واصلت الشرطة الإسرائيلية إعدام الشبان المقدسيين بزعم محاولتهم تنفيذ عمليات طعن ضد الجنود المنتشرين بكثافة في كل أنحاء المدينة، وقتلت فتى فلسطينيا في منطقة باب العامود بعد أن أطلق الجنود تجاه عدة رصاصات. وأعلنت ناطقة بلسان الشرطة أن شابا فلسطينيا حاول طعن جندي في منطقة باب العامود بالقدس إلا أن جنودا كانوا في المكان نجحوا في إطلاق النار تجاهه، ما أدى إلى مقتله على الفور. وفي وقت لاحق، أطلقت الشرطة النار على فلسطيني وأردته قتيلا بعد ان هاجم يهودية في السبعينات من عمرها قرب محطة الحافلات المركزية في القدس، مما أدى الى إصابتها بجروح خطرة. وقال ناشطون مقدسيون وعدد من شهود العيان إن الشاب لم يكن يحمل أي سلاح ولإن الشرطة تعمدت إطلاق النار عليه مشتبهين به فقط، خصوصا أنه كان يرتدي «بنطالا عسكريا». وشهدت القدس ومحيطها، أمس، إجراءات إسرائيلية مشددة وغير مسبوقة بعد نشر قوات من الجيش لدعم الشرطة الإسرائيلية. وجاء الانتشار المكثف بعد قرار فرض «الأطواق» على محاور الاحتكاك في القدس أو ضرب حصار حول بعض الإحياء أو القرى في قضاء القدس الشرقية. ونصبت الشرطة مكعبات إسمنتية وحواجز على مداخل بعض أحياء القدس العربية مثل حي جبل المكبر الذي خرج منه عدد من منفذي العمليات. وشكك معلقون على الشؤون العسكرية في جدوى إغلاق عدد من القرى في القدس، قائلين إنّ العازمين على شن هجمات سيجدون سبيلا لتنفيذها وإنّ تكتيكات البطش ستذكي الغضب أكثر. في باريس، بحث وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الأميركي جون كيري أمس مساعي تجنب التصعيد بعد موجة الهجمات في إسرائيل، كما أعلن الناطق باسم الحكومة الفرنسية. وقال ستيفان لوفول في ختام جلسة لمجلس الوزراء: «هناك تصعيد وفرنسا ترغب في وقفه. ستجري اتصالات اليوم مع وزير الخارجية الأميركي للتمكن من بدء عملية يحتمل أن تفضي إلى محادثات». ونقل عن فابيوس قوله إنه «يجب أن يكون هناك إطار عمل دولي لتشجيع إسرائيل والفلسطينيين على التوصل إلى سلام». وأضاف أن «الوضع تدهور بقوة، وفرنسا ستبذل كل ما بوسعها لتجنب التصعيد». من جهته، اتهم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون إسرائيل بالاستخدام المفرط للقوة وفقا لما نقله عنه الناطق باسمه أمس. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم بان أمام صحافيين في نيويورك: «أعتقد أن الأمين العام يرى أيضًا أن استخدام القوة الذي يبدو مفرطا من قبل قوات الأمن الإسرائيلية مثير للقلق ويطالب بتحقيق جاد». وتابع دوجاريك أن العنف «لن يؤدي إلا إلى تفاقم الموقف مما سيقود إلى حلقة مفرغة من سفك عبثي للدماء». وذكر دوجاريك أن بان لا يزال «قلقا للغاية» حيال الوضع في القدس، ويدين كل أعمال الإرهاب في إسرائيل في المناطق الفلسطينية. في غضون ذلك، قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان: «إنّ الإجراءات الإسرائيلية هي وصفة للانتهاكات والتحرشات». وأضافت في بيان لها: «إغلاق أحياء في القدس يمثل تعديا على حرية حركة السكان الفلسطينيين، ولا يعد ردا محدودا على مبعث قلق معين». من جانبه، قال وزير شؤون القدس زئيف الكين لـ«راديو إسرائيل» إنّ الإجراء أمني ولا يمهد لتقسيم المدينة. واستمرت أمس المواجهات بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية وفي قطاع غزة إثر القرار الإسرائيلي الخاص بعدم إعادة جثامين منفذي الهجمات الفلسطينيين إلى عائلاتهم. وقال وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان الذي قدم المشروع إن «عائلة الإرهاب تجعل من دفنه مظاهرة لدعم الإرهاب والتحريض على القتل، ونحن لا يمكننا السماح بذلك». وسيتم دفن الجثامين في مقابر مخصصة لمنفذي الهجمات «كما كان الوضع عليه في السابق». وفي السابق، دفنت إسرائيل كثيرا من منفذي الهجمات الفلسطينيين في قبور تحمل أرقاما ثم أعادت الجثامين في إطار صفقات تبادل بينها وبين السلطة الفلسطينية أو حركة «حماس» أو حتى «حزب الله» اللبناني. وسجلت أعنف المواجهات عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، بعدما شيع الفلسطينيون جثمان معتز زواهرة من مخيم الدهيشة، الذي قضى برصاص الجيش في مواجهات الثلاثاء الماضي. وقالت مصادر طبية إن أكثر من 39 شابا أصيبوا في هذه المواجهات، كما أصيب شاب وفتاة في مواجهات عند البيرة في رام الله. وفي قطاع غزة، أصيب عدد من الفلسطينيين في مواجهات قرب معبر بيت حانون «إيرز» شمال القطاع، وعند مخيم البريج في الوسط. وارتفع عدد الفلسطينيين الذين قضوا في الهبة الحالية إلى 31 من بينهم 7 أطفال في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما بلغ عدد القتلى الإسرائيليين 7 قتلى وأصيب نحو 99 آخرين في عمليات طعن وإطلاق نار. وأوضحت وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد المصابين بالرصاص الحي والمطاطي والاعتداءات بالضرب والإصابات بالحروق نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) بلغ نحو 1400 إصابة، منها 350 بالرصاص الحي و650 بالرصاص المطاطي، بينما أصيب الآلاف بالاختناق نتيجة الغاز السام. وأشارت الوزارة إلى أنه تم تسجيل 150 اعتداء بالضرب على المواطنين والأطفال من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين. وفي سياق متصل أعلن رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع أمس عن «استشهاد الأسير فادي الدربي في مستشفى (سوروكا) في بئر السبع، الذي دخل قبل أيام في مرحلة موت دماغي بعد إصابته بنزيف حاد في الدماغ». وقال قراقع: «إن الأسير الدربي (30 عاما) كان نقل الأحد الماضي من سجن رامون إلى مستشفى (سوروكا)، بعد إصابته بنزيف حاد في الدماغ». وحمل قراقع إسرائيل وإدارة السجون المسؤولية الكاملة عن «استشهاد الأسير الدربي»، مشيرا إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة جديدة بشعة، «وطالبنا بالتحقيق في هذه الجريمة وفي غيرها من الجرائم التي ارتكبت بحق أسرانا». ونعى نادي الأسير والحركة الأسيرة والأسرى المحررين الأسير فادي الدربي. وحمّل نادي الأسير سلطات الاحتلال وإدارة مصلحة سجونها المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير الدربي، «الذي تعرّض لإهمال طبي واضح، لا سيما أنه عانى قبل عامين من نزيف في منطقة السرّة، وكان في حينه معزولاً ولم يقدّم له أي علاج».
مشاركة :