كابول/واشنطن - أعلن المتحدّث باسم وزارة الداخليّة الأفغانيّة مرويس ستانيكزاي أنّ الهجوم الذي وقع مساء الثلاثاء في كابول واستُخدمت فيه سيّارة مفخّخة وشارك به مهاجمون بالقرب من منزل وزير الدفاع الأفغاني بسم الله محمدي، قد "انتهى وقُتِل جميع المهاجمين". وغرد محمدي بعد الانفجار "لا تقلقوا، كل شيء على ما يرام". وكان ستانيكزاي أشار في وقت سابق إلى أنّ "إرهابيّين" فجّروا في بادئ الأمر سيّارة مفخّخة وأنّ "عددا من المهاجمين" تواجهوا لاحقا مع قوى الأمن. وهز الانفجار الذي تلته سلسلة انفجارات وإطلاق نار العاصمة الأفغانية قرب المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم العديد من السفارات بما فيها بعثة الولايات المتحدة. وجاءت موجة الانفجارات في وقت حض فيه الجيش الأفغاني السكان على إخلاء مدينة جنوبية محاصرة قبل هجوم مخطط له ضد مقاتلي طالبان بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات العنيفة. وبعد أقل من ساعتين على انفجار السيارة المفخخة، هز انفجار آخر أعقتبه انفجارات صغيرة وإطلاق نار كثيف في كابول، على ما يبدو في المنطقة نفسها من المدينة. وقال مصدر أمني آخر إن عددا من المهاجمين اقتحموا منزل أحد النواب بعد تفجير السيارة المفخخة وأطلقوا النار على منزل وزير الدفاع من هناك، مضيفا "اجتمع العديد من النواب في منزل هذا النائب من أجل وضع خطة لمواجهة هجوم طالبان". وأفاد مسؤول أمني أفغاني ثالث بأن الحادث "أسفر عن وقوع قتلى"، لكنه لم يستطع تقديم المزيد من التفاصيل. وقال شهود إنه حتى في الوقت الذي هزت فيه الانفجارات المدينة، نزلت حشود إلى شوارع كابول وانتشرت على أسطح المنازل مرددة "الله أكبر" و"الموت لطالبان" دعما للقوات الأفغانية التي تقاتل الحركة المتشددة في ثلاث عواصم إقليمية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين "لسنا في وارد تحميل المسؤولية رسميا في هذه المرحلة، لكن الاعتداءات تحمل بالتأكيد كل بصمات موجة هجمات طالبان التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة". وأضاف "من المهم أن تقر طالبان بأنها لا تستطيع تحقيق أهدافها عبر الاستيلاء على السلطة عن طريق العنف"، مؤكدا عزم واشنطن على "تسريع وتيرة مفاوضات السلام القائمة". في السياق نفسه، قال المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد الثلاثاء فيما كثفت واشنطن ضغوطها على كابول لاستئناف المفاوضات، إن مواقف الحكومة الأفغانية وطالبان ما زالت بعيدة جدا عن التوصل إلى تسوية سياسية، مضيفا في مؤتمر افتراضي نظمه منتدى آسبن سيكيوريتي "الوضع مقلق جدا". وعزا العنف الحالي إلى "حسابات" لدى الطرفين تهدف إلى تعزيز مواقفهما خلال المفاوضات. وتحاول الحكومة الأفغانية استعادة الأرض عسكريا بعد تقدم طالبان في الأسابيع الأخيرة، واعتبر السفير الأميركي السابق في كابول أنها "بدون ذلك، ستكون في موقف أضعف خلال المفاوضات". وأشار إلى أن الحكومة الأفغانية يجب أن تكون "واقعية"، مضيفا أن "الحكومة يجب أن تفهم أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في أفغانستان". وقتل أربعون مدنيا على الأقل وأصيب أكثر من مئة آخرين بجروح في الساعات الـ24 الأخيرة، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء، خلال معارك بين القوات الأفغانية ومتمردي حركة طالبان، الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على لشكركاه وهي عاصمة ولاية هلمند الرئيسية في جنوب البلاد. وتشكل مدينة لشكركاه منذ أيام مسرحا لمعارك عنيفة بعد محاصرتها من متمردي طالبان الذين سيطروا وفق ما قال مسؤولون أفغان الثلاثاء على 15 قناة إذاعية وتلفزيونية محلية في المدينة. ولم تبق فيها سوى قناة واحدة مؤيدة لطالبان تبثّ برامج إسلامية. وارتفع مستوى العنف في أنحاء أفغانستان منذ مطلع مايو/ايار عندما أطلقت طالبان عملية في أجزاء واسعة من البلاد تزامنا مع بدء الجيش الأميركي آخر مراحل انسحابه، مسدلا الستار على حرب استمرت 20 عاما. وأبدت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان في تغريدة الثلاثاء "قلقها الشديد" إزاء المأزق الذي يواجهه المدنيون في لشكركاه بعد حصيلة القتلى المرتفعة. وحضّت على "وقف فوري للقتال في المناطق الحضرية". وتسبّبت المعارك في أنحاء البلاد بنزوح نحو ثمانين ألف طفل منذ مطلع يونيو/حزيران، وفق ما أفادت منظمة "سايف ذي تشيلدرن" الثلاثاء، مشيرة إلى تضرر العديد من المدارس والمرافق الصحية جراء القتال. والأسبوع الماضي، توقعت الأمم المتحدة أن تسجل هذا العام أكبر عدد من الضحايا المدنيين منذ عام 2009 عندما بدأت بتسجيل الحصيلة السنوية. وأحصت البعثة مقتل 1659 مدنيا وجرح 3254 آخرين في النصف الأول من العام الحالي، بزيادة قدرها 47 بالمئة مقارنة مع النصف الأول من العام الماضي. وسقط نصف القتلى خلال الشهرين الأولين من هجوم طالبان. وقالت إنّ الحصيلة "مروعة"، مؤكدة أن ما يقرب من نصف الضحايا المدنيين الذين تم تسجيلهم في النصف الأول من العام هم من النساء والأطفال. وتعرضت مكاتب البعثة في مدينة هرات لهجوم الجمعة، أودى بحياة شرطي أفغاني. واتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا الاثنين طالبان بقتل "عشرات المدنيين في عمليات قتل ثأرية.. يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب" في بلدة سبين بولداك الواقعة على الحدود مع باكستان. وجاء الاتهام بعد إعلان لجنة حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان أن المتمردين ارتكبوا عمليات قتل ثأرية في البلدة، ما أودى بحياة أربعين شخصا على الأقل. وقالت اللجنة "تعقّبت طالبان ورصدت مسؤولين حكوميين سابقين وحاليين وقتلت هؤلاء الأشخاص الذين لا يضطلعون بدور قتالي في النزاع". وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء الماضي حركة طالبان من الاستيلاء على السلطة بالقوة و"ارتكاب فظائع بحق شعبها"، مؤكدا أن ذلك سيجعل من أفغانستان "دولة منبوذة". وقال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الهندي إن متمردي "طالبان يقولون إنهم يريدون الاعتراف الدولي والدعم الدولي لأفغانستان، يريدون على الأرجح أن يتمكن قادتهم من السفر بحرية في أنحاء العالم ورفع العقوبات وإلى ما هنالك، إلا أن السيطرة على الحكم بالقوة وانتهاك حقوق شعبهم ليست الطريقة الصحيحة لتحقيق ذلك".
مشاركة :