يخطئ رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي، إذا ظن أن حصوله على دعم ميليشيات «حزب الله» الإرهابية، سيمهد الطريق أمامه لتشكيل الحكومة الجديدة في بيروت، من دون مشكلات أو إبطاء، لإنهاء فراغ حكومي تعاني منه البلاد منذ قرابة عام كامل. فمثل هذه المساندة، قد تشكل بإجماع الخبراء والمحللين الغربيين إحدى أبرز العقبات، التي قد تعترض خروج حكومة ميقاتي إلى النور من جهة، أو ربما ستعوق تحقيقها لأهدافها، إذا صادق عليها مجلس النواب اللبناني، من جهة أخرى. فالحزب مُصنّف إرهابياً في غالبية الدول الغربية، التي تسعى السلطات اللبنانية لضمان دعمها لأي خطة إنقاذ، يُؤمل في أن يتم الاتفاق عليها بين الحكومة الجديدة في بيروت وصندوق النقد الدولي، بهدف إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية الأسوأ منذ عقود، والتي أدت لسقوط نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، جراء تفاقم معدلات التضخم والبطالة، وفقدان العملة المحلية لأكثر من 90% من قيمتها، وهروب رؤوس الأموال الأجنبية. وفي تصريحات نشرها موقع «مودرن دبلوماسي» الأوروبي المتخصص في تناول الملفات السياسية الأبرز على الساحتين الإقليمية والدولية، أكد الخبراء الغربيون أن «حزب الله» يتحمل المسؤولية الأكبر، على صعيد جعل لبنان إحدى أكثر الدول المُثقلة بالديون في العالم بأسره، ما أجبره سلطاته في مارس الماضي على التخلف عن سداد ديونها الخارجية للمرة الأولى في تاريخ البلاد على الإطلاق. فالسبب الرئيس للوضع المتردي حالياً في لبنان، يعود في المقام الأول إلى الفساد المستشري في أوساط الطبقة الحاكمة، التي يشكل الحزب الإرهابي أحد أبرز مكوناتها. فضلاً عن ذلك، أدى الانفجار الكارثي الذي ضرب مرفأ بيروت قبل عام من الآن، وتُحمّل مسؤوليته المباشرة أو غير المباشرة لتلك الميليشيات الإرهابية، إلى استقالة حكومة حسان دياب، ما قاد لتفاقم المأزق على نحو أكبر. ومنذ تقديم هذه الاستقالة، عرقل «حزب الله» وحلفاؤه محاولات زعيم تيار المستقبل سعد الحريري لتشكيل حكومة جديدة، ما رسخ الفراغ السياسي والشلل الحكومي في البلاد، وأذكى شكوك الجهات المانحة على الساحتين الإقليمية والدولية، مما دفع الحريري في نهاية المطاف، إلى الاعتذار عن مواصلة الاضطلاع بمهمته، ليخلفه في ذلك نجيب ميقاتي، الذي يحظى برضا «حزب الله». وحذر الخبراء من أن تحركات الحزب في الفترة المقبلة، هي التي ستحدد ما إذا كان الدعم المالي سيتدفق على لبنان بعد التشكيل المرجح للحكومة الجديدة فيه، أم أن هذا البلد سيتعرض لعقوبات تشل اقتصاده كما يحدث مع إيران، التي تتخذ السلطات الأميركية تدابير صارمة حيال النظام الحاكم فيها، منذ عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وبحسب الخبراء الغربيين، من غير الواضح حتى الآن، ما إذا كان سيصبح بوسع ميقاتي، الذي لا ينتمي لأي تكتل سياسي، رفض إملاءات «حزب الله» المتوقعة على حكومته من عدمه، مُحذرين من العواقب المحتملة لمثل هذا الموقف، حال قرر رئيس الوزراء المكلف في لبنان اتخاذه، وإعلاء المصلحة الوطنية، على مصالح «الحزب» المرتبطة بأطراف إقليمية.
مشاركة :