التخصص الجامعي.. الاختيار الصعب!

  • 7/18/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رسم المسار المهني والوظيفي لطلاب الثانوية العامة عبر اختيار التخصص الدراسي المناسب في المرحلة الجامعية، قد يبدو أمراً صعباً على الكثيرين منهم، لكن عندما ينجح الطالب بذكاء في تحديد مساره العلمي وبالتالي مستقبله الوظيفي المناسب لقدراته ورغباته الشخصية، سيصبح من السهل عليه الحصول على وظيفة أحلامه. نعرف أن الأحلام كبيرة لكن التحديات التي تواجه الطلاب أكبر، خاصة في ظل النمو المتسارع لسوق العمل وتنوع التخصصات الأكاديمية، كل ذلك يصنع ضغوط تحير الطلبة في اختيار الأنسب والأمثل لمستقبلهم الأكاديمي والمهني، وإذا غاب الإرشاد الأسري والطموح تصبح مشكلة الطالب مضاعفة في رسم خريطة مستقبله في عصر لا ينطلق فيه مهنياً سوى من يمتلكون مهارات خاصة وأدوات تعينهم على النجاح والتميز في شتى المجالات. تخصصات أكاديمية منوعة توضع أمام طلبة الثانوية العامة من مختلف الكليات والجامعات في الدولة، وعلى الطلبة تقع مسؤولية الاختيار الصحيح، واتخاذ القرار النهائي بشأن التخصص الأكاديمي الذي يودون إكمال مسيرة الدراسات الأكاديمية فيه، بشكل يتناسب، ويتماشى مع قدراتهم ومهاراتهم. وتتنوع التخصصات التي تطرحها الجامعات في الدولة، فعلى سبيل المثال، تطرح كليات التقنية العليا في الدولة نحو 71 برنامجاً دراسياً خلال الفصل الدراسي المقبل «2021 - 2022»، ضمن 6 تخصصات رئيسة، هي: إدارة الأعمال، وعلوم الحاسوب والمعلومات، والتربية، وتكنولوجيا الهندسة، والعلوم الصحية، والإعلام التطبيقي. في حين، تطرح جامعة الشارقة أكثر من 100 برنامج أكاديمي، وتضم 14 كلية وتقدم الجامعة كافة الدرجات العلمية، ومنها: الماجستير والبكالوريوس والدكتوراه، فيما تقدم «جامعة الإمارات» مجموعة كاملة من برامج الدراسات العليا والجامعية المعتمدة، إذ تحتوي على تسع كليات، وتقدم من خلالها برامج البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في مختلف مجالات الدراسة، فضلاً عن برامج التعليم المستمر. كما تُصنف بالمرتبة الأولى على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، والثالثة على مستوى الوطن العربي والـ 284 عالمياً، فضلاً عن أنها من ضمن أفضل 50 جامعة تحت عمر الـ50 سنة على مستوى العالم. بالإضافة إلى توفر فرص التعلم الذكي، والتي تقدمها عدد من الجامعات في الدولة منها على سبيل المثال «جامعة حمدان بن محمد الذكية»، والتي تأسست في عام 2002 كأول مؤسسة تعليمية في الإمارات العربية المتحدة لديها منصة للتعلم الإلكتروني، وتقدم الجامعة برامج البكالوريوس في إدارة الأعمال، والجودة، وإدارة الموارد البشرية، والمحاسبة، بالإضافة إلى دبلوم الإدارة الصحية. وتقدم الجامعة برامج الماجستير في العديد من التخصصات التي تشمل التميز المؤسسي، وإدارة الإبداع والتغيير وريادة الأعمال، والصحة العامة، وإدارة المشاريع، والصيرفة والتمويل الإسلامي، والإدارة البيئية، وإدارة المستشفيات، وتقنيات التعليم التفاعلية، ودرجة الدكتوراه في إدارة الجودة الشاملة، وإدارة الرّعاية الصّحية، والقيادة التربوية. وتقدم الجامعة منحة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم لطلاب المدارس الثانوية الذين يحصلون على معدل 90 % وما فوق في العام نفسه من تقديم الطلب وتشمل هذه المنحة الإعفاء الكامل من الرسوم. هبة محمد هبة محمد الميول والقدرات ومن جهتها، قالت هبة محمد أمين السر العام لجمعية الاجتماعيين وموجهة خدمة اجتماعية بوزارة التربية والتعليم سابقاً: «خارطة الطريق للطالب لا تحدد بين يوم وليلة، ولكن هناك مؤشرات وإضاءات من توجهات الطالب وميوله ومواهبه، ورغباته، ومن خلال الحوار مع الوالدين يبرز ويظهر للطالب الاختيار الأمثل له، وذلك بما يتناسب مع الواقع الفعلي لسوق العمل، فلا بد أن يطلع كل من ولي الأمر والطالب على الأماكن المتاحة والتي توجد فيها فرص العمل والتي يمكن اقتناصها بنجاح، وعلى ولي أمر الطالب أن يناقش مع ابنه أو ابنته تلك الفرص وكم تتناسب مع ميولهم وقدراتهم، من خلال الحوار الإيجابي من دون ضغوطات نفسية حتى يكون الاختيار على بينة ودراسة». وأشارت إلى أنه قد يتبين للطالب أن قرار اختيار التخصص بعد الخوض فيه لا يحقق الهدف المنشود، وعليه يكون هنا التغيير واجباً، فليس عيباً تغيير التخصص إذا كان غير مناسب، حتى لا يفقد الطالب هدفه وطموحه وشغفه في تحقيق حلمه، وتحقيق غايته من الدراسة والتحصيل. إيمان بوشليبي إيمان بوشليبي خيارات المرحلة بدورها، أكدت إيمان بوشليبي، مدير إدارة مكتبات الشارقة العامة على حرص الإدارة بتنظيم مثل هذه المعارض، حيث إنهم من خلالها يقفون إلى جانب الطلاب ويساهمون في إرشادهم لاختيار حياتهم الأكاديمية وتزويدهم بكل ما يلزم من خيارات لبدء هذه المرحلة المهمة، الأمر الذي يتماشى مع رؤية وأهدافهم الرامية إلى تفعيل دور المكتبات وحضورها كمرجعية ثقافية وفكرية حاضنة لطموحات وآمال الشباب، وركيزة أساسية في تطوير فكر ووعي جميع فئات المجتمع. وأشارت إلى أنه من خلال معارض التخصصات يأملون أن يحققوا الفائدة للشباب وأولياء أمورهم في توجيههم نحو اختيار تخصصاتهم المناسبة، مما تطرحه المؤسسات والجامعات الأكاديمية في الدولة، خاصة في ظلّ كلّ هذه التحولات والتطورات التي يشهدها عالم الأعمال، مضيفة: ونتمنى أن نكون سبباً في تمكينهم من المهارات والخبرات الجديدة والمفيدة. وجهات نظر وكان لأولياء الأمور وجهات نظر متفاوتة، حيث أكد البعض، أن اختيار التخصصات الحديثة يمكن أن يحقق فرصاً أعلى في الحصول على الوظيفة لأبنائهم، لذلك فهم حريصون على أن يكون التخصص حديثاً ومطلوباً بغض النظر عن ما قد يتكبدونه من ضغوطات مادية من أجل أن يحصل أبناؤهم على شهادات أكاديمية متخصصة بمجالات حديثة، في حين عبر البعض عن أن التخصص والحصول على وظيفة قد لا يسيران دائماً بشكل متوافق، إذ لا بد على أبنائهم أن ينموا مهاراتهم ليستطيعوا أن يحققوا أنفسهم وذاتهم في سوق العمل، خاصة وأن العمل في القطاعات الحكومية لن يكون في المستقبل متاحاً للجميع من وجهة نظرهم. وقال عصام حسن ولي أمر: نحن في زمن له إيقاع متسارع، كما أن الدخل المادي الآن وبسبب انتشار وسائل «التواصل الاجتماعي» ومنصاتها المتعددة لم يعد مرتبطاً فقط بالتخصص الأكاديمي الجيد والشهادة العلمية، إذ أصبح أبناؤنا يرون عدداً كبيراً من مشاهير «التواصل الاجتماعي» قد لا تكون لديهم شهادات علمية عالية، ولكن مدخولهم المادي كبير جداً، وذلك بات أمراً مقلقاً ومحيراً، إذ أصبح يؤثر على توجهات العديد من جيل الشباب. التمهل يقود إلى القرار الصحيح لكن بغض النظر عن إعداد الكليات والجامعات والتخصصات الحديثة والذكية التي توفرها والتي يتطلبها سوق العمل المتغير بشكل متسارع الآن، فإن مسؤولية الاختيار الصحيح لا تزال تشكل عبئاً نفسياً ومادياً كبيراً، وأعرب الدكتور حسين محمد المهدي، عميد الخدمات الأكاديمية المساندة في جامعة الشارقة عن أن اختيار الطالب لتخصصه من أهم القرارات التي يجد الطالب نفسه أمامها في عمر مبكر وبصورة عامة، فإننا ننصح الطالب بأن يعطي هذا القرار الوقت الكافي لكي يوفق في اتخاذ القرار الصحيح. وقال: «تشير الأبحاث العلمية إلى أن اختيار الطالب لتخصص في الجامعة يكون وفق: ميول الطالب ورغباته، واختيار وفق آراء وتأثير الأقران، بالإضافة إلى الاختيار وفق تأثير الأهل وإمكانياتهم المادية». وأضاف المهدي: «لا بد أن يتم اتخاذ مثل هذا القرار على أسس علمية صحيحة أهمها: الميول والرغبة وما يعرّف في الوسط التربوي بالإمكانيات والقدرات الذهنية للطالب، فليس من الأنسب أن يختار تخصصات هندسية في حين يكون الطالب متعثر في مواد الفيزياء والرياضيات»، مشيراً إلى أنه يجب على الطالب أن يأخذ في اعتباره مستقبله وخاصة فيما يتعلق بسوق العمل وفرص التوظيف التي يؤهله لها تخصصه الجامعي واعتبار دراسته الجامعية بمثابة جسر يعبر من خلاله إلى المرحلة التالية ألا وهي مرحلة بناء أسرته وتوفير مستلزمات الحياة من خلال الوظيفة التي تؤمنها لها مؤهلاته الدراسية والخبرات والمهارات التي اكتسبها. وتابع عميد الخدمات الأكاديمية المساندة في جامعة الشارقة: «فيما يتعلق باختيار المؤسسة التي يجب أن ينضم إليها الطالب، فهذا القرار أيضاً يعتبر مهماً جداً، حيث تتفاوت المؤسسات التعليمية في جودة البرامج التي تطرحها ومخرجات برامجها مهم جداً لمستقبل الطالب، فهناك معايير يجب على الطالب التركيز عليها عند اختيار الجامعة: أهمها الاعتماد الأكاديمي للبرامج التي تطرحها الجامعة ونوعية البرامج، وكذلك الأنشطة والفرص التي توفرها المؤسسة، والتي عادة ما تكون معروفة عن الجامعة». معـارض التخصصات أكد عدد من الجهات المعنية أهمية وضرورة تنظيم معارض للتخصصات الأكاديمية بهدف توعية الطلبة، وذويهم بالتخصصات المتوفرة والمهارات والوظائف المرتبطة بها، حيث أكدت إدارة المكتبات العامة في الشارقة، أن تنظيم مثل هذه المعارض يساعد الطالب على التخطيط لمسار مهني ناجح من خلال اختيار التخصص المناسب، كما أنها تساهم في خدمة المجتمع من خلال تعريف أخصائيّ التوجيه المهني في مختلف مدارس الإمارات، بالإضافة إلى أولياء الأمور المهتمين بالتخصصات المتاحة، مما يعينهم في توجيه وإرشاد الطلبة لاختيار الأنسب، فضلاً عن أن تلك المعارض تتيح الفرصة لطلاب خارج الإمارات للتعرف على الجامعات في الدولة والتخصصات المتوفرة وآلية التسجيل. ورش متنوعة أكدت إدارة المكتبات العامة في الشارقة أنها أطلقت مؤخراً النسخة الافتراضية الاستثنائية لمعرض التخصصات للمرة الثالثة بمشاركة نحو 1500 من طلاب وجمهور عام، وجمع المعرض مختلف التخصّصات الأكاديمية، وذلك من خلال استضافة جامعات وكليات ومعاهد متنوعة، والتي تُسهم بشكل فعّال في الإجابة عن التساؤلات حول مختلف التخصصات وطبيعة العمل بها مستقبلاً. ويتضمن المعرض العديد من الورش المتنوعة التي تساعد الطلاب على كسب معرفة عن كيفية اختيار التخصص الجامعي، مشيرة إلي أن مثل هذه الفعاليات تخفف من وطأة الضغط النفسي الذي يقع الطلاب فريسة له خلال مرحلة الثانوية العامة، والمشاركة فيها تفتح أمامهم الفرص، والتأملات لاختيار التخصص الأمثل لهم. الفرص المتاحة أكد الطالب حمدان آل علي في المرحلة الثانوية، أن اختيار التخصص الأكاديمي بات لا يعتمد على قدرات ومهارات الفرد فقط، بل أيضاً عليه أن يقيس ماذا يمكن أن يقدم له هذا التخصص في المستقبل؟ وكيف يمكن أن يعينه إذا ما كانت الفرص الوظيفية المتاحة حالياً في مجال العمل الحكومي أقل عن السابق كما أن العمل في القطاع الخاص منهك في كثير من الأحيان، ومردوده المادي غير عال، فلا بد من التوجه إلى الأعمال الحرة والتجارة، وهي تعتبر أيضاً نوعاً من المغامرة. وقال: نحن الجيل الحالي والأجيال التي ستأتي من بعده أوقاتنا أصعب في مجال الوظيفة والتخصصات الأكاديمية، إذ أننا نشهد ساحة تنافسية شرسة أمامنا في مجال تامين أنفسنا مادياً وأكاديميا وهو ضغط كبير نخضع له نحن وأولياء أمورنا. مخاوف عدة أكدت الطالبة حمدة حميد في المرحلة الأخيرة من دراستها الجامعية أن الصعوبة لا تشتمل على الاختيار الصحيح فقط، ولكن أيضاً هناك مخاوف عدة تطال الطالب خلال سنوات الدراسة والتي تمتد بين 4 و6 سنوات، وخلالها تحدث تغيرات عديدة، وتطرح تخصصات جديدة تكون مطلوبة بشكل أكبر من التخصص الذي قامت هي على سبيل المثال بدراسته، مشيرة إلى أن الخريج يظل يحمل هم الحصول على الوظيفة، وما إذا كان تخصصه لا يزال مطلوباً من قبل الجهات، أو أن فرصه في التعيين باتت ضئيلة، وهنا عليه أن يحمل مسؤولية الحصول على أي وظيفة حتى وإن كانت ليست ضمن اختصاصه ليتسنى له أن يحقق مدخولاً مادياً مستقراً.

مشاركة :