الأزمات الاقتصادية تدفع تركيا إلى توسيع المقايضة بالعملات الأخرى أنقرة - تدفع الأزمات الاقتصادية المتفاقمة تركيا إلى مواصلة البحث عن حلول يائسة مثل تسريع البحث عن مقايضات تجارية بالعملات الأخرى، بعد الانهيار السريع لليرة في الفترة الأخيرة على وقع تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان. ووسع البنك المركزي التركي الخميس المقايضة التجارية بالعملات مع كوريا الجنوبية بعد أن قام بخطوات سابقة شملت عملات الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا. وأعلن المركزي التركي في بيان أنه أبرم اتفاقية مقايضة العملات المحلية مع نظيره الكوري الجنوبي بقيمة 17.5 مليار ليرة (نحو ملياري دولار) مقابل 2.3 تريليون وون كوري جنوبي. من جانبه قال البنك المركزي الكوري الجنوبي إن البلدين “وقعا على أول اتفاقية لتبادل العملات بينهما، التي يبلغ أجلها ثلاث سنوات في خطوة من شأنها تعزيز التبادل التجاري بين البلدين”. وتعتبر مقايضة العملات أداة للدفاع ضد الاضطرابات المالية من خلال السماح لدولة تواجه أزمة سيولة باقتراض الأموال من دول أخرى بعملتها الخاصة. وتقود الصين سياسة اعتماد التبادل بالعملات المحلية في تبادلاتها التجارية مع الكثير من الدول في أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط وبعض دول أوروبا الشرقية. وكان أردوغان قد قال قبل أشهر إن بلاده تستعد “لاستخدام العملات المحلية في تجارتنا مع الصين وروسيا وإيران وأوكرانيا وغيرها من الدول التي لدينا تبادل تجاري كبير معها”. وأكد حينها أن أنقرة “مستعدة لتأسيس نفس النظام مع الدول الأوروبية إذا كانت تريد الخروج من قبضة الدولار”. وانتشرت التوقعات خلال الفترة الماضية بأن تركيا، التي تسعى للحصول على الأموال التي ستساعدها في التعامل مع تفشي وباء كورونا وتعزيز احتياطاتها من العملات الأجنبية المتضائلة، ستؤمن صفقات تبادل عملات من الخارج، مما يخفف الضغط على قيمة الليرة المتراجعة. لكن المحللين استبعدوا أن يخفف ذلك من أزمات تركيا المتفاقمة، لأن تلك الأزمات مرتبطة بسياسات أردوغان التي قوضت استقلالية مؤسسات الدولة وخاصة البنك المركزي واعتماد توجهات تتعارض مع القواعد الاقتصادية الراسخة. ويؤكد هؤلاء أن اعتماد التبادل التجاري بالعملات المحلية للدول يمكن أن تكون له نتائج إيجابية لكنها لن تخفف الأزمات الخانقة للاقتصاد التركي الذي يعاني من انهيار ثقة المستثمرين بسيادة القانون، ما أدى إلى نزوح عشرات الشركات العالمية الكبرى من البلاد. ويأتي الإعلان عن الخطوة قبل وقت وجيز من إعلان المركزي التركي، عقب اجتماع عقدته لجنة السياسة النقدية للبنك برئاسة محافظه شهاب قاوجي أوغلو بالعاصمة أنقرة، إبقاء معدل الفائدة عند 19 في المئة على عمليات إعادة الشراء “الريبو” لمدة أسبوع. وتعاني تركيا من تبعات سياسات تحفيز النمو بأي ثمن، والتي أسهمت في ارتفاع التضخم إلى 18.5 في المئة، ومن المرجح أن يتم تجاوز تلك النسبة في ما تبقى من العام بعد أن تضاعفت خسائر الليرة لتبلغ أكثر من 40 في المئة منذ بداية العام. ويقول محللون إن هذا الوضع سيعرقل على الأرجح نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلد الذي يعاني من عدة صدمات رغم مكابرة المسؤولين، وعلى رأسهم أردوغان، بأنه يتعافى. وذكر المركزي أن الانتعاش السريع في الطلب العالمي والاتجاه التصاعدي في أسعار السلع الأساسية والقيود المفروضة على العرض في بعض القطاعات وزيادة تكاليف النقل، كل ذلك يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجين والمستهلكين على النطاق الدولي. ولا تزال آثار ارتفاع التضخم العالمي وتوقعات التضخم على الأسواق المالية الدولية محافظةً على أهميتها. كما أن الظروف المناخية التي تعيشها البلدان المصدرة للسلع الزراعية الرئيسية أثرت سلبا على أسعار الغذاء العالمية. ورغم أن أسعار الاستهلاك في تركيا ارتفعت خلال الأشهر الماضية بشكل غير متوقع إلى 17.5 في المئة، إلا أن المركزي لم يقدم أي مؤشر واضح على أن التيسير النقدي متوقع في الفترة المقبلة.
مشاركة :