يقودنا هذا الحوار إلى رحلة شيقة مع الروائية رشا عدلي، لنتلقى منها شهاداتها الخاصة بها وبعوالمها ورأيها الذي يتعلق بالإبداع والأدب، وأسئلة عن زمن الكتابة وأهوالها بين الواقع والمتخيل الغني في تاريخ الفن الذي تسرده في رواياتها التاريخية، وبين المجهول الذي تروضه، والواقع الذي تشاكسه. ومن خلال رواياتها التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر، تجيب رشا عن حقيقة استثمارها الفكري السردي والبحثي في الأدب، في حوارها مع صحيفة «البيان».. لكل روائي مرجعيات تخيلية، بوصف الخيال عالماً إبداعياً مفتوحاً، فمن أين تستقي رشا عدلي أنهارها السردية لتكتب؟ في المقام الأول كان لدراستي تاريخ الفن، تأثير في عوالمي التخيلية، وظهر ذلك بوضوح في عدد من أعمالي، على سبيل المثال في عملين، أجدهما من أهم ما كتبت «شغف» و«آخر أيام الباشا»، فالأول تدور أحداثه حول البحث وراء هوية فتاة رسمها فنان استشراقي جاء إلى مصر مع حملة نابليون، هنا التاريخ هو الذي دفعني للكتابة عن عمل فني. بينما رواية «آخر أيام الباشا»، قادتني للبحث في التاريخ وكتابة الرواية، وهو «بورتريه» معروض في اللوفر لرجل شرقي يدعى حسن البربري. في الرواية الأولى التاريخ هو الذي دفعني للبحث وراء عمل فني، أما الثانية فالفن الذي هو دفعني للبحث في التاريخ، وهذا يوضح ماهية «تاريخ الفن» الذي يعني البحث والدراسة وراء جميع العوامل التي أدت لرسم هذا العمل في حقبة زمنية معينة. إضافة طبعاً إلى أن هناك الكثير من الأشياء الملهمة التي تفتح أمامي مسارات تخيلية، ومن أهمها السفر، العلاقات الإنسانية، الأشخاص، فبعض الشخصيات التي التقيت بها وجدت بها تفصيلات مختلفة ومميزة، فأجدني قد زججت بهم في رواياتي. تكتبين الروايات التاريخية، والروايات التاريخية توظف أحياناً شخصيات حقيقية وأحياناً شخصيات خيالية، فإلى أي منهما تميلين في الاشتغال السردي؟ ولماذا؟ أميل أكثر إلى الشخصيات التخيلية، لأنك في رسم الشخصيات التاريخية لا تملكين المخيلة الواسعة لوصف الشخصية؛ لأنك محكومة بينما في رسم الشخصيات المتخيلة هناك مساحة كبيرة من الحرية، ولذلك دائماً في أعمالي أستخدم الكتابة في زمنين مختلفين، ماض وحاضر، وهذا يتيح لي متعة الكتابة التخيلية بشكل أوسع، لأن الكتابة التاريخية تبقى قيداً بشكل أو بآخر. إن صح قول إنكِ توثقين في الرواية أمراً، فما الذي وثقتِه في الذاكرة المصرية العربية؟ وثقتُ أحداثاً تاريخية مهمة، والأمر هنا لا يتعلق بمعارك وحروب فقط، بل بحياة كاملة في حقب زمنية معينة، وألقيتُ الضوء على شخوص مهمشة مرت في التاريخ مرور الكرام على الرغم من أنها لعبت دوراً مهماً. حركة الرواية المصرية في الألفية الجديدة، مالت إلى الروايات التاريخية، من أين أتت معطيات التغيير هذه في رأيك؟ الكثير من الكُتّاب الآن اتجهوا للكتابة التاريخية، ربما لأنهم وجدوا أنها نوع مميز من الكتابة، وعلى اعتبار أن هناك موضات جديدة في جميع المجالات، فيمكننا أن نعتبرها موضة سائدة الآن، أما عني فأكتب الرواية منذ بدأتُ كتابة أول عمل لي عام 2010، وفي رأيي نجاح الرواية التاريخية يكمن فيما يمكن إضافته للتاريخ من خلال كتابته. فالبعض يعتقد أن الأمر مجرد إعادة تدوير لأحداث تاريخية وسردها في شكل أدبي، ولكن في الواقع الأمر يختلف كثيراً. هل هناك فرق في تناول التاريخ بين المؤلفة الروائية والروائي الرجل؟ أعتقد أن الأمور تبدلت في الفترة الأخيرة، هناك الكثير من الأقلام النسوية استطاعت عن جدارة أن تحقق مكانة في الأدب العربي، ولم تعد هذه النظرة الضيقة لكتابات المرأة التي يطلق عليها (الكتابة النسوية) لي جمهوري من القراء الرجال الذين يهتمون بما أكتب ويتابعونه وفي أوقات كثيرة يدعموني ويشجعوني. حدثينا عن طقوسك في الكتابة؟ (المكان والزمان...)؟ في الواقع ليس لي طقوس خاصة في الكتابة، ولكن هناك أمور لا أستطيع تغييرها، وأعتقد أنني رهينة لها، مثل زمان ومكان الكتابة، لأبدأ الكتابة في وقت مبكر بعد الاستيقاظ من النوم مباشرة، أي عندما يكون العقل صافياً تماماً، لخلق عوالم إبداعية، والمكان هو إحدى زوايا منزلي المطل على حديقة مكسوة بالخضرة، فالأخضر يلهمني كثيراً ويساعدني على الإبداع. يشار إلى أن رشا العدلي أصدرت عدة روايات من أبرزها: صخب الصمت. الحياة ليست دائماً وردية. نساء حائرات. الوشم. شواطئ الرحيل. شغف. آخر أيام الباشا. على مشارف الليل. قطار الليل إلى تل أبيب. دراسات كتبت مجموعة دراسات تناولت موضوعات مختلفة من أبرزها: دراسة عن الحلي والمصاغ في جمهورية مصر منذ تاريخ وجوده حتى اليوم. ودراسة عن الطريقة المولوية والدراويش في فن الاستشراق. ودراسة بعنوان: المرأة عبر العصور في تاريخ الفن. ودراسة بعنوان: فن الكاريكاتير – النشأة والتاريخ. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :