من منطلق حرص مملكة البحرين على التطبيق الفعلي الفعال للمعايير الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وعلى الأخص الاتفاقية الدولية رقم 100 لسنة 1951 الصادرة من منظمة العمل الدولية بشأن تكافؤ أجور العاملين والعاملات عن العمل ذي القيمة المتكافئة واتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة والتزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي اعتمدتها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015 وعلى الأخص الهدفين الخامس المتعلق بالمساوة بين الجنسين والعاشر المتعلق بالحد من أوجه عدم المساواة، جاءت الرؤية الملكية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه بإصدار المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي رقم (36) لسنة 2012، وذلك عبر إضافة فقرة ثانية إلى المادة رقم (39) تنص على «حظر التمييز في الأجور بين العمال والعاملات في العمل ذي القيمة المتساوية»، لتستكمل مملكة البحرين البنية التحتية لمنظومة حقوق الإنسان، ولتؤكد أن المساواة وعدم التمييز عنصران أساسيان في الرؤية الحكومية البحرينية وأن السبيل لوضعها موضع التنفيذ سبيل يأتي عبر أدواتها التشريعية التي تقوم على مبدأ المساواة وعدم التمييز بكل أشكاله وصولاً إلى أن يكون الجميع متساوين في الحقوق والحريات الأساسية، وذلك بتكريس المفاهيم الوطنية الواردة في صلب الدستور البحريني التي تؤكد أن «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة». ويأتي هذا أيضا في ظل المفاهيم الدولية التي أبانت عنها الصكوك الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وصادقت عليها حكومة مملكة البحرين، إذ إن حظر التمييز في الأجور بين العمال والعاملات في العمل ذي القيمة المتساوية لا يمثل حقا أساسيا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو كذلك عامل حاسم في التعجيل بتحقيق أهداف التنمية المستدامة ويساعد على تسريع عجلة النمو الاقتصادي والتنمية في شتى المجالات، إذ لا يمكن تحقيق المزيد من المساواة وعدم التمييز بين الجنسين بدون أن يكون هناك منظومة تشريعية قوية تؤكد ذلك. وبذلك تكون الرؤية الملكية السامية ترمي إلى القضاء على أشكال التمييز المتعدد شكلا وموضوعا وإلى وضع التزامات على عاتق الأطراف الفاعلين في القطاع الخاص تجاه هذا النوع من الحظر التمييزي أو أي معاملة تفضيلية بشكل مباشر أو غير مباشر تعيق تطبيق المبدأ الذي يهدف إليه التعديل الجديد، وهذا التعديل نتيجة للجهود التي توليها الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه والجهود المبذولة من المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى حفظها الله ورعاها، عبر دراسة التشريعات ومواءمة التشريعات بالاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان ووضع استراتيجيات وسياسات وخطط عمل بقصد التصدي لكل من التمييز الشكلي والتمييز الموضوعي، ما ينعكس على تعزيز مبادئ المساواة وتكريس مفاهيم عدم التمييز في نطاق العمل. { أستاذ القانون العام المشارك كلية الحقوق - جامعة البحرين
مشاركة :