طارق الشناوي يكتب: الوجه الآخر للكارثة!

  • 8/4/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

انفجار بيروت المدمر الذى مضى عليه نحو عام، كان من الممكن أن يصل دماره إلى أضعاف ما رأيناه، لو لم تتعدد السرقات في المرفأ لتسرق 80 في المائة من نترات الأمونيوم، تلك المادة القابلة للاشتعال، الفساد هو الدافع وراء تخزين كل هذه الأطنان من المادة المتفجرة بدون أى احتياطات للتأمين، وفساد الفساد هو الذي أحالها إلى صفقات تجارية، وفساد فساد الفساد هو الذي سينهى التحقيقات في تلك الكارثة إلى أن الفاعل مجهول حتى لا يطول رؤوساً كثيرة تشاركت، أو في الحد الأدنى غضت الطرف، اللصوص أنقذوا آلافا من الأرواح، بل أنقذوا العالم كله من كارثة بيئية محتملة. تذكرت ما حدث في الأرشيف المصري المرئي والمسموع والذي تمت سرقته من ماسبيرو لحساب بعض المحطات الفضائية خارج الحدود، فتم إنقاذه من الضياع، بل وصل الأمر أيضاً إلى أن جزءً تم بيعه إلى إسرائيل بطريق غير مباشر عن طريق أحد الموزعين في الأردن، هل نحن نعرف كيف نصون أشرطتنا؟ التي تحمل تاريخنا الفكرى والفنى، الحقيقة أن القسط الأكبر منها تركناه عرضه للتحلل، وجزء آخر كان هو الغذاء المفضل للفئران، السرقة قطعاً مجرمة ومحرمة، ولكنى أسأل نفسي دائما ما الذى فعلناه لصيانة تراثنا.  أتذكر قبل قرابة 30 عاماً أن المخرج الكبير صلاح أبوسيف حدثني عن فيلم (نمرة 6) بطولة إسماعيل ياسين أخرجه عام 1942 واعترضت عليه وزارة الداخلية التى كانت مسؤولة عن الرقابة، حجة الداخلية أن الفيلم يتناول الموت بقدر من التجاوز، رغم أنه كان يسخر ممن يتاجرون بالموت، استطاع الأستاذ صلاح أن يحصل على نسخة واحتفظ بها في منزله بعيداً عن عيون الداخلية، وعلى مدى 50 عاما، ظل الشريط في الدرج، اقترحت على الكاتب الصحفي سمير غريب، رئيس صندوق التنمية الثقافية، ترميم النسخة، وكان وقتها بصدد إقامة المهرجان القومى الأول للسينما، ومن بين أهدافه إنقاذ أفلامنا القديمة، عرض الفيلم في افتتاح المهرجان، وهو الوحيد الذي شهد تعاوناً بين إسماعيل ياسين وصلاح أبوسيف، المقصود بـ(استمارة 6) هى تلك التى تقيد فيها الوفاة، ومن هنا جاء العنوان. عشرات من الأفلام المصرية التي أنتجها أفراد كانت مهددة بالضياع وبح صوتنا أنا وغيري في التسعينيات من أجل أن تتنبه الدولة وتشتريها من الورثة، وهم بالقطع معذورون لو باعوا لمن يدفع أكثر، طلبت من وزير الإعلام صفوت الشريف ووزير الثقافة فاروق حسني الدخول فى المزاد وشراء (نيجاتيف) الأفلام، لأن الفضائيات العربية بدأت في الاستحواذ عليها، كان ينبغى أن تعتبرها الدولة هدفا قومياً، لكننا اكتفينا بالهجوم على من اشترى والسخرية ممن اضطر للبيع. ما الذى كان من الممكن أن يحدث مع مرور السنوات لو لم يتم شراؤها؟ ستتحلل الأشرطة، ولن نستطيع مشاهدتها، رغم أنها شاهد إثبات على حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الفيلم السينمائى ليس مجرد حكاية فنية، لكنه مع الأيام يصبح وثيقة على الزمن الذى هرب من أيادينا. نعم تمنيت أن تشترى الدولة حتى تصبح هى مالكة القرار، ولكن لا ألوم من يشترى فهو فى الحد الأدنى أنقذ الأشرطة من الضياع. علينا أن نستفيد من الدرس ونبحث عما تبقى من أشرطة نادرة فى حوزة الورثة قبل أن تلتهمها الفضائيات العربية، هل تعلمنا الدرس؟ المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).

مشاركة :