الظلم وما أدراكم ما الظلم، يقول «حمد» عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية حدثت مشاجرة بيني وبين أحد الطلاب المتفوقين في مدرستي، فقررت بعد تلك المشاجرة أن أدمر مستقبله، فحضرت في الصباح الباكر ومعي مجموعة من سجائر الحشيش التي كنا نتعاطاها ووضعتها في حقيبة ذلك الطالب، ثم طلبت من أحد أصدقائي إبلاغ الشرطة بأن في المدرسة مروج مخدرات، وبالفعل تمت الخطة بنجاح، وكان الشهود من الذين يستخدمون المخدرات معنا، وقد تدمر مستقبل زميلنا هذا، وتشوهت سمعته، ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني نتيجة الظلم الذي صنعته بيدي. فقبل سنتين تعرضت لحادث سيارة فقدت بسببه يدي اليمُنى، وقد ذهبت للطالب عدة مرات في منزله أطلب منه السماح ولكنه رفض لأنني تسببت في تشويه سمعته بين أقاربه وأصدقائه وجيرانه حتى صار شخصاً منبوذاً من الجميع، وقد أخبرني بأنه يدعو عليّ كل ليلة لأنه خسر كل شيء بسبب تلك الفضيحة، ولأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب فقد استجاب الله دعوته، فها أنا بالإضافة إلى يدي المفقودة أصبحت مقعداً على كرسي متحرك نتيجة حادث آخر! ويتابع حمد ومع أني أعيش حياة تعيسة فإني أخاف من الموت لأنني أخشى عقوبة رب العباد يوم الحساب. لا حول ولا قوة إلا بالله، الظلم ظلمات يوم القيامة، وسبحان الله فلا يمكن أن يفلت الظالم من العقاب مهما كان، فالعقاب حاصل له حاصل، وإن نجا منه في الدنيا فلن ينجو منه في الآخرة، ولذا فإن على كل عاقل ذي مروءة ورشد أن يتقي الله في عباد الله فلا يظلم أحداً مهما بلغ من القدرة على ذلك، ولعل أكبر وأعظم وأقبح أنواع الظلم هو الشرك بالله قال تعالى «إن الشرك لظلم عظيم» والظلم أنواع ومن أخطره ظلم العباد، وقد قال صَلى الله عليه وسلم «الظلم ظلمات يوم القيامة» رواه مسلم، وقال أيضاً: «اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب» متفق عليه. لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ تنام عينك والمظلـوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنمِ. فلا تظن أيها الظالم المتسلط أن الله لن ينتقم منك لهؤلاء المظلومين الذين يصبحون ساخطين عليك، ويبيتون يدعون عليك، والله يعلم ما كان منك وما عليك، واحذر أيها الظالم يوم الأذان، وقد روي أن طاووس بن كيسان دخل على هشام بن عبدالملك فقال له: إني أحذرك يوم الأذان، فقال هشام: وما يوم الأذان؟ قال طاووس: وأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين فصعق هشام بن عبدالملك. والظلم قد يشمل البهائم أيضاً وكل الكائنات الحية، ومن أسوئه أيضاً ظلم الأموات بعد موتهم بأن يتهمهم المرء بأمر لم يعملوه فلا يستطيعون أن يدافعوا أو ينتصروا لأنفسهم فينتصر الله لهم سبحانه، والظلم كله قبيح لكن ظلم الأقارب أشد قبحاً. قال طرفة بن العبد: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند. كفانا الله وإياكم من الظلم وأهله، ونسأله عز وجل ألا يجعلنا ظالمين ولا مظلومين.
مشاركة :