تصدر الدوري الإسباني لكرة القدم المشهد الأوروبي والعالمي لفترات طويلة، قبل أن ينقلب المشهد تدريجياً منذ ثلاث سنوات، وستكون الأمور مقبلة على مشهد جديد، بعد أن شهدت الأيام الماضية تخلي «الليجا» عن جوهرتها الأرجنتينية ليونيل ميسي لمصلحة الدوري الفرنسي. إذ انتقل الأسطورة ميسي، أفضل لاعب في العالم ست مرات، إلى صفوف باريس سان جيرمان بصفقة انتقال مجانية الثلاثاء، وسط معاناة البطولة الإسبانية من اضطراب اقتصادي ومالي واضح يهدّد بريقها. ويُعد ميسي خسارة كبيرة فنية ومالية وتسويقية، ليس فقط لبرشلونة إنما للدوري الإسباني أيضاً، حيث يرزح «البارسا» تحت ضغط الديون التي وصلت إلى مليار و200 مليون يورو. ويأتي رحيل ميسي لينهي حقبة جميلة سطّرت ملاحم كروية جذبت أنظار كل العالم إليها، لا سيما تلك المواجهات التي جمعته مع البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي كان قد غادر الكرة الإسبانية وريال مدريد منتقلاً الى يوفنتوس الإيطالي في ما اعتبر حينها أول مسمار في نعش الدوري المحلي. وتسبّبت جائحة كورونا بخسائر مادية ضخمة للأندية الإسبانية وصلت إلى مليارَي يورو، ما دفع بالرابطة الإسبانية إلى فرض سقف للرواتب إلى حين تأمين التوازن المطلوب، إذ ستقوم رابطتها بالتصويت على بيع 10 في المئة من حقوق التجارية لمدة خمسين عاماً لشركة الأسهم الخاصة «سي في سي» مقابل 2.7 مليار يورو. وجوبهت هذه الخطوة برفض تام من عملاقي الدوري، ريال مدريد وبرشلونة اللذين اعتبراً أن هذه الصفقة «ترهن مستقبلهما». وسبق للناديين أن حاولا الانفصال من خلال تشكيل دوري السوبر الأوروبي، قبل أن تنسحب 9 أندية أخرى، ما عرقل استمرار المشروع الذي تعرّض لمناهضة جماهيرية واسعة أجبرت بنك الاستثمار الأميركي «جي بي مورجان»، والذي كان يدعم فكرة دوري السوبر إلى الاعتذار من المشجعين. رغم المشاكل التي تعصف بالدوري الإسباني من كل حدب وصوب، إلا أن كأس أوروبا والألعاب الأولمبية اللتين أقيمتا هذا الصيف سلّطت الضوء على حجم المواهب التي تختزنها الكرة الإسبانية، ما يمنح الشبان الإسبانيين فرصة البروز خلال الموسم الحالي في ظل إحجام الأندية المحلية عن التعاقدات الكثيفة. إذ اقتصرت تعاقدات ريال وبرشلونة على الصفقات المجانية، ما يعكس حجم الأزمة المادية التي واجهتهما في الفترة الأخيرة، فميسي لم يكن النجم الوحيد الذي غادر مسرح «الليجا»، بل سبقه أيضاً صخرة دفاع الفريق الملكي سيرجيو راموس المُنتقل إلى سان جرمان أيضاً. ومن بين التعاقدات المهمة التي اقتنصتها الأندية الإسبانية، تمكن النادي «الكتالوني» من الظفر بخدمات الهولندي ممفيس ديباي القادم من ليون الفرنسي، الإسباني إريك جارسيا والأرجنتيني سيرجيو أجويرو الوافدَين من مانشستر سيتي الإنجليزي. وفيما ارتبط اسم ريال بضمّ الموهبة الفرنسية الفذّة كيليان مبابي من نادي العاصمة الفرنسية من دون أفق واضح بعد، تُعتبر صفقة برشلونة بضمّ البرازيلي إيمرسون رويال من ريال بيتيس مقابل 9 ملايين يورو الصفقة الأكبر للناديين! وكان «الميرنجي» عوّض رحيل راموس بنجم بايرن ميونيخ النمساوي دافيد ألابا في صفقة مهمة. ويشهد الموسم الحالي عودة المدرب الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي لتولي تدريب الفريق خلفاً للفرنسي زين الدين زيدان الذي ترك منصبه للمرة الثانية. سيتعيّن على أنشيلوتي التعامل بحذر مع مقاربة النادي الجديدة والخالية من التعاقدات الرنانة أسوة بالسنوات الماضية، لكنه سيستفيد من عودة اللاعبين المُعارين الويلزي جاريث بيل والنروجي مارتن اوديجارد والإسباني داني سيبايوس. في ظل العاصفة المالية، لا شك أن الصمود سيكون إنجازاً كبيراً لكافة الأندية. ولعلّ من الأندية التي تعكس استمرارية مدهشة يأتي أتلتيكو مدريد حامل اللقب في الطليعة، وذلك في ظل بقاء الأرجنتيني دييجو سيميوني على رأس الجهاز الفني لموسم آخر ومنذ العام 2011، بالإضافة إلى بقاء معظم النجوم. أضف إلى ذلك نجاح أتلتيكو في إبرام أكبر صفقات سوق الانتقالات الصيفي في إسبانيا بضمّ لاعب الوسط الأرجنتيني رودريجو دي بول من أودينيزي الإيطالي مقابل 35 مليون يورو. من جهته، أنهى إشبيلية الموسم الماضي بالمركز الرابع خلف برشلونة، وتمكن الفريق تحت قيادة خولن لوبيتيجي من تحويل عقد إعارة سوزو إلى توقيع رسمي من خلال دفع مبلغ 20 مليون يورو الى ميلان الإيطالي، كما ضمّ لاعب الوسط الأرجنتيني إريك لاميلا من توتنهام بصفقة مجانية. إلا أن إشبيلية قد يخسر المدافع جول كوندي الذي قد يعتبر صفقة رابحة للفريق الإسباني خصوصاً مع إمكانية انتقاله إلى أحد الأندية الإنكليزية. وفي حال بيعه، سيعمد إشبيلية لضمّ لاعب بديل. وقام ريال سوسيداد الذي أظهر عن فرص جيدة للمنافسة على المراكز المتقدمة بإنفاق 500 ألف يورو وكانت جميعها من أجل ضمّ المدافع الإسباني دييجو ريكو من بورنموث. ويعوّل سوسيداد على سلاح الاستقرار والانسجام بين لاعبيه تحت قيادة المدرب إيمانول ألجواسيل من أجل السعي لمقارعة العمالقة في الدوري الإسباني. من جهته، يطمح فياريال إلى ترجمة لقبه القاري بعد فوزه بالدوري الأوروبي «يوروبا ليج» بالمنافسة على المراكز الأربعة الاولى في «الليجا»، ويتسلح أيضاً ببعض الصفقات الكبيرة. إذ ضمّ المدافع الأرجنتيني جوان فويث رسمياً مقابل 15 مليون يورو بعدما كان لعب الموسم المنصرم كلاعب مُعار من توتنهام الإنجليزي، بالإضافة إلى تعاقده مع المهاجم بولايي ديا من رين الفرنسي مقابل 12 مليون يورو.
مشاركة :