باشر حزب الليكود المعارض، بقيادة بنيامين نتنياهو، تنفيذ خطته لإحراج وبالتالي إضعاف وإسقاط الحكومة الإسرائيلية، وذلك عن طريق طرح سلسلة مشاريع قوانين يمينية، كان رئيس الوزراء الحالي نفتالي بنيت، يؤيدها قبل تسلمه الحكم. ومن بين أبرز هذه المشاريع، قانون يمنع الولايات المتحدة من فتح قنصلية في القدس تُعنى بشؤون الفلسطينيين، ومنها قانون يفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. ومع أن نتنياهو بنفسه كان قد تقبل نية الإدارة الأميركية فتح القنصلية، ووقّع على «اتفاقيات إبراهيم» التي تم بموجبها تجميد مخطط الضم وفرض السيادة في الضفة الغربية، فإنه وافق على هذين المشروعين وعلى مشاريع قوانين أخرى من النوعية نفسها، لكنه يثيرها الآن، فقط، لكي يُحرج الحكومة ويمسّ بهيبتها ويدفع بممثلي اليمين المتطرف فيها إلى التمرد عليها والتصويت ضدها في الكنيست (البرلمان). كان المشروع الأول في سلسلة هذه القوانين قد طرحه عضو الكنيست نير بركات، الذي يخطط لاستبدال نتنياهو في رئاسة الليكود. ومشروع القانون الذي طرحه، أمس (الأربعاء)، مع 30 نائباً آخر من أحزاب المعارضة، ينص على تعديل «قانون أساس: القدس عاصمة إسرائيل»، بإضافة بند عليه «يُمنع فتح ممثلية دبلوماسية تخدم (كياناً أجنبياً) في القدس». وقد بدا واضحاً أن هذا القانون يستهدف إجهاض قرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس لتقديم خدمات للفلسطينيين. وقد تمكن بركات، وهو رجل أعمال ثري وكان لدورتين رئيس بلدية القدس، من تجنيد 30 عضو كنيست وقّعوا على المشروع، وهم ليسوا من أحزاب المعارضة، فحسب، بل يوجد بينهم نائب من الائتلاف الحاكم، هو عميحاي شيكلي من حزب «يمينا»، الذي يقوده رئيس الحكومة نفتالي بنيت. ويتزامن هذا الاقتراح مع قرار البيت الأبيض فتح القنصلية في القدس، تنفيذاً لوعد الرئيس بايدن خلال حملته الانتخابية. ففي حينه أعلن بايدن أنه يعتزم إلغاء قرار الرئيس دونالد ترمب، إغلاق القنصلية عقاباً للفلسطينيين. وقال إنه في حال فوزه سوف يعيد فتح القنصلية في القدس. وفي مايو (أيار) الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال زيارته رام الله، أن إدارة بايدن ستعيد فتح القنصلية الأميركية في القدس لخدمة الفلسطينيين، وتنظيم العلاقات الدبلوماسية معهم، موضحاً أنها طريقة مهمة «للتعامل وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني». ولكن الحكومة الإسرائيلية الجديدة توجهت إلى واشنطن تطلب تأخير إعادة فتح القنصلية، بادّعاء أن رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، يستخدم الإعلان عن إعادة افتتاح القنصلية لمصلحته السياسية، ويروّج لفكرة أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ضعيفة أمام الأصدقاء والأعداء و«لا يمكنها الوقوف في وجه إدارة بايدن». وفي ضوء قرار بركات طرح المشروع، توجهت الإدارة الأميركية إلى رئيس الوزراء نفتالي بنيت، ورئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية يائير لبيد، تطلب موافقتهما على إعادة فتح القنصلية، فوراً. وقال بركات إن «مشروع القانون يأتي إثر عزم الحكومة الاستسلام لضغوط دولية، بواسطة فتح قنصليات تمنح خدمات للفلسطينيين داخل القدس. وباستثناء الخطر السياسي، تشكّل هذه الخطوة خطراً أمنياً وتسمح بدخول فلسطينيين إلى القدس». وأضاف: «لن نسمح للحكومة بالمساس بمكانة القدس كعاصمة إسرائيل الموحدة. ولأسفي، يعمل في الحكومة وزراء يسعون إلى تقسيم القدس واستدعاء ضغوط من المجتمع الدولي ضدنا. وهذا خطر حقيقي يستهدف مكانة عاصمة إسرائيل». وفي الإطار نفسه، قدم عضو الكنيست ميكي زوهار من الليكود، أمس، مشروع قانون إلى اللجنة الوزارية للتشريع، يقضي بفرض «السيادة الإسرائيلية» على المستوطنات في الضفة الغربية. وأكد هو أيضاً أنه يستهدف إحراج أحزاب اليمين في الحكومة الإسرائيلية. وقد ردّ مسؤول في كتل الائتلاف الحاكم بأن الحكومة لا تنوي التعامل مع هذه الاقتراحات، مضيفاً أن «نتنياهو لم يفرض السيادة طوال 12 سنة وبينها 4 سنوات مع إدارة ترمب، والجمهور يعرف ذلك جيداً».
مشاركة :