الدف آلة طربية إيقاعية معروفة أما المغزولة فهي سيدة فنانة حد الجنون تحب الفلة وسعة الصدر والتنفيس عن المزنوقين ولا تبالي بما تسببه من إزعاج وهي تنقر دفها كل ما هبها الشوق (واللي تولع بنقع الزير بالدف شقي) ودفها معد لنقره على مدار الساعة وجاهز للاستعمال والإعارة لإذكاء الفتنة وإشعال المساءات الهادئة بالصخب والدفء وشرحة الخاطر، والمغزولة غالبا خالية من الشغل، وشغلها الشاغل دفها تحميه في الشمس نهارا وتصليه على لهب حطب ملتها ليلا وتنوع الإيقاعات حسب المقامات إذ كانت تملك مذياعا وكانت مفتتنة بالطرب وسماع نشرات الأخبار. في الحياة اليوم قد تجد دف المغزولة في دولة من الدول مسؤول حزب أو مدير إدارة حكومية أو سكرتيراً أو مدير مكتب وفي مؤسسة أكاديمية أو حتى على منبر من منابر الثقافة أو الوعظ والإرشاد وهو في الحكومي وفي القطاع الخاص. الإشكال أن دف المغزولة لا يعلم أنه دف مغزولة يمكن أن تطرقه وتدقه يد كل متربص وحاقد وغيور وحاسد. دف المغزولة يرى نفسه الأفهم والأعرف والأحكم والأقدر على حل وحسم الأمور والويل والثبور لمن يخالفه أو يتخطاه ولا يرد الشور إليه. لذا لا يتردد في التهجم على من يهمله أو يتجاهله. في التسعينات من القرن الميلادي الفارط وإبان احتلال صدام للكويت مثلنا ظاهرة خطابية في المنطقة في ظل ظاهرة تسييس المنابر ونمو المد الصحوي وتحولت خطبة الجمعة إلى منشور سياسي قبل ظهور الاتجاه المعاكس وكنا نتلقى بالقبول ما يردنا من الخارج من مجلات موجهة وعناوينها الكبرى ونصغي ونذعن للرموز من خلال الكاسيت ونعيد صياغة ما يردنا وتوظيفه لاستثارة الناس وتكثير الجماهير وأحدنا لم يتردد في مناشدة صدام الانسحاب من الكويت من فوق منبر مسجد في قرية نائية. مؤسف أنه إلى الآن لا يزال البعض يصر على سلب منبر الجمعة روحانيته وتحوير مهمته من تهذيب الوجدان إلى رفع الشعارات والصخب شأن دف المغزولة وسلامتكم.
مشاركة :