندر على البابا (الذي كان زار الولايات المتحدة الشهر الماضي). وقال: «يذكرني بالسيناتور ساندرز عندما كان شابا» (أشار هنا إلى أن البابا، عكس الذين سبقوه، يدعو إلى آراء ليبرالية، لا تختلف كثيرا عن آراء السناتور ساندرز، الذي ترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الديمقراطي. وأشار، أيضا، إلى أن ساندر يواجه تحديات، منها أنه كبير في السن). ثانيا: تندر على جون بوينار، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب. وقال: «أكثر من زعامة في الكونغرس، يقدر بوينار على أن ينجح في مسابقات قطع البصل، أو البكاء في الكنيسة» (أشار هنا إلى أن بوينار بكى في العام الماضي عندما كان يتحدث عن والدته. ولا يستسيغ الأميركيون بكاء سياسي). ثالثا: تندر على موجة الجفاف التي اجتاحت ولاية كاليفورنيا. وقال: «أبشروا أيها الكاليفورنيون، اكتشف العلماء الماء على سطح المريخ. وهم قادمون نحوكم». رابعا: تندر على نفسه (عادة، يكثر من ذلك). وقال: «عندما كنت صبيا في ضاحية سويتو، لم تكن عندي وظيفة، ولا مرحاض. الآن، أملك الاثنين، وواحد منهما مريح جدا». لكن، خلت الحلقة الأولى من نكات اشتهر بها نوح. منها نكات عن النساء، وعن اليهود، وعن رجال الدين (كانت النكتة عن البابا لائقة، لكنه أضاف إليها نكتة بذيئة عن حياة البابا الجنسية). لم ينس نوح أن يثني على «أستاذي الأول»، جون ستيوارت، الذي سبقه في إدارة البرنامج. ثم تندر: «كان جون أبا العائلة (لمذيعي ومقدمي البرنامج). الآن، جاء أب جديد. لكنه أسود». بعد أول ليلة، علقت صحيفة «واشنطن بوست»: «الحمد لله، لم يغضب أحدا» (يشير هذا إلى خوف من أن أولى حلقات نوح ستكون فيها إساءات كثيرة، في صورة نكات)». وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»: «شخصية نوح ربما مثل سفينة نوح» (يشير هذا إلى خلفيته المتنوعة). وقالت إنه مذيع تلفزيوني نادر في خلفيته. ليس فقط بالنسبة للمذيعين الفكاهيين، ولكن، أيضا، بالنسبة لكل المذيعين الأميركيين. نوح جمع بين الكلام بست لغات (إنجليزية، ألمانية، فرنسية، إيطالية، بانتوية، زولوية) وبين الانحدار من ستة أجناس وأعراق (سود، بيض، يهود، أريين، بانتويين، زولويين). ولد نوح في جوهانسبورغ، جنوب أفريقيا. والدته، باتريشيا نوح، وتجمع بين العرق الزنجي، واليهودي، والبانتوي. ووالده أبيض، مهاجر من سويسرا، وجذوره ألمانية. وقت زواجهما، كانت علاقة والديه غير قانونية بسبب التفرقة العنصرية. بل سجنت والدته، وغرمت من قبل حكومة جنوب أفريقيا العنصرية البيضاء. وواجه والده كثيرا من المضايقات (لم يسجن أو يغرم لأنه أبيض). واضطر إلى أن يعود إلى سويسرا. لهذا، تربى الصبي في منزل والدته، وأشرفت جدته البانتوية على تربية في مزيج من الجو الكاثوليكي، والبانتوي، واليهودي (قالت له إن زوجها كان فيه دم يهودي. لكنها، ركزت على الدين المسيحي). بالإضافة إلى هذا المزيج المثير، تعكس خلفية نوح الحياة وسط سود جنوب أفريقيا. وهي، بالإضافة إلى تراث التفرقة العنصرية، تنتشر فيها الجريمة، والفقر، والتفكك العائلي، والتوتر الاجتماعي. ولم ينج نوح من ذلك. تزوجت أمه من أربعة رجال (واحد منهم السويسري). ولهذا، عنده إخوة غير أشقاء. في عام 2009، بعد أن تزوجت رجلا رابعا، حاول الزوج الثالث قتلها (وحاول قتل نوح، ووصفه بأنه «استعماري صغير»). لكن، مضت ثلاث سنوات قبل أن يدان الزوج الرابع. وذلك بسبب فساد، وتلكؤ، وعراقي في النظام القضائي في جنوب أفريقيا. الآن، من أسباب شهرة نوح أنه يستغل كل هذه الخلفيات لينشر آراءه عن التفرقة العنصرية، والقبلية، والفساد، والعلاقات بين الأجناس والأعراق والأديان. قال إنه يأمل أن تساعد محاولة قتله، وقتل والدته، على حل مشكلة العنف المنزلي في جنوب أفريقيا (وغيرها). وقال: «لسنوات، كانت والدتي تذهب إلى مراكز الشرطة. ولم يتم فعل أي شيء. هذا هو النظام القضائي في جنوب أفريقيا. دعاوى من دون فائدة، وتحقيقات من دون نهاية». في عام 2002 عندما كان عمره 18 عاما، صار فكاهيا في حلقات أدبية في مدرسته، وذلك بسبب حديثه (وفكاهياته) عن العلاقة بين والده ووالدته. في عام 2008، بدأ برنامجا إذاعيا سماه «سفينة نوح». وركز فيه على الشباب، وقال: «ليكن الجيل الجديد مختلفا عن الأجيال السابقة». في عام 2010، نال واحدة من أهم الجوائز الفكاهية في تلفزيونات جنوب أفريقيا. في عام 2011، هاجر إلى الولايات المتحدة. في عام 2012، صار أول كوميدي من جنوب أفريقيا يظهر في برنامج «ديلي شو»، وهناك بدأ إعجاب ستيوارت به. وقال متفائلون إن نوح سيؤثر على المجتمع الأميركي مثلما يؤثر الرئيس أوباما. وذلك بسبب خلفيته العرقية المتنوعة، وحقيقة أنه أول غير أبيض يدير برنامجا تلفزيونيا رئيسيا. لكن، قال متشائمون إن نوح، مثل أوباما، سيخيب آمال كثير من الأميركيين فيه. وذلك بأنه سيركز على المواضيع التي تهم السود. وسيجعل المشاكل بين البيض والسود فرصة لزيادة شعبيته، وليس لحلها. قالت صحيفة «نيويورك بوست»: «مثل أوباما، يشع نوح سحرا وذكاء. ومثل أوباما، يتحدر من خلطة عرقية: أم سوداء، وأب أبيض». وأضافت الصحيفة: «تندر نوح على ذلك. وقال: إن كثيرا من الأميركيين، خلال الحملة الانتخابية الأولى، عام 2008، لم يرتاحوا لخلفية أوباما السوداء. لكن، بعد أن فاز أوباما، صار الكثير من الأميركيين يعتبرونه واحدا منهم». وقال نوح بأنه يمكن أن يكون مثل أوباما. وأن الأميركيين الذين لا يرتاحون له بسبب أمه السوداء سيغيرون هذا الرأي في وقت لاحق. في الوقت الحاضر، لا يقلق كثير من الأميركيين على تعليقاته الفكاهية عن المشاكل بين البيض والسود. لكن، كما قالت الصحيفة: «يعتبر الأميركيون المشاكل والاختلافات العرقية موضوعا حساسا، مثل موضوع راتب الشخص، أو دينه، أو الجنس بين اثنين. وإذا تحدثوا عن هذه الأشياء، تحدثوا في حذر». وأضافت الصحيفة: «لا بأس من نكتة عن البابا، وعن الفقر، وعن الجنس. لكن، في حدود». لهذا، حذرت نوح ألا يكثر من النكت عن المشاكل بين البيض والسود. وخاصة، عن نفسه كنصف أبيض، أو نصف أسود. ونصحت نوح: «أوباما لا يتحدث كثيرا عن أبيه وأمه، ناهيك عن التندر عليهما». لكن، في أول حلقة في برنامجه الجديد، أكثر نوح من ذلك: تندر على نفسه عندما جاء إلى الولايات المتحدة، ووقف في صفوف الجمارك والجوازات. وقال: «سألوني إذا كانت عندي أي صلة مع مرض إيبولا. وكان إيبولا اسم عمي، أو اسم خالي». وتندر على تصفيق النساء البيضاوات له، وإعجابهن به. وقال: «هذه هي السعادة، السعادة البيضاء». وتندر على أنه كان أول أسود يزور مدينة في ولاية كنتاكي، وأول أسود يزور مدينة في اسكوتلندا. وطبعا، لم ينس التندر على نفسه عندما استجوبه شرطي أبيض. موضوع آخر حساس يقدر نوح على التندر عليه، لكنه ربما يريد أن يكون حذرا أيضا: الإسلام والمسلمين (حتى أن الأميركيين الذين ينتقدون الإسلام والمسلمين يفعلون ذلك في حذر). في واحدة من حلقاته الفكاهية، تندر على المسافرين العرب في الطائرات الأميركية (وصفهم بأنهم «سود الطائرات»). وتندر على عبارة أن «كل إرهابي مسلم، لكن ليس كل مسلم إرهابيا». وتندر على نفسه إذا كان صحافيا في صحيفة «شارلي إبدو» الفرنسية (التي قتل إرهابي مسلم عددا من صحافييها). وقال: إن لونه الأسمر كان سينقذه (ربما كان سيقول: إنه عربي). وأخيرا، مثل أوباما، يتفاءل المتفائلون به، لكن، يقول المتشائمون بأنه، في نهاية المطاف، أسود.
مشاركة :