هل تنجح تحديات المناخ فيما أخفقت فيه السياسة؟

  • 8/4/2021
  • 01:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

فشلت‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬حالة‭ ‬مستمرة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ومازال‭ ‬الصراع‭ ‬هو‭ ‬السمة‭ ‬المميزة‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬الحروب‭ ‬الكونية‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬الحروب‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بعدها‭ ‬قد‭ ‬مثلت‭ ‬بديلاً‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬السمة‭ ‬الصراعية‭ ‬للعلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬الكورية،‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬الصينية،‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬إلى‭ ‬حروب‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي‭. ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬الاقتتال‭ ‬العسكري،‭ ‬كانت‭ ‬الحروب‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬في‭ ‬ضراوتها،‭ ‬وأدخلت‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬أزمات،‭ ‬أطاحت‭ ‬بجهود‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البلدان‭.‬ وحتى‭ ‬وقتنا‭ ‬الحالي،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يطور‭ ‬آلية‭ ‬تكفل‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬احترامه،‭ ‬وتجبر‭ ‬من‭ ‬يخرج‭ ‬عنه‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعده‭. ‬حيث‭ ‬مازالت‭ ‬قاعدة‭ ‬القوة‭ ‬هي‭ ‬السائدة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬وعلى‭ ‬أساسها‭ ‬استنت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لنفسها‭ ‬مبدأ‭ ‬الحروب‭ ‬الاستباقية،‭ ‬الذي‭ ‬أتاح‭ ‬لها‭ ‬غزو‭ ‬أفغانستان،‭ ‬ثم‭ ‬العراق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وميثاقها‭ ‬ومنظماتها‭. ‬ومازالت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المعاهدات‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬خلصت‭ ‬إليها‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تصديق‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬قوية،‭ ‬كاتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للأنهار‭ ‬الدولية‭ ‬1997‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تصادق‭ ‬عليها‭ ‬إلى‭ ‬الآن‭ ‬روسيا‭ ‬والصين؛‭ ‬لأنهما‭ ‬دول‭ ‬منابع‭ ‬ترفض‭ ‬أن‭ ‬تقيد‭ ‬تصرفاتها‭ ‬في‭ ‬أنهار‭ ‬تنبع‭ ‬منها‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬ غير‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بأكمله،‭ ‬وكانت‭ ‬نتاج‭ ‬النشاط‭ ‬البشري‭ - ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية،‭ ‬والانبعاثات‭ ‬الحرارية‭ ‬والتلوث‭ ‬بأنواعه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭- ‬أحدثت‭ ‬كوارث‭ ‬طبيعية،‭ ‬نتج‭ ‬عنها‭ ‬خسائر‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة‭. ‬وفي‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬رأينا‭ ‬الفيضانات‭ ‬التي‭ ‬اجتاحت‭ ‬ألمانيا،‭ ‬وبلجيكا‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬والصين،‭ ‬والهند‭ ‬في‭ ‬آسيا‭. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تتكرر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الكوارث،‭ ‬وأصبح‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬البيئي‭ ‬ماثلا‭ ‬يهدد‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬بالاختفاء‭ ‬كليا‭ ‬أو‭ ‬جزئيا،‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬أدت‭ ‬زيادة‭ ‬الحرارة‭ ‬إلى‭ ‬ذوبان‭ ‬جليد‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭.‬ ومع‭ ‬أن‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬توصلت‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬1992‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬بشأن‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬التي‭ ‬حددت‭ ‬التزامات‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬إزاء‭ ‬هذا‭ ‬التغير،‭ ‬التي‭ ‬بدأ‭ ‬نفاذها‭ ‬منذ‭ ‬21‭ ‬مارس‭ ‬1994،‭ ‬فإن‭ ‬الحكومات‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬أحكامها‭ ‬غير‭ ‬كافية‭. ‬ومن‭ ‬ثمّ،‭ ‬عقدت‭ ‬الدول‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬برلين‭ ‬مؤتمرها‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬1995‭ ‬لتطلق‭ ‬جولة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المباحثات،‭ ‬تصل‭ ‬بعد‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬كويوتو‮»‬‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬1997‭ ‬التي‭ ‬حددت‭ ‬التزامات‭ ‬واجب‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وقد‭ ‬بدأ‭ ‬نفاذ‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬نوفمبر‭ ‬2004‭ ‬بعد‭ ‬تصديق‭ ‬55‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬أطرافها‭ ‬عليها‭.‬ وفيما‭ ‬غدت‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬كويوتو‮»‬،‭ ‬ملحقًا‭ ‬للاتفاقية‭ ‬الإطارية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشأن‭ ‬المناخ،‭ ‬فإنه‭ ‬حتى‭ ‬يونيو‭ ‬2007‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬صادقت‭ ‬عليها‭ ‬191‭ ‬دولة،‭ ‬حيث‭ ‬أوجبت‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬مستوى‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الحرارية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عام1990،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬أعلنت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬بروتوكول‭ ‬‮«‬كويوتو‮»‬‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬تكاليفه‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المنافع‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتمخض‭ ‬عنه،‭ ‬وفيما‭ ‬تظل‭ ‬الصين‭ ‬تعتبر‭ ‬نفسها‭ ‬دولة‭ ‬نامية،‭ ‬فقد‭ ‬طالبت‭ ‬واشنطن‭ ‬بامتداد‭ ‬الالتزامات‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬علمًا‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحدها‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬25%‭ ‬من‭ ‬كمية‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭.‬ وتوالت‭ ‬جهود‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمواجهة‭ ‬تحدي‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬فكان‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬كوبنهاجن‮»‬‭ ‬2009،‭ ‬و«مؤتمر‭ ‬دربان‮»‬‭ ‬2011،‭ ‬و«مؤتمر‭ ‬ليما‮»‬‭ ‬2014،‭ ‬و«مؤتمر‭ ‬باريس‮»‬‭ ‬2015،‭ ‬و«مؤتمر‭ ‬مراكش‮»‬‭ ‬2016‭. ‬ومنذ‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬كوبنهاجن‮»‬‭ ‬عقدت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬21‭ ‬مؤتمرا،‭ ‬ومنه‭ ‬أيضا‭ ‬كان‭ ‬الالتزام‭ ‬العالمي‭ ‬بتحقيق‭ ‬هدف‭ ‬مشترك‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬لأقل‭ ‬من‭ ‬درجتين‭ ‬مئويتين،‭ ‬والتزام‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬بتقديم‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا‭ ‬حتى‭ ‬2020‭ ‬لصالح‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭. ‬وخرج‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬باريس‮»‬،‭ ‬باتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬أبريل‭ ‬2016،‭ ‬وتطبق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬بهدف‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬لأقل‭ ‬من‭ ‬2‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬وتحل‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬محل‭ ‬اتفاقية‭ ‬‮«‬كويوتو‮»‬،‭ ‬ويتعين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬والنامية،‭ ‬الغنية‭ ‬والفقيرة‭ ‬الالتزام‭ ‬بها،‭ ‬وتدخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬بتصديق‭ ‬55‭ ‬دولة‭ ‬عليها‭.‬ إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2017‭ ‬أعلن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬للمناخ،‭ ‬وأبلغ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بهذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬نوفمبر‭ ‬2019،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬نفاذ‭ ‬الاتفاقية،‭ ‬ودخل‭ ‬هذا‭ ‬الانسحاب‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬نوفمبر‭ ‬2020‭.‬ واستشعارًا‭ ‬للخطورة‭ ‬التي‭ ‬مثلتها‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬بالتوافق‭ ‬الدولي‭ ‬حول‭ ‬مواجهة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر،‭ ‬إذ‭ ‬تعطي‭ ‬الخطوة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضوءا‭ ‬أخضر‭ ‬لآخرين‭ ‬كي‭ ‬يسلكوا‭ ‬هذا‭ ‬المسلك،‭ ‬كانت‭ ‬أولى‭ ‬قرارات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬انتخابه‭ ‬توقيع‭ ‬أوامر‭ ‬تنفيذية‭ ‬لإعادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬للمناخ،‭ ‬بل‭ ‬نظمت‭ ‬واشنطن‭ ‬قمة‭ ‬مناخ‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2021،‭ ‬شدد‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬على‭ ‬الواجب‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬ووعد‭ ‬بأن‭ ‬تخفض‭ ‬بلاده‭ ‬انبعاثات‭ ‬الغازات‭ ‬الدفيئة‭ ‬بنسب‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬50‭ ‬و‭ ‬52%‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2005،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬ضعف‭ ‬التزامها‭ ‬السابق‭.‬ وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬العودة‭ ‬وهذا‭ ‬الالتزام‭ ‬محل‭ ‬ترحيب‭ ‬عالمي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬المصدر‭ ‬الأول‭ ‬للانبعاثات‭ ‬الكربونية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وتستطيع‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬العالم‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬الالتزام‭ ‬السابق‭ ‬إقراره‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬كوبنهاجن‭ ‬بتقديم‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويا‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬التزاماتها‭ ‬لمواجهة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والمنشود‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المقرر‭ ‬عقده‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬2021‭ ‬في‭ ‬‮«‬جلاسجو‮»‬،‭ ‬باسكوتلاندا‭ ‬خريطة‭ ‬طريق‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭.‬ وعلى‭ ‬غرار‭ ‬الوعد‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬واشنطن،‭ ‬فقد‭ ‬تعهد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بتخفيض‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬55%‭ ‬لانبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬1990‭. ‬وتعهدت‭ ‬كندا‭ ‬بتخفيض‭ ‬من‭ ‬40–45%‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬2005،‭ ‬وأعلنت‭ ‬اليابان‭ ‬تخفيضًا‭ ‬بنسبة‭ ‬46%‭ ‬بحلول‭ ‬2030،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ2013‭. ‬وانضمام‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التعهدات‭ ‬يعني‭ ‬خلق‭ ‬توافق‭ ‬دولي‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تحتمل‭ ‬الخلاف،‭ ‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬قمة‭ ‬مراكش‭ ‬للمناخ،‭ ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬أكثر‭ ‬سخونة،‭ ‬وأصبحت‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬الارتفاع‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬درجتين،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬لا‭ ‬رجعة‭ ‬فيها‭ ‬تطلق‭ ‬العنان‭ ‬لفيضانات‭ ‬وموجات‭ ‬جفاف‭ ‬وعواصف‭ ‬مدمرة‭.‬ وبحسب‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬يحتاج‭ ‬الالتزام‭ ‬بتنفيذ‭ ‬بنود‭ ‬‮«‬اتفاقية‭ ‬باريس‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إنفاق‭ ‬13.5‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ضرورة‭ ‬توفر‭ ‬3‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬أخرى‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬عند‭ ‬مستوى‭ ‬درجتين‭. ‬وفي‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭ ‬جاء‭ ‬النص‭ ‬بأنه‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ -‬وهي‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬الاحتباسات‭ ‬الحرارية‭ - ‬واجب‭ ‬دعم‭ ‬الدول‭ ‬الأقل‭ ‬تسببًا‭ ‬في‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬والأكثر‭ ‬معاناة‭ ‬من‭ ‬آثاره،‭ ‬ولهذا‭ ‬سيكون‭ ‬نظام‭ ‬حساب‭ ‬تمويل‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬ضمن‭ ‬الموضوعات‭ ‬المدرجة‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬‮«‬جلاسجو‮»‬‭ ‬المقبلة‭.‬ ولم‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تحسب‭ ‬بها‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬تخصصها‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬التزامها‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬ويشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬الوفاء‭ ‬بالوعد‭ ‬لتقديم‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويا،‭ ‬فقد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬كافيًّا‭ ‬وفقًا‭ ‬لبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬الذي‭ ‬قدر‭ ‬الكلفة‭ ‬السنوية‭ ‬لتدابير‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية‭ ‬بأنها‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬2030‭.‬ واستباقًا‭ ‬لمؤتمر‭ ‬‮«‬جلاسجو‮»‬،‭ ‬أطلق‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2021‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬بشأن‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مستويات‭ ‬قياسية‭ ‬من‭ ‬التمويل‭ ‬المتعلق‭ ‬بالأنشطة‭ ‬اللازمة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الانبعاثات‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬النامية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التكيف،‭ ‬ومواءمة‭ ‬التدفقات‭ ‬المالية‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس‭. ‬تعمل‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ (‬2021‭ - ‬2025‭) ‬على‭ ‬دمج‭ ‬الأهداف‭ ‬المناخية‭ ‬والإنمائية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬وفيها‭ ‬يتوجه‭ ‬التمويل‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬فرص‭ ‬التكيف‭ ‬والتخفيف‭ ‬تأثيرًا،‭ ‬ومساعدة‭ ‬أكبر‭ ‬الدول‭ ‬المسببة‭ ‬للانبعاثات‭ ‬في‭ ‬تسوية‭ ‬منحنى‭ ‬الانبعاث،‭ ‬ومساعدة‭ ‬مختلف‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬التكيف‭ ‬إزاء‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬فيما‭ ‬طالبت‭ ‬المستشارة‭ ‬الألمانية‭ ‬‮«‬ميركل‮»‬،‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬بزيادة‭ ‬إسهاماتها‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الجهود‭ ‬العالمية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬فيما‭ ‬تعهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬بمضاعفة‭ ‬ما‭ ‬تقدمه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لهذا‭ ‬التمويل‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬تمويل‭ ‬مواجهة‭ ‬تغيرات‭ ‬المناخ‭ ‬مازال‭ ‬محل‭ ‬جدل‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬مسؤولية‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬عن‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬فإنه‭ ‬مع‭ ‬ضغط‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يشهد‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬جلاسجو‮»‬،‭ ‬تحقيق‭ ‬توافق‭ ‬دولي‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التمويل‭ ‬سوف‭ ‬يفتح‭ ‬مجالاً‭ ‬واسعًا‭ ‬للاستثمار،‭ ‬ستتسابق‭ ‬فيه‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬خاصة‭ ‬القوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبرى‭ ‬لاقتناص‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬تقدمها،‭ ‬فرص‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭.‬ وهكذا،‭ ‬خلق‭ ‬التوحد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬المستمر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عجزت‭ ‬عنه‭ ‬السياسة،‭ ‬يرجى‭ ‬أن‭ ‬تطول‭ ‬وتصمد‭ ‬في‭ ‬محاولات‭ ‬السياسة‭ ‬جر‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬صراعات‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬جديد‭.‬

مشاركة :