أبقت لجنة مكلفة بإصلاح الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) خططها لتصحيح مسار المنظمة التي طالتها أكبر فضيحة فساد على مدار تاريخها طي الكتمان بعدما أنهت ثاني اجتماعاتها أمس، واكتفت بالقول إن المناقشات اتسمت «بالثراء والعمق»، وأنها ستعلن توصياتها الأولى غدا، الثلاثاء. وقال رئيس اللجنة المحامي السويسري فرنسوا كارار: «سأقدم تقريرا مرحليا بتوصيات ملموسة إلى الاجتماع الطارئ للجنة التنفيذية المقرر في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي». ومؤكدا على أن لجنته تحقق «تقدما». وكانت لجنة الإصلاحات عقدت اجتماعها الأول مطلع الشهر الماضي، وناقشت الكثير من الإصلاحات من دون أن تقدم أي مقترحات على أن تعقد اجتماعها الثالث الأخير في 19 و20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وأضاف كارار: «سنكمل اقتراحاتنا خلال هذا الاجتماع، بهدف تقديمها إلى اللجنة التنفيذية للفيفا المقرر اجتماعها في 2 و3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل». ولا تعرف بالتحديد الاقتراحات التي سيتم تقديمها، ولكن هناك بعض المسارات، بينها وضع حد للولايات المتتالية لرئاسة الفيفا (اقتراح رفضه الفيفا عام 2014)، وشفافية أكثر بخصوص الرواتب بينها تلك المتعلقة بالرئيس، والقيام بتحقيقات أخلاقية مركزة على أعضاء اللجنة التنفيذية وإصلاح هياكل الفيفا بهدف المزيد من الرقابة على اللجنة التنفيذية. وكان دومينيكو سكالا الرئيس المستقل للجنة المراجعة في الفيفا كشف عن خطة مفصلة لإصلاح الاتحاد الدولي تشمل تحديد مدة شغل مناصب المسؤولين المنتخبين في الفيفا وتشديد إجراءات التحقق من النزاهة. واقترح سكالا تحديد مدة عمل المسؤولين بالفيفا بفترة لا تزيد على 12 عاما بداية من الرئيس إلى ما دونه مع الكشف الكامل عن الدخل الذي يحصل عليه الرئيس والأمين العام وأعضاء اللجنة التنفيذية مع إجراء مراجعة أكثر تفصيلا وفاعلية لنزاهة أعضاء اللجان المختلفة. كما تتضمن المقترحات تشكيل مجلس إدارة للاتحاد الدولي يتم انتخابه من الجمعية العمومية ليحل بدلا من اللجنة التنفيذية صاحبة النفوذ الأكبر مع وجود لجنة إدارية لتسيير أمور الاتحاد بشكل يومي. ومن المتوقع أن تناقش اللجنة إضافة إلى الإصلاحات التي يجري إعدادها، مسألة تأجيل موعد انتخابات رئاسة الفيفا المقررة في 26 فبراير (شباط) 2016، وذلك بعد قرار لجنة القيم في الاتحاد الدولي بإيقاف رئيسه السويسري جوزيف بلاتر والفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي المرشح الأقوى لخلافته لمدة 90 يوما بسبب قضايا فساد. وأنشئت لجنة الإصلاحات في 20 يوليو (تموز) الماضي من قبل بلاتر. وعهدت رئاستها إلى كارار المدير العام السابق للجنة الأولمبية الدولية والذي قاد عام 1999 مسلسل إصلاح تنفيذية اللجنة الأولمبية الدولية بعد فضيحة الرشى المرتبطة بترشيح مدينة سولت ليك سيتي الأميركية لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2002. ولكن إذا كانت لجنة اللجنة الأولمبية الدولية ضمت خبراء مستقلين مثل المحامي ووزير العدل الفرنسي السابق روبير بادينتر أو وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، فإن لجنة الفيفا تضم 12 عضوا تم اختيارهم من الاتحادات القارية الستة بمن فيهم رئيسها بمعدل اثنين عن كل اتحاد قاري (آسيا وأفريقيا وأوروبا وأوقيانيا وأميركا الجنوبية والكونكاكاف) إضافة إلى عضوين يمثلان الرعاة التجاريين. وبالتالي فإن أغلبهم من عائلة كرة القدم مثل جياني إنفانتينو الأمين العام للاتحاد الأوروبي للعبة والكويتي الشيخ أحمد الفهد عضو اللجنتين التنفيذيتين للفيفا والأولمبية الدولية. ويواجه الفيفا ضغوطا لا سابق لها لإصلاح هياكله بعدما أصدرت السلطات الأميركية في مايو (أيار) الماضي لائحة اتهام بحق تسعة من مسؤولي كرة القدم الحاليين والسابقين بتهم الرشوة والفساد. وخدم الكثير منهم في اللجنة التنفيذية أو في لجان الفيفا المختلفة. وتفاقمت الأزمة في 8 أكتوبر الحالي بعد قرار إيقاف بلاتر وبلاتيني في انتظار نتائج تحقيق شامل رجح المدعي العام السويسري مايكل لاوبر أن يستمر لمدة تصل إلى نحو خمس سنوات. وقال لاوبر في مقابلة مع محطة «إس آر إف» الإذاعية: «من الناحية الواقعية ووفقا لكل التحقيقات الكبيرة فإن إطالة أمد التحقيق لأكثر من خمس سنوات يعد أمرا سيئا، الأمر يتوقف على أطراف التحقيق وكيفية تعاملها مع المدعي العام». وسبق أن أوضح لاوبر الشهر الماضي أن التحقيق الذي بدأ في مارس (آذار) الماضي لم يصل إلى منتصفه بعد. ويشكل منح الفيفا حق استضافة كأس العالم عامي 2018 و2022 لروسيا وقطر على الترتيب واحدة من المسائل التي يحقق فيها مكتب الادعاء في سويسرا. وقال لاوبر للمحطة الإذاعية السويسرية إن مستوى تعاون الفيفا مع مكتب الادعاء جيد إلا أنه يمكن أن يصل لمستوى أفضل. وأشار لاوبر إلى أن مكتب الادعاء لا يحقق حاليا في عرض استضافة ألمانيا لكأس العالم 2006 بعد تقرير لمجلة «دير شبيغل» الألمانية ذكر أن مسؤولي الكرة الألمانية استغلوا أموالا لدفع رشى للفوز بحق استضافة كأس العالم التي أقيمت قبل نحو تسع سنوات. ونفى فولفغانج نيرسباخ رئيس الاتحاد الألماني ما أوردته المجلة الألمانية وأكد على أن اللجنة المنظمة لمونديال 2006 لم تدفع رشى لأي مسؤول بالاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) للفوز بحق الاستضافة. وكانت المجلة قد أشارت إلى أن من بين من كانوا على علم بأمر الأموال التي دفعت كان رئيس اللجنة المنظمة فرانز بيكنباور ونائبه في ذلك الوقت نيرسباخ وفقا لوثائق داخلية خاصة بالاتحاد الألماني للعبة. وحول ذلك علق نيرسباخ: «يمكنني نفي الأمر مطلقا. يمكنني أن أؤكد أنه فيما يخص العرض ومنح حق استضافة كأس العالم 2006 فلم يكن هناك أي (مبالغ مخصصة للرشوة) بحوزة الاتحاد الألماني أو لجنة العرض أو اللجنة المنظمة فيما بعد». وبسؤاله عما إذا كان هناك أي صفقة للتصويت مقابل الأموال خلال التصويت الذي أجراه الفيفا في عام 2000 قال نيرسباخ: «لا يوجد بكل تأكيد. يمكنني أن أؤكد هذا لكافة مشجعي كرة القدم. حتى (دير شبيغل) لم تقدم أي دليل». كما نفى بيكنباور، الذي قاد ألمانيا كمدرب إلى لقب مونديال 1990، بشدة مزاعم المجلة الألمانية، قائلا: «لم أدفع أموالا لأحد من أجل الحصول على أصوات تساعد ألمانيا على نيل حق استضافة كأس العالم 2006». وأضاف: «أنا متأكد من أن أي عضو من اللجنة التي تولت ملف الترشح لم يقم بأمر من هذا النوع». وبدوره رفض فدور رادمان نائب رئيس اللجنة المنظمة لمونديال ألمانيا 2006 تلك المزاعم، وقال: «لم تقم لجنة العرض بتقديم رشوة لأي أحد. أنا مستعد لقول ذلك تحت القسم، لم نشتر أي صوت». ومع ذلك قال الاتحاد الألماني، إنه ينظر في أمر مدفوعات بقيمة 7.6 مليون يورو (61.7 مليون دولار) من اللجنة المنظمة لكأس العالم 2006 إلى الاتحاد الدولي (الفيفا) بهدف إقامة برنامج ثقافي خلال كأس العالم 2006، وهل تم استخدامها في الأغراض المخصصة لها؟ وزعمت مجلة «دير شبيغل» أن المدفوعات التي سيحقق الاتحاد الألماني في أمرها تمثل الأموال التي تمت إعادتها لروبرت لويس دريفوس الرئيس التنفيذي الراحل لشركة «أديداس» بعد أن قدم قرضا للجنة المنظمة لمساعدتها على دفع الرشى المزعومة.
مشاركة :