المعلم المربي.. عبدالله الحوطي إلى جوار الرحمن

  • 7/30/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بعد مسيرة دامت لنحو 40 عامًا في العمل التعليمي، وبعد سنوات من المعاناة من العجز والمرض انتقل المعلم المربي.. الأستاذ عبدالله الحوطي إلى جوار الرحمن يوم الإثنين الموافق 17 من شهر مايو الماضي، وبفقْده فقدت البحرين بصورة عامة ومدينة الحد على وجه الخصوص أحد رجالاتها المربِّين الذين خدموا سنوات طوالاً في الميدان التعليمي والتربوي فاقت أربعين عامًا ميلاديًا. إنه الأستاذ والمربي الفاضل عبدالله بن محمد عيسى الحوطي، الذي وُلِد بمدينة الحد عام 1940 ميلادية، ونشأ فيها إلى أن قابل وجه ربه الكريم. علمًا بأنه مسجل في الوثائق الرسمية بأن تاريخ ميلاده مسجل أنه مولود عام 1935، ويتوافق ذلك مع ما كان جاريًا آنئذ من ميل كثير من الأهالي وأولياء الأمور إلى تكبير أبنائهم. وقد عاش الحوطي طفولته مع والدته وأخواله من عائلة الجلاليف (القلاف)، ثم مع أخيه الأكبر إلى أن شب واستوى على عوده ونال قسطًا مهمًا من التعليم، وذلك بنيله الشهادة الابتدائية عام 1954 والتي أهَّلَتْهُ كما كان ساريًا في ذلك الوقت للالتحاق بسلك التعليم فعمل مدرسًا حينها.       ونظرًا لطموحه وشغفه بالعلم والتَّعَلُّم لم يكتف بشهادته الابتدائية، بل التحق أثناء عمله مدرسًا لدراسة المرحلة الثانوية في الفترة المسائية. ولحرصه البالغ ودأبه على هذه الدراسة واجتهاده حاز الشهادة الثانوية. وكذلك لم يكتفِ بحيازته الشهادة الثانوية، إذ واصل الدراسة الجامعية عبر الانتساب إلى جامعة بيروت العربية وانتظم فيها كحال الكثيرين من البحرينيين الذين التزموا بالدراسة فيها إلى جانب ممارستهم عملهم في التعليم والتجارة وغيرها من المهن، وتفرغهم لأداء امتحانات الجامعة خلال عطلة الصيف. وتخرّج الأستاذ عبدالله من الجامعة في شهر ديسمبر 1978 بحصوله على ليسانس الآداب /‏ قسم اللغة العربية. وأثناء مسيرته المهنية والتعليمية اجتاز العديد من الدورات التربوية المتخصصة في مجال التربية والتعليم. ونظرًا لإخلاصه وكفاءته في عمله فقد حاز سريعًا ثقة وتقدير مسؤوليه، مما أهَّله لأنْ يعيَّن مديرًا مساعدًا، ثم بعده فترة وجيزة مديرًا لمدرسة قلالي الابتدائية، واستمر في منصبه حتى تقاعد من عمله سنة 1996. وقد جرى تكريمه في احتفالية كبيرة برعاية صاحب السمو المغفور له الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رحِمَه الله وأسكنه فسيح جنانه، بعد خدمة امتدت لمدة 42 عامًا. وحصل الأستاذ الحوطي خلال مسيرة العملية على العديد من شهادات التقدير، منها شهادة تقدير من سمو رئيس الوزراء رحمه الله، وتقدير من وزير التربية والتعليم الأسبق عبدالعزيز الفاضل. إضافة لشهادات تقدير من جمعيات أهلية واجتماعية.   نبذة عن سلوكه وأخلاقه: كان رحمه الله مثالاً للخُلُق القويم، واتسم بكونه شخصًا اجتماعيًا محبًّا للآخرين، وحريصًا على المشاركة في المناسبات التي تعود على الوطن والمواطنين بالخير والمنفعة. ولذا نال المحبة والتقدير مِن جميع مَن تعامل معه من جيرانه ومعارفه، وكذلك من المدرسين والطلبة، لاسيما وأنه كان مبادرًا لخدمتهم دون تفرقة بينهم. ولولعه بالأنشطة الثقافية والاجتماعية التحق - رحمه الله - في سن مبكرة بنادي الإصلاح الخليفي (جمعية الإصلاح حاليًا)، ومارس من خلال فاعلياته جملة من الأنشطة الثقافية والاجتماعية العديدة التي كان النادي يحفل بها ولاسيما فترة خمسينيات القرن الماضي. وكان من خلال انهماكه في تلك الأنشطة وحرصه على إنجاحها قدوة للشباب الأكبر منه سنًا والأصغر. وفيما يخص تدَيُّنَه واجتهاده على التأسّي بسيرة المصطفى رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول عنه أقرانه: إنه كان رجلاً صوَّامًا قوَّامًا ينطبق عليه ما جاء في الحديث الشريف المتَّفَق عليه: «سبعَةٌ يُظِلِّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ،  وشابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه.. اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». وليس أدلّ على تعلُّق قلبه بالمساجد من أنه كان غالبًا ما يقوم بفتح المسجد لصلاة الفجر بعد منتصف الليل، ويظل به متعبّدًا  قائمًا إلى أن يأتي المؤذن للمناداة لصلاة الفجر، ولم يكن قلبه يبارح بيت الله، إذ يظل لابثًا في المسجد بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس ولا يفارقه إلا بعد أدائه صلاة الضحى.   هواياته: ومن واقع حيويّته ونشاطه وتفاعله مع المحيطين به من الأقران والزملاء والأصدقاء كان يهوي الرحلات والسفر، وفي إحدى سفراته وكانت إلى القاهرة حصلت له حادثة طريفة بصحبة بعض أصدقائه المقربين تدلل عن مدى حبه وتعلقه بالمساجد. ويروي هذه الحادثة صديق عمره الأستاذ أحمد محمد المالود، قائلاً: «كنا ستة من الأصدقاء.. عبدالله الحوطي، وأحمد بوقحوص رحمهما الله، أحمد العثمان والأَخَوان عبدالواحد ومحمود الذوادي، وبينما كنا نتمشى في طرقات القاهرة وقت العصر، لمح رحمه الله منارة أحد المساجد عن بُعد، فطلب منّا التوجه إلى المسجد، حاولنا ثنْيَه نظرًا لبعد المسجد عنا ولكوننا على سفر، ولكنه أصر على التوجه للمسجد؛ وهو ما حملنا على أن نستجيب له، فوصلنا إليه وكانت صلاة الجماعة قد قضيت، فأقمناها بجماعتنا، وفوجئنا عند خروجنا بفقْد حذاء أخينا عبدالواحد الذوادي؛ مما اضطره إلى الخروج والمشي حافيًا مما تسبب في استرعاء الأنظار إليه وشعوره بالحرج..». وقد ذهبت الحادثة وبقيت ذكراها الطريفة!   ابتلاؤه بالمرض وصبره: في أواخر حياته لازمه المرض سنين طويلة، فكان صابرًا محتسبًا على ابتلائه إلى أن قابل وجه رب كريم. فرَحِمَه الله وغفر له وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.   المصدر: - معلومات من رفيق دربه الأستاذ أحمد بن محمد المالود أطال الله عمره. - أهل المرحوم جزاهم الله خيرًا وعظَّم الله أجورهم وصبَّرهم على فراق فقيدهم.

مشاركة :