كانت شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص مثار جدل واسع منذ بداية جائحة «كورونا» مطلع العام الماضي، إذ بلغ عددها حوالي 557 شركة، منها 82 أطلقت فقط في 2020 من إجمالي 223 تم إطلاقها منذ عام 2015، ومقارنة مع الاكتتابات العامة الأولية العادية، فإن هذه الشركات، المعروفة اختصاراً بـ «SPAC» ويطلق عليها أيضاً شركات الشيكات على بياض، نفذت إدراجات أعلى منها بـ 30 في المئة في 2020، وجمعت أموالاً في العام نفسه تفوق كل ما جمعته في عشر سنوات مضت. وتناول موقع أرقام هذا الموضوع في تقرير نشره مؤخراً، وفيما يلي التفاصيل: تحتاج الشركات الصغيرة الناشئة إلى الـ SPAC، لأنها لا تستطيع أن تتماشى مع قواعد الإدراج بالبورصات الكبرى العالمية وخصوصاً البورصات الأميركية، لكن شركات الشيكات على بياض تستطيع ذلك لأنها تضم خبراء في السوق وتملك المال الكافي والمرونة اللازمة والكفاءة وانعدام الحركة البطيئة الروتينية في سرعة الإدراج، مقارنة بالمدة اللازمة في حال اتبعت هذه الشركات الطريق التقليدي. انعدام الروتين وكان للمشاهير في عالم البنوك والأسواق المالية أيضاً دور في ذلك، المستثمر "بيل أكمان" مدير شركة "بيرشينغ سكوير تونتين"، والمسؤول التنفيذي لنادي "أوكلاند أثليتكس" للبيسبول "بيلي بين"، وأيضاً المستثمر في وادي السليكون "كيفن هارتز"، ورئيس مجلس النواب الأميركي السابق "بول رايان"، كل هؤلاء المشاهير في عالم المصارف والأسهم لديهم شركات أو مساهمون فى إحدى هذه الشركات أو متواجدون في أحد المناصب القيادية. • أسماء بعض مشاهير الـ SPAC’S 1- بيل أكمان – مؤسس بيرشينغ سكوير كابيتال مانجمنت 2- مايكل دل – مؤسس شركة دل للكمبيوتر 3- شامات باليهاتيا – الشريك المؤسس لفيرجين غالاكتيك 4- إدواردو سافارين – الشريك المؤسس سابقاً في فيسبوك شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص وحينما يضع مستثمر أو رجل أعمال ما عينه على إحدى الشركات الصاعدة التي يعتقد أن لها فرصاً مستقبلية وقدرات كامنة هائلة لم تُستغل بعد، يفكر في الاستحواذ عليها أو شراء حصة بها، وقتها يدخل في مفاوضات مع مجلس إدارة الشركة ويأخذ هذا المسار حتى نهايته إما بقبول عرضه أو رفضه، لكن هناك مساراً آخر، وهو إنشاء شركات كل مهمتها في الحياة الاستحواذ على الشركات الأخرى بغرض طرحها بالبورصة فقط، أي أنها شركات استحواذ فقط، ليس هناك أي عمليات تشغيلية أو تجارية تنفذها الشركة بخلاف تلك المهمة. كيفية العمل وتتمثل دورة حياة شركات "SPAC" خلال 24 شهراً فيما يأتي: 1- التأسيس والإدراج بالبورصة. 2- جمع أموال الاكتتاب بالبورصة. 3- البحث عن شركة صاعدة تمثل فرصة استثمار مربحة. 4- الدخول في مفاوضات مع الشركة الصاعدة للاندماج معها/ الاستحواذ عليها. 5- حال فشل المفاوضات: العودة للبحث عن شركة أخرى، أو إعادة الأموال للمساهمين والتصفية. 6- حال نجاح المفاوضات: الاجتماع بالمؤسسين وانتظار تصويت المساهمين على صفقة الاندماج. 7- حال التصويت بـ نعم: استكمال الصفقة وعمل ما يسمى بـ DE-SPAC. 8- حال التصويت بـ لا: العودة للبحث عن شركة أخرى، أو إعادة الأموال للمساهمين والتصفية. وتستغرق المدة الزمنية للخطوة الأولى عادة 8 أسابيع، والخطوات من 2 إلى 6 تستغرق 19 شهرا، في حين الخطوات من 7 حتى إتمام الدمج/الاستحواذ مع/على الشركة الصاعدة تستغرق 5 أشهر. شركة كل 4.8 أيام وصل سوق "الشيك على بياض" إلى مرحلة متطورة من النمو والفوران، وجذب العديد والعديد من رجال البنوك والمديرين التنفيذيين في شركات الأوراق المالية ورجال الأعمال والمشاهير للدخول في السوق، كل 4.8 أيام في 2021 تؤسس شركة جديدة لهذا الغرض وتدرج سهمها في البورصات الأميركية، السماء تمطر شركات شيك على بياض للدرجة التي جعلت إحدى الشركات تطلق على نفسها اسم "مجرد شركة استحواذ أخرى"– Just Another Acquisition Corp وهى شركة برئاسة "فيليب واجنهايم" أسسها يناير الماضي وهي مدرجة بالفعل في بورصة ناسداك بكود JAAC!. «شيك على بياض» ويرجع سبب تسمية شركات "الشيك على بياض" إلى أن المستثمرين المساهمين والمشاركين في الشركة يقومون بوضع أموالهم تحت تصرف الشركة مدة عامين دون أن يعرفوا ماذا ستفعل الإدارة بهذه الأموال، وكيف ستقوم باستثمارها، وهل ستفي بوعودها لهم وتستحوذ على شركات صاعدة لها فرص نمو عالية وتحقق ربحية عالية لهم أم لا، لذلك فالأمر يشبه أن تعطي شخصا ما شيكا على بياض Blank cheque. الفورة... والجائحة العلاقة بين جائحة كورونا وشركات الشيك على بياض علاقة ارتباطية مباشرة، عند وقوع الجائحة بدأت الحكومة الفيدرالية والبنك المركزي الأميركي في ضخ أموال بكميات هائلة لإنقاذ الاقتصاد من الركود والتدهور، هذه الأموال رفعت السيولة في الأسواق وفي أيدي الناس وكذلك الشركات، هذه الفوائض المالية كانت تبحث عن فرص استثمارية رغبة في الربح وتحوطاً من التضخم. ومع وجود خبراء ومحللين ورجال أعمال من المشاهير في عالم المال والأعمال والمصارف، زاد إقبال المستثمرين الأفراد والمؤسسات على هذا النوع من الشركات مما جعل الـ SPAC’S تحظى بمزيد من المصداقية والثقة والسمعة الطيبة، وأخيرا التغطية الإعلامية الدورية والمستمرة والتي أضفت كثيراً من التوابل في طبق الـ"الشيك على بياض" وجعلت لعاب المستثمرين سواء الأفراد أو المؤسسيين يسيل أكثر وأكثر أمام الفرص المغرية بالشركات الجديدة الصاعدة التى تبحث عن التمويل في نيويورك. ونُشرت عدة دراسات تؤكد أن حالة الفوران والإقبال عل تأسيس وإدراج شركات الشيك على بياض جديدة لا يستحق كل هذه الضجة والضوضاء، اثنتان من هذه الدراسات أو التحقيقات تثبت ذلك بوضوح أولاهما لـ "فايننشال تايمز" والثانية لـ "رينسانس كابيتال". إذ أظهر تحقيق فايننشال تايمز أن أسهم الجزء الأكبر من شركات "SPAC" التي أطلقت بين عامي 2015 و2019 أقل من 10 دولارات للسهم، وهي تقريبا نفس أسعار طرح تلك الأسهم بالأسواق، أي أن المساهمين والمستثمرين لم يحققوا أي ربح يُذكر. أما دراسة رينسانس كابيتال، التي تمت على 223 اكتتاباً أجرتها شركات "SPAC" من 2015 حتى يوليو 2020، أظهرت أن 89 شركة أكملت عمليات الدمج وأصبحت شركات عامة، مما يتيح الفرصة لدراسة أدائها، من بين هذه الأسهم الـ89، حققت هذه الأسهم متوسط عائد قدره -36.1 في المئة، ويقارن ذلك بمتوسط عائد من أسهم الشركات التى نفذت الاكتتابات العامة التقليدية وصل إلى 37.2 في المئة خلال نفس المدة. المنطقة العربية دخلت الأسواق العربية فى مضمار الـ SPAC’S مؤخراً اقتناصاً لفرص استثمار قد تكون هنا أو هناك، وخاصة مع وجود شركات ناشئة في مجالات متنوعة، حيث حصلت تلك الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على 267 مليون دولار من خلال 44 صفقة في شهر يونيو الماضي، مما أدى إلى ارتفاع استثمارات الربع الثاني من 2021 إلى أكثر من 552 مليون دولار، بزيادة تبلغ 33 في المئة مقارنة بالربع الأول من عام 2021. لكن عمليات التمويل والاستثمار هذه تتم بعيداً عن البورصات، في الوقت الذي ترغب بعض الشركات في الإدراج الخارجي وبالتحديد في أكبر سوق أوراق مالية بالعالم في نيويورك، وفي حال الإدراج هناك يكون الوصول لأحلام التوسع أسهل وفرص التسويق والعرض على أكبر شركات العالم أسرع وأيسر بكثير من الفرص بأسواق المنطقة العربية. والسعودية لها استثمار ناجح في "لوسيد موتورز" الأميركية، إذ نجحت الأخيرة في الاندماج مع "تشرشل كابيتال كورب"، وبعدها تم إدراج "لوسيد" في بورصة "ناسداك" الأميركية الشهر الماضي، وكانت صفقة الاستحواذ قد رفعت القيمة السوقية للشركة لأعلى من 40 مليار دولار يمتلك فيها "صندوق الاستثمارات العامة" حصة حاكمة. شركة "شعاع كابيتال" الإماراتية، أعلنت يوليو الماضي عن محادثات مبكِّرة مع بنوك استثمار لتأسيس ثلاث شركات "شيك على بياض"، وفقا لوكالة "بلومبرغ" ستبلغ قيمة كل شركة من الشركات الثلاث المزمع تأسيسها حوالي 200 مليون دولار، وذلك لاقتناص الفرص فى قطاعات الطاقة، والتمويل، والتكنولوجيا. شركة "سويفل" المصرية للنقل التشاركي ومقرها "دبي"، هي الأخرى أعلنت أواخر يوليو الماضي عن توقيع اتفاق نهائي للاندماج مع شركة "كوينز جامبيت غروث" الأميركية بقيمة تصل إلى 1.5 مليار دولار، وذكر بيان الشركة أن الدمج سيوفر عوائد بمقدار 445 مليون دولار، سوف تُستخدم في تسريع توسعات "سويفل" إلى 20 دولة بحلول 2025.
مشاركة :