دمشق 14 يوليو 2021 ( شينخوا) أثار رفع الحكومة السورية سعر المازوت والخبز مؤخرا قلق غالبية السوريين من ذوي الدخل المحدود ، الأمر الذي ساهم في زيادة معاناهم المعيشية خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي التي تعيشه سوريا بسبب العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ، والأزمات التي أفرزتها الحرب التي اندلعت منذ مارس 2011 . وكانت الحكومة السورية قد رفعت يوم (السبت) الماضي سعر مادة المازوت المدعوم من 185 ليرة سورية ( أي كل واحد دولار أمريكي يساوي 2512 ليرة سورية حسب سعر الصرف الرسمي ) للتر الواحد من المازوت إلى 500 ليرة سورية وسعر ربطة الخبز المدعوم من 100 ليرة سورية إلى 200 ليرة سورية بنسبة 100 في المئة. وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا) ، فإن الزيادة في أسعار المحروقات ترجع إلى ارتفاع أسعار الوقود عالميا، إضافة إلى العقوبات الغربية المفروضة على سوريا. وبالرغم من أن الرئيس السوري بشار الأسد أصدر بعد يوم من رفع الحكومة أسعار المازوت والخبز، مرسومين يقضيان بزيادة رواتب الموظفين والعسكريين والمتقاعدين بنسبة 50 بالمئة لكل موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين، و40 بالمئة للمتقاعدين من مدنيين وعسكريين والتي كانت لها وقع إيجابي لدى بعض الشرائح الاجتماعية ، إلا أنها لم تكن كافية لمنع السوريين من توجيه النقد للحكومة التي رفعت الأسعار دون النظر للوضع الاقتصادي والمعيشي لهذا المواطن الذي أرهقته الحرب والأزمات التي أفرزتها تلك الحرب على مدى العشر سنوات الماضية. وعبر المئات من السوريين عن استيائهم من رفع أسعار المازوت والخبز لكونهما مادتين أساسيتين في حياة الأسر السورية ، وانعكاساتهما السلبية على حياته اليومية . وعبر أبو حسن (55 عاما) وهو موظف متقاعد ، عن قلقه من هذه القرارات الحكومة التي وصفها بأنها "مجحفة" بحق المواطنين ولا تراعي الواقع . وقال أبو حسن لوكالة أنباء ( شينخوا) " بمجرد ارتفاع سعر المازوت إلى 500 ليرة سورية ، فإن أسعار السلع كلها سترتفع " ، مبينا أن الدخل المادي الذي يكسبه لا يتناسب مع ارتفاع الأسعار التي حدثت . وتابع يقول " أولادي مازالوا يدرسون في الجامعة ، وهذا يتطلب منهم الذهاب عبر وسائط النقل العامة التي تعمل على الديزل ، بالتالي أجور النقل ارتفعت 100 بالمئة ، وهذا زاد من أعبائي المادية وبات مكلفا وليس بمقدورهم الذهاب يوميا إلى الجامعة " ، مشيرا إلى أن هذه القرارات فاقمت من أزمة المواطن . وحال أبو حسن يشبه حال الكثير من السوريين الذين انقلبت حالتهم بين ليلة وضحاها ، ولم يعد بإمكانهم مواكبة الحياة بسبب الغلاء الذي جعلهم يستغنون عن أشياء كثيرة كانت أساسية بالنسبة لهم . أبو محمد ( 47 عاما ) نجار يعمل بشكل يومي ، وقف أمام محلات الخضار يقرأ الأسعار التي قفزت قفزات نوعية ، معبرا عن اندهاشه من هذه الأرقام . وقال لـ( شينخوا) وعلامات الدهشة ما زالت مرتسمة على وجهه " ما هذه الأرقام يا إلهي ، كل شيء ارتفع " ، داعيا الحكومة إلى ضرورة مراقبة الأسواق لوضع حد لجشع التجار التي تضع أسعار لا تتناسب ودخل السوريين . وأضاف متسائلا " في سنوات الحرب كان الوضع أفضل كنت أعيش بشكل جيد ، فكيف بعد الحرب؟ يفترض أن تتحسن الأوضاع لا أن تسير نحو الخلف " . وما أن اجتمع اثنان حتى كان الغلاء حديثهما خاصة وأن هذا الارتفاع جاء قبيل عيد الأضحى المبارك. وقالت أم ساره ( 37 عاما ) ، موظفة في القطاع الخاص ، " يبدو أن الغلاء سيسرق بهجة العيد من الكثير من الأسر ، ولن يجعلنا نعيش فرحة العيد " ، مؤكدة أن ارتفاع الأسعار التي جاءت على خلفية رفع أسعار المازوت ، زادت من أعباء الحياة . وأشارت إلى أن أسعار الخبز دفعت الناس لفرض سياسة تقشف جديدة على الأسرة السورية ، وربما تقليل عدد الوجبات . ولاحظ مراسل وكالة أنباء ( شينخوا) وجود ارتفاع ملحوظ على كثير من أسعار السلع ، بسبب رفع سعر المازوت المرتبطة بنقل المواد وتصنيع الكثير منها عبر الآت تعمل على الديزل . كما ارتفعت أجور النقل في داخل المحافظات ، وبين المحافظات الأمر الذي شكل صدمة كبيرة لدى الطلبة الذين يأتون من محافظات بعيدة لتقديم امتحاناتهم التي بدأت منذ أيام . من جانبه قال الدكتور سعد بساطة وهو محلل اقتصادي سوري لوكالة أنباء ( شينخوا) إن " العالم كله يعاني من ارتفاع بالأسعار من المشتقات النفطية وندرة لكثير من المواد اليومية ومن ارتفاع أسعار تلك المواد الغذائية " ، مؤكدا أن سوريا "ليست استثناء" ، مبررا ذلك أن سوريا تعاني من عقوبات اقتصادية ومن انعكاسات الحرب التي دامت عشر سنوات ، إضافة لسيطرة بعض التجار على السوق المحلية . وبين المحلل الاقتصادي السوري أن هناك هوة كبيرة باتت واضحة بين دخل المواطن الحالي وبين أسعار السلع التي ارتفعت بشكل مضاغف ، لافتا إلى أن المواطن هو الذي يدفع ضريبة الغلاء دائما . وأشار إلى أن الكثير من الأسر السورية استغنت عن الكثير من السلع الأساسية ، لكي تستطيع مواكبة الحياة بالحدود الدنيا . وقال رئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس أمس (الثلاثاء) إن "الحكومة تتقاضى أقل من 10% من سعر مادتي الخبز والمازوت". وأضاف عرنوس في حديث للتليفزيون الرسمي السوري إن " تحريك سعر الخبز والمازوت جاء لضمان استمرار تأمينهما". وأشار عرنوس إلى أن "سياسة الدعم مكون أساسي في الاقتصاد السوري"، لافتا إلى أن " تمويل الموازنة بالعجز سيؤدي إلى التضخم وهذا له أثار كبيرة". وتابع عرنوس انه "لن يكون هناك تراجع عن الدعم لكن قد تختلف أشكال هذا الدعم"، مبينا أن "قيمة دعم الخبز يومياً من 5 إلى 6 مليارات ليرة". واوضح عرنوس انه "تم التركيز على الإنتاج و الاعتماد على الذات لمواجهة الإجراءات الاقتصادية القسرية" .
مشاركة :