تواصل أم تصادم؟

  • 8/17/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تدَّعي رموز الحداثة في كثير من أقطار هذه الدنيا أن «ظاهرة» التواصل بين الأجيال الفكرية هي ظاهرة غير صحية، فلابد من حدوث «تصادم» فكري بين جيل وجيل، فالأجيال «الحداثية» الجديدة لابد أن تنشغل «بهدم الأفكار وإعادة بنائها من جديد»، وهذه المهمة تتعارض تمامًا مع التواصل الفكري بين الأجيال شكلًا ومضمونًا، ويبدو هذا الادعاء في حد ذاته أقرب ما يكون إلى «الهلوسة» منه إلى أي تفكير راجح وعقلاني، ذلك أن عدم احترام العطاءات الفكرية والأدبية لأجيالنا السابقة يُعد خرقًا واضحًا لناموس «التأثر والتأثير»، وهو ناموس لا غنى عنه، ولا يمكن استبداله بهدم الأفكار القديمة لبناء أفكار جديدة في محاولة، كما يصفها «الحداثيون»، لتحريك الركود الإبداعي في الفكر والأدب.ولا أدري كيف سيتم هذا التحريك إذا قمنا بفصل جيل عن جيل؛ لمجرد الرغبة في «التجديد» أو لمجرد الرغبة في التمرد على أي شكل أدبي قديم؟، وتكريس فكرة الصراع بين الأجيال، أو تقسيم الإبداع الفكري بين جيل وجيل لا يبدو تكريسًا صائبًا، بل هو ظاهرة مرضية، ذلك أن الحياة هي حلقات من التواصل، وأنشطة الإنسان الفكرية تُعد حلقة من حلقات هذا التواصل، فمن أين تجيء التجزئة، بل من أين يجيء التصادم بين الأجيال؟ فأدبنا المعاصر جاء ثمرة من ثمار عطاءات أجيال سابقة قدمت لنا ما استطاعت أن تقدمه من معطيات فكرية مختلفة في الشعرأو القصة أو الرواية أو المسرحية، ونحن بدورنا سوف نسلّم ما نعطيه لأجيالنا اللاحقة عملًا بسُنّة تواصل الحياة واستمراريتها، فكيف يدَّعي البعض أن بإمكانهم «تفكيك» الفكر وإعادة بنائه من جديد؟!mhsuwaigh98@hotmail.com

مشاركة :