الرجل الذي بلع لسانه مات - شريفة الشملان

  • 10/19/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تكون الدماء طازجة فإن رائحتها لا توصف، تلك الرائحة التي تجر روائح، هذا النفق المظلم الذي لا أدري كيف نكون قد دخلناه، أكتب اليوم مساء الجمعة والدماء في سيهات والأخبار ترد لنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إطلاق نار ودماء وإرهاب، بينما الحسينيات تعيد مشاهد محرم الحرام. الناس أحرار بمعتقداتهم، بل كلنا أحرار فيما نعتقد والطريق لله مختلف ولكنه كله لله، لا أحد يفرض على آخر تفكيره وعقيدته وخاصة تلك العقيدة التي تجذرت في الأعماق، سيدنا الحسين عليه رضوان الله سيد شباب أهل الجنة، سبط رسول الله. من يريد أن يحيي تلك الذكرى فليحيها، ومن يتذكر ويتفكر في حادثة شقت المسلمين ليومنا يتفكر. في العام الماضي فجعنا بحادثة الدالوة، ومن ثم تبعتها حادثة مسجد القديح فمسجد العنود خلال جمعتين متتاليتين. تبع ذلك مسجد لطلبة عسكر يتدربون في الجنوب. عندما يستهدف المواطن الشيعي فأصابع الاتهام تتجه للآخر السني، وإن أخشى ما نخشاه أن يتحول الأمر لأكثر من ذلك، فالعبث بأمن الوطن وأمن المواطن هو أكبر هدم للوطن ومن ثم له تأثير كبير على الوطن بكل نواحية سواء الداخلية وما يجره من ويلات أم التنمية والاقتصاد وحركة العمل وما إليه. فتدور عجلة الحروب وتجار الأسلحة ومهربيها بدلاً من المصانع وتنمية الصناعة والزراعة، في حين نصبو لنماء وغد مشرق تعوقنا وتشدنا للخلف تيارات وأفكار تقوض كيان الوطن. قد نقول إن عدم وجود قانون يجرم الطائفية يقف وراء ذلك، ولكن القتل جريمة فمن قتل إنساناً يكون كمن قتل الناس جميعاً، فأي مؤمن لن يمد يده على بشر ليقتله فالحياة هبة إلاهية لا يسلبها إلا المولى. كيف يستمر هذا الداء وكيف يسرح ويمرح الإرهابيون وكيف لا تعمل المناصحة عملها؟ أمور كثيرة نقف عاجزين عنها، هل تأثير الحروب الخارجية أثر على وطننا، منذ شارك مواطنونا في حرب أفغاستان ومن ثم العراق وسورية، وعادوا شيئاً آخر تغذى مما هو موجود أصلاً، ولمدة ثلاثين عاماً. ثلاثون عاما كان الحبل على الجرار وكان الأمر بعيداً عنا، وكان الاحتقان يزداد، وكل المحافل والمحاضرات والندوات تزعق وتأكل باللحمة الوطنية، وكل يمرح ويكتب ويسب ويلعن، ولا رادع، حتى وصلنا الموج وهاهو على أبواب بيوتنا جميعها.. اليابانيون في الحرب العالمية الثانية كان الجندي منهم إذا وقع في الأسر بلع لسانه فيموت خشية أن يدل العدو على معلومات تفيده.. أما نحن فلنا في كل يوم موتة لأننا بلعنا ألسنتنا لمدة ثلاثين عاماً وها نحن نجني ثمار ما بلعناه إذ توقعنا أن لحمتنا أكبر وأقوى أن ينال منها شيء. ولكن أن يصل الأمر للموت وإلى عدم الأمان هذا شيء دل على أن حساباتنا كانت خاطئة ودلت على أن بلع اللسان ليس دائماً يؤدي لنتيجة طيبة. عفواً علينا أن نتكلم وأن نقول لا عندما تجتاحنا تلك الكلمة لا نجعلها حبيسة مجالسنا الخاصة. وقبل أن أختم لا بد من إسكات تلك المحطات الناعقة ومن الطرفين، فهي قنوات محرضة وفاجرة، ما يذاع بها ليس حرية رأي بل هو نسف لحياة البشر. وكفاية بلع لألسنتنا فمن يبلع لسانه يموت.

مشاركة :