كتاب كزخات مطر يغسل غبار رؤيتنا للحياة، فبعد طي صفحته الأخيرة سنرى صورة أكثر وضوحاً، ثم تتسع رؤيتنا لتصدمنا التفاصيل التي لا ندركها، فنعيش دهشة معرفية جديدة هذا ما استهلت به الشيخة د. شما بنت محمد بن خالد آل نهيان ندوة الكتاب بمجلس الفكر والمعرفة، خلال مناقشة كتاب «خراب.. كتاب عن الأمل» للكاتب الأميركي مارك مانسون، حيث قالت الشيخة د. شما: «كثيرا ما تكون هناك زوايا مظلمة من العالم المحيط بنا، إما لاتساع رؤيتنا للحياة المحدودة ضمن إطار التعود، أو نتيجة غبار صراع الأفكار برحلتنا المعرفية فندرك بعضها، ويختبئ بعضها تحت الغبار، وحين يكون الجو ملبداً بالغبار ننتظر المطر ليغسله ويعيد للرؤية نقاءها». نظرة فلسفية عميقة واليوم نحن أمام كتاب قد نختلف ببعض جزئياته، لكن لابد أن ندرك أننا لسنا أمام كتاب للتنمية الذاتية كما صنفوه، بل كتاب ينظر للحياة بنظرة فلسفية نفسية عميقة وأن عنوانه قد يبعدك قليلاً عن الأمل فتكتشف أنه يلقي الضوء بالمناطق المظلمة بحياتنا لنرى الحقائق وتصدمنا التحليلات من زاوية مغايرة لتلك الزوايا التقليدية للأمل. ثم نكتشف بعد النصف الأول من الكتاب، أننا أمام الألم لا الأمل، وكأنه مشبع بالدافعية لإبقاء طاقات الإنسان الكامنة وأنه بانوراما العصر الحديث لتصل للنهاية محتاجا للحماس والصفاء الذي امتلكته بالبداية لما بالنهاية من صدمات قد تبدو خيالية. كما دعت للتبصر، فيما أشار له الكتاب بالمستقبل وما فيه من سيطرة للهواجس وهيمنة الذكاء الاصطناعي والمخاوف من الخراب الذي قد تتعرض له البشرية بأمل وضعه الكاتب بخانة الأمنيات بنهاية الكتاب. رحلة معرفية كما أشارت الشيخة د. شما لبعض الفجوات في الكتاب، قائلة: بحثت عن الأمل ولم أجده إلا على استحياء فهو لا يتحدث عن الأمل بقدر حديثه عن الألم والتأملات المدعمة بخبرات معرفية فلسفية ونفسية عميقة بالحياة والإنسان، ورغم ذلك كانت رحلة معرفية في أمواج بحر هادر، لم تهدأ صفحة واحدة من صفحاته. وأضافت أن الجملة الأهم في الكتاب هي «لا تأمل بالأفضل، كن الأفضل، كن شيئا أفضل، كن أكثر مرونة وعطفاً وتواضعاً وانضباطاً». وطرحت على العضوات أسئلة حول موضوعات الكتاب وطلبت تقييما له مع أدلة وأقوال وتحليلات فلسفية متعمقة، حيث حمل الحوار إعجاباً بمضمونه وما احتواه من أطروحات فلسفية وتحليلية لواقع الحضارة البشرية، وكانت إجابات العضوات ثرية بوجهات النظر والرؤى الذاتية حول الكتاب.
مشاركة :