رؤية ملكية لـتـعزيز مبادئ المساواة وتـكـريس مـفاهـيـم عـدم التمييز

  • 8/9/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

من‭ ‬منطلق‭ ‬حرص‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬التطبيق‭ ‬الفعلي‭ ‬الفعال‭ ‬للمعايير‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الدولية‭ ‬رقم‭ ‬100‭ ‬لسنة‭ ‬1951‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬بشأن‭ ‬تكافؤ‭ ‬أجور‭ ‬العاملين‭ ‬والعاملات‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬ذي‭ ‬القيمة‭ ‬المتكافئة‭ ‬واتفاقية‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭ ‬والتزامها‭ ‬بتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬السبعة‭ ‬عشر‭ ‬التي‭ ‬اعتمدتها‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬الهدفين‭ ‬الخامس‭ ‬المتعلق‭ ‬بالمساوة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬والعاشر‭ ‬المتعلق‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬عدم‭ ‬المساواة،‭ ‬جاءت‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬الحكيمة‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬بإصدار‭ ‬المرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬16‭) ‬لسنة‭ ‬2021‭ ‬بتعديل‭ ‬بعض‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الأهلي‭ ‬رقم‭ (‬36‭) ‬لسنة‭ ‬2012،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬إضافة‭ ‬فقرة‭ ‬ثانية‭ ‬إلى‭ ‬المادة‭ ‬رقم‭ (‬39‭) ‬تنص‭ ‬على‭ ‬‮«‬حظر‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬الأجور‭ ‬بين‭ ‬العمال‭ ‬والعاملات‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ذي‭ ‬القيمة‭ ‬المتساوية‮»‬،‭ ‬لتستكمل‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬لمنظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولتؤكد‭ ‬أن‭ ‬المساواة‭ ‬وعدم‭ ‬التمييز‭ ‬عنصران‭ ‬أساسيان‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬الحكومية‭ ‬البحرينية‭ ‬وأن‭ ‬السبيل‭ ‬لوضعها‭ ‬موضع‭ ‬التنفيذ‭ ‬سبيل‭ ‬يأتي‭ ‬عبر‭ ‬أدواتها‭ ‬التشريعية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬المساواة‭ ‬وعدم‭ ‬التمييز‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الجميع‭ ‬متساوين‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬الأساسية،‭ ‬وذلك‭ ‬بتكريس‭ ‬المفاهيم‭ ‬الوطنية‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬الدستور‭ ‬البحريني‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الناس‭ ‬سواسية‭ ‬في‭ ‬الكرامة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ويتساوى‭ ‬المواطنون‭ ‬لدى‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬العامة،‭ ‬لا‭ ‬تمييز‭ ‬بينهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الجنس‭ ‬أو‭ ‬الأصل‭ ‬أو‭ ‬اللغة‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬العقيدة‮»‬‭.‬ ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المفاهيم‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أبانت‭ ‬عنها‭ ‬الصكوك‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وصادقت‭ ‬عليها‭ ‬حكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬حظر‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬الأجور‭ ‬بين‭ ‬العمال‭ ‬والعاملات‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ذي‭ ‬القيمة‭ ‬المتساوية‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬حقا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬كذلك‭ ‬عامل‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬التعجيل‭ ‬بتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬ويساعد‭ ‬على‭ ‬تسريع‭ ‬عجلة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المساواة‭ ‬وعدم‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬بدون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬منظومة‭ ‬تشريعية‭ ‬قوية‭ ‬تؤكد‭ ‬ذلك‭.‬ ‭ ‬وبذلك‭ ‬تكون‭ ‬الرؤية‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬المتعدد‭ ‬شكلا‭ ‬وموضوعا‭ ‬وإلى‭ ‬وضع‭ ‬التزامات‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الأطراف‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬تجاه‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الحظر‭ ‬التمييزي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬معاملة‭ ‬تفضيلية‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬تعيق‭ ‬تطبيق‭ ‬المبدأ‭ ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إليه‭ ‬التعديل‭ ‬الجديد،‭ ‬وهذا‭ ‬التعديل‭ ‬نتيجة‭ ‬للجهود‭ ‬التي‭ ‬توليها‭ ‬الحكومة‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬والجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬برئاسة‭ ‬صاحبة‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأميرة‭ ‬سبيكة‭ ‬بنت‭ ‬إبراهيم‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬قرينة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬حفظها‭ ‬الله‭ ‬ورعاها،‭ ‬عبر‭ ‬دراسة‭ ‬التشريعات‭ ‬ومواءمة‭ ‬التشريعات‭ ‬بالاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ووضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وسياسات‭ ‬وخطط‭ ‬عمل‭ ‬بقصد‭ ‬التصدي‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬الشكلي‭ ‬والتمييز‭ ‬الموضوعي،‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬مبادئ‭ ‬المساواة‭ ‬وتكريس‭ ‬مفاهيم‭ ‬عدم‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬العمل‭. ‬   {‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬المشارك‭ ‬ كلية‭ ‬الحقوق‭ - ‬جامعة‭ ‬البحرين

مشاركة :