أطلقت جمعية الفلسفة برعاية هيئة الأدب والنشر والترجمة التابعة لوزارة الثقافة، بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، الأحد الماضي، محاضرة «محمد العلي بين الكتابة الشذرية والرهان على العقل» قدمها الشاعر والباحث في الفلسفة عبدالله الهميلي، وأدارها محمد سعيد الفرحان. وتأتي المحاضرة ضمن برنامج قراءات فلسفية في الفكر السعودي الذي تنظمه جمعية الفلسفة، بهدف مد جسور التواصل بين الأجيال السعودية المختلفة في حوار حول القضايا الفلسفية. واستعرض الهميلي خلال المحاضرة أطروحات محمد العلي، وخلص إلى أنه كاتب من الطراز الرفيع الذي تناول الكثير من الموضوعات داخل كتاباته، لكنه ناقشها من داخل الحمولات الفلسفية وأدواته المفهومية، وبالرغم من حداثة ما يكتبه فإنه أيضًا متجذر في التراث، ويستجلب مفارقاته من خلال التراث، ومقدمًا قراءة أخرى جذرية وحيوية للموضوعات المختلفة من خلال تقنية المقالة المكثفة التي تميل للاختصار وعدم الإطالة على القارئ. وأضاف: كما أن العلي لا يشير إلى المعنى، إنما يلمح له مستخدمًا في كتاباته الديالكتيك اللغوي القائم على مفارقات اللغة وإمكاناتها، ودورها في التفكير والمعرفة عمومًا، وهو يتقاطع مع الطرح الفيتغنشتايني «نسبة إلى الفيلسوف لودفيغ فيتغنشتاين» في استعمالية اللغة. وأكد أن القارئ سيستمتع وهو يقرأ للعلي، لوجود قائمة من أبطال الفكر من التراث العربي والإسلامي، وكذلك المعاصر، وتمنى لو أن العلي قدم طرحًا فكريًا متكاملًا بدل الكتابات المتشظية التي لو قدمت في نسق فكري متكامل لكانت اتضحت شخصية العلي الفلسفية أكثر، حيث تحتاج كتاباته إلى مسوغات منهجية. وأشار إلى الواقعية في طرح العلي وكونها ثيمة مهمة، إضافة إلى مراهنته على اللغة ودورها في تطور الوعي، موضحًا أنه لا يمكن الاقتصار على العامل اللغوي وجعله السبب الرئيس في تطور الفكر ونموه رغم أهميته. وذكر أنه ورغم النقودات الكثيرة التي قدمها العلي، فإنه لم يجترح البديل عن النسق الذي كان يحاول تقويضه، مكتفيًا بالمنهج الخفي الذي يتبعه في كتاباته، واختتم بالتأكيد على أن العلي لم يكن كاتبًا متشائمًا ولا متفائلًا، وإنما كان كاتبًا ساخرًا من الدرجة الأولى.
مشاركة :