لم يتقبل عقلي ما حدثتني به إحدى معارفي من الموظفات بإحدى مشافينا بمدينة جدة، اعتقدت بداية أنَّها تُبالغ فيما ذكرته، وظننت أنَّها من فئة الشباب الذين لَوَّث الإعلام فِكْرَه، فلم يَعُد يُجِيد غير الانتقاد لِبلَدِه ،والقَدح فيها، والتَّذمُّر من كل إنجاز بحقٍ أو بغير حقٍ، أقول هذه العبارة الأخيرة حتى لا نكون من الفِئة المبالغة في المدح فلا ترى الأخطاء والقُصور بحجة الوطنية وحُب الوطن. والحقيقة إنَّ حُب الوطن لا يوجب علينا الصَّمت عمَّا نراه من تقصير، وكذلك فإنَّ حب الوطن يُوجب علينا أن نُبرز ذلك التقصير بهدف التطوير، لا بهدف ازدراء الوطن . إنَّ ما ذَكَرَته مُحدثتي لا يُرضي كُلَّ مُحبٍ وغيور على وطنه، خاصة ونحن نسمع بأنَّ الدولة-حماها الله- تدفع الملايين بل البلايين من أجل التطوير، خاصة في قطاع الصِّحة والتعليم. لقد روت لي بأنَّ المشفى الذي تعمل به يتجوَّل به زُوَّار غُرباء،كأنَّ لديهم تصريحاً دائماً بِالزيارة والتجوال، بل بعضهم يُقيم به إقامة دائمة. فمن أولئك الزُّوَّار القطط بجميع أشكالها وأنواعها وألوانها، وتطور الأمر وبدأ نشاط هؤلاء الزُّوار يتوسع بكل جرأة، فأصبحوا يطوفون داخل غرف الولادة . ولم يقتصر الأمر على مشفى مُحدِّثتي، فقد حَدَّثها أحد الموظفين بمشفى في الباحة بأن الزُّوَّار غير الممنوعين من الزيارة هم القطط في الدرجة الأولى وهؤلاء لديهم إذن بالتجوال الدائم متى وأنَّى شاءوا، أمَّا فئة الكلاب والحمير فإذنها حتى الآن هو التجوال حول المشفى حتى إشعار آخر.كما أنَّ هناك زواراً آخرين هم الثعابين الصغيرة، وكم اصطادوا منها ووضعوها داخل زجاجات للذكرى. وتضيف محدِّثتي بأنَّ أغرب الزوَّار الذين استطاعوا أن يُصبحوا مقيمين إقامة دائمة هم الفئران الذين تمكَّنوا من جلب قبيلتهم بكاملها فاتخذت أسقف الغرف موطناً لها، ويظهر أنَّ الفئران لدينا لاتشكو من أزمة الإسكان التي تُؤرِّق كل مواطن. والغريب أنَّ الإدارة تأقلمت مع الوضع وتآلفت مع هؤلاء الزُّوَّار، إمَّا خوفاً من جمعيات حقوق الحيوان، أو إهمالاً وتقاعساً، أو جهلاً بالأوبئة والأمراض التي تنتشر عن طريق الفئران؟ وتحكي محدِّثتي بأنَّها وزميلاتها لا يستطعن النَّوم في أوقات المناوبات، بل إنَّهن طوال الوقت يشعرن بالرُّعب أثناء الدَّوام بسبب قفزات الفئران فوق رؤوسهن، وحين شكون الأمر للإدارة أتعرفون الحل الذي اقترحته؟! طلبت منهن أن يُحضرن عصاة يطرقن بها على السقف المستعار الذي يتوالد ويتكاثر فيه هؤلاء الزُّوَّار. تأمَّلوا معي هذا التفكير غير المسؤول، ولتزدادوا عجباً حين تعلمون أنّ هذا المشفى هو مشفى للولادة. يعني به مواليد صغار لا يُستبعد أن تُهاجمهم الفئران في ليلة من الليالي، ولن تُسارع وزارة الصِّحة بالنَّظر في الموضوع إِلاَّ بعد أن تتداول وسائل الإعلام خَبر هُجوم جيش من الفئران على عَددٍ من المواليد قد أَكلت بعض أعضائهم، عندها فقط ستُعلن الوزارة حالة الاستنفار، وتبدأ التحقيقات تُلو التحقيقات وكالعادة سوف تُسجَّل القضية ضد مجهول .!! . d.najah-1375@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (49) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :