طرابلس 17 يوليو 2021 (شينخوا) يلقي غلاء الأسعار وتفشي جائحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) بظلالهما على قدرة وإقبال الليبيين على شراء أضاحي عيد الأضحى، الذي يحل الثلاثاء المقبل في غالبية الدول العربية. ففي سوق مفتوح بضاحية جنزور غربي العاصمة الليبية طرابلس، يعرض تاجر الأغنام الليبي محمود خير الله، نحو 100 رأس، لكنه لم يحظ بإقبال كبير لبيعها رغم قرب حلول أول أيام العيد. لذلك يرى خير الله أن هذا العيد مختلف كثيرا عن سابقه كون ليبيا تمر بوضع اقتصادي حرج نوعا ما، إلى جانب المخاوف المرتبطة بتفشي وباء كورونا. ويعتمد الاقتصاد الليبي على إيرادات قطاع النفط، وقد تأثر سلبيا بالإغلاقات المتكررة لموانئ وحقول النفط خلال الأعوام الأخيرة بسبب النزاع في البلاد، قبل أن تتولى مقاليد الأمور سلطة تنفيذية موحدة منذ مطلع العام الجاري. ويقول خير الله لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أمارس هذه التجارة منذ أربعة عقود، حيث أقوم بإحضار الأغنام من مراعي شرق البلاد، وهي تعد الأجود سلالة والأفضل وتحظى بإقبال لدى الليبيين، لكن الوضع اختلف كثيرا هذا العام". ويضيف "أن الشراء ضعيف جدا على غير العادة". ويوضح التاجر، وهو يقوم بالنداء على المارة لحثهم على الشراء، "في مثل هذا الوقت من كل عام وقبل أيام قليلة من حلول عيد الأضحى أكون قد قاربت على بيع معظم رؤوس أغنامي، لكن في الحقيقة منذ أسبوع لم تتجاوز المبيعات 20 خروفاً، وهو أقل من ربع العدد الكلي المعروض". ولا يعرف خير الله على وجه التحديد أسباب تراجع البيع، قائلا "لا أعرف حقيقة، لكن ربما الأمر مرتبط بمشكلة السيولة النقدية، التي يبدو أنها عادت مجددا، حيث يتزاحم الناس في طوابير أمام المصارف للحصول على جزء من مدخراتهم، لكن الأموال التي تصرف لهم من البنوك، حسبما علمت، لا تكفي لشراء أضحية العيد". ويتجاوز ثمن الأضحية 1500 دينار ليبي (أكثر من 300 دولار)، وهو مبلغ يعد كبيرا لدى كثير من الليبيين، بحسب خير الله. ويعزو التاجر الليبي ارتفاع الأسعار إلى تكاليف نقل الأغنام وأعلافها التي تتزايد باستمرار، وهو الذي يحتم على مربي الأغنام تحميل هذه التكلفة الإضافية على سعر رأس الغنم. ويقول خير الله "سنويا سعر الأعلاف يرتفع ووصل مؤخرا إلى قرابة 200 دينار للقنطار الواحد (100 كيلوجرام)، وهو سعر مبالغ فيه ولا يمكن تحمله، لكن ليس هناك أمرا يمكن فعله، سوى رفع سعر الأغنام في النهاية". وحاولت السلطات الليبية التخفيف من أسعار الأغنام المحلية، حيث تم توريد أكثر من 300 ألف رأس غنم من الخارج الأسابيع القليلة الماضية، لكنها لم تحدث تأثيرا كبيرا، نظرا لرغبة الليبيين في العادة شراء الخروف المحلي. كما قامت الحكومة الليبية بتوزيع أكثر من 50 ألف رأس غنم على الأسر محدودة الدخل في مبادرة حكومية تستهدف معظم مدن البلاد. وقال الليبي خيري السايح إن الليبيين أضحوا عاما بعد آخر يواجهون مشاكل حقيقية في شراء أضاحي العيد، بعدما كان هذا الأمر غير متصور ولا متوقع قبل سنوات في البلد الغني بالنفط. ويقول السايح، وهو يتجول مرتديا كمامة طبية ل(شينخوا) "منذ أسبوع وأنا أحضر للسوق المفتوح لشراء خروف العيد، لكن في الحقيقة الأسعار خيالية وليست في متناول الجميع". ويضيف "لدي ألف دينار فقط، وهذا المبلغ لا يمكنني من شراء خروف جيد ومناسب فأنا أعول سبعة أفراد (..) وخروف واحد بالمبلغ الذي أملك ليس جيدا كفاية، إلى جانب أنه رأس غنم صغير لا يستحق دفع هذا المبلغ". وبجانب الصعوبات الاقتصادية، يبدو أن تفشي وباء كورونا خلال الأيام الماضية في ليبيا أثر سلباً على حركة البيع والشراء لأضاحي العيد. بل دفع تفشي الوباء إلى إلغاء أسواق الماشية الشعبية في بعض المدن، مثل مدينة الزاوية رابع أكبر مدن البلاد، إذ دخلت المدينة الواقعة على بعد (40 كلم) غرب طرابلس في إغلاق شبه كلي، نظرا لتفشي مرض فيروس كورونا فيها. ويقول الليبي نوري البلعزي ل(شينخوا) "دفعنا تفشي الوباء إلى الذهاب إلى مدن مجاورة لشراء أضحية العيد، حيث أغلق عدد من أسواق الماشية في المدينة، وحتى ما تبقى منها مفتوحا لا يمكن المجازفة والتجول فيه لأن أعداد المصابين في ارتفاع يومي، وبالتالي صار استقبال العيد وشراء الأضاحي خجولاً هذا العام". ويضيف "كان ينبغي على الحكومة دعم مربي الأغنام بتحمل جزء من ثمن الأعلاف لأن كثير من الشعب لا يمكنه تحمل شراء أضحية يتخطى سعرها ألف دينار مع الاحتياجات اليومية التي ترهق جيوبنا، وبالتالي صار من يشتري خروفا يحقق نصرا في وضع اقتصادي صعب". وفرضت الحكومة الليبية إجراءات احترازية لمواجهة تفشي وباء (كوفيد-19) بعد تسجيل أعلى معدل إصابات يومي اقترب من 3 آلاف حالة. وتضمنت هذه الإجراءات إغلاق المقاهي وصالات المناسبات الاجتماعية لمدة أسبوعين ومنع إقامة المآتم والأفراح واستخدام وسائل النقل الجماعي. كما أقرت خفض عدد العاملين في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص إلى 25 % فقط، ولمدة أسبوعين قابلة للتمديد. وأغلقت ليبيا قبل عشرة أيام حدودها مع تونس، وعلقت الرحلات الجوية بين البلدين لمدة أسبوع "احترازياً" على تفاقم الوضع الوبائي في تونس نتيجة تفشي وباء كورونا. وتجاوز إجمالي الإصابات بمرض فيروس كورونا في ليبيا 200 ألف حالة، بينها 181 ألف حالة شفاء وثلاثة آلاف حالة وفاة.
مشاركة :