كلما قرأت عن الإجراءات التي تتخذها وزارتا العدل والتنمية الاجتماعية حول مكافحة العنف الأسري يتسع مجال التفاؤل في نفسي، وأستشرف مجتمعاً خالياً من القسوة، ولكني أصطدم بالواقع المرير الذي تشهده الأسرة السعودية من خلال تزايد حالات العنف داخل أروقتها، مما يشير إلى أن محاضرات الوعظ والتوعية الشكلية لم تُجْدِ نفعاً!. أثارتني مؤخراً حادثة قتل زوج لزوجته بطريقة شنيعة قبل مضي أسبوع من دخولهما عش الزوجية وظهر أن الزوج لديه أمراض نفسية ومتعاطي مخدرات!. وبرغم اشتراط وزارة العدل إجراء فحص ما قبل الزواج مما حقق نجاحاً باهراً، حيث أوقف زواجات كان مصيرها الألم والتعب والشقاء، بل إن معظم الشباب لم يكونوا ليكتشفوا إصابتهم بفيروس الإيدز إلا بعد الفحص مما جعلهم يقلعون عن فكرة الزواج وينهون الخطبة بأعذار واهية، ويبدؤون ببرنامج العلاج، لاسيما أن الوزارة تبادر بتحويلهم إلى العيادات المتخصصة وتقدم المساعدة الطبية لهم. ولعلها فرصة مناسبة للإشادة بهذا البرنامج الريادي الذي يهدف للوقاية من توارث الأمراض الخطيرة من خلال التشخيص ومنع الزيجات غير المتوافقة، وما يساهم به فحص ما قبل الزواج في الكشف عن الأمراض المعدية والخطيرة التي قد يترتب عليها الضرر بنقلها لأبرياء سواء الزوجة أو الأبناء. ولكن لم يتضمن الفحص تعاطي المخدرات والمسكرات وهي من الأهمية بمكان، حيث يشكّل محوراً في استقرار الحياة الزوجية، إذا علمنا أن كثيراً من السيدات واجهن عنفاً بسبب تعاطي أزواجهن للمخدرات أو الخمور، ولا ينكر إلا جاهل تشتت الأسر بسبب تلك الآفة التي حطمت قلوبا وقتلت نفوسا وأراقت دماء. كما أن الأمراض النفسية المزمنة تحدث شرخاً في البيوت وقلَّ من ينجو منها، لذا يحسن فحص الشباب والشابات قبل زواجهم وعرضهم على طبيب نفسي لتشخيص حالتهم النفسية ومدى استعدادهم لتكوين حياة أسرية ناجحة. وهذا البرنامج من البرامج الوقائية ذات السمة الوطنية من الدرجة الأولى، وهو يعكس رعاية الحكومة لشعبها بهدف إنجاب أطفال أسوياء بقدرة الله وتنشئة جيل سليم ومعافى صحياً ليتمكن من أداء دوره الإنساني والوطني ويتحمل المسؤولية. دعائي بالتوفيق والاستقرار لأبنائنا وبناتنا المقبلين على بناء أعشاشهم الصغيرة.
مشاركة :