تجده في الجزيرة العربية والشام والعراق، والأهواز، ولبسه الممثلون في الأفلام العربية القديمة، كذلك في بعض الأفلام الأجنبية. هذا الأسود الذي - رغم سواده - تكاد لا تكتمل الزينة أو الكسوة إلا به. قالوا إن اسمه من عقال البعير، أي قيده. وكان الأعرابي يضعه على رأسه عندما لا يحتاج إليه، وجاءت الصور في القواميس والمعاجم لتضعه سمة مميزة للعربي. ولا غبار على ذلك، فلكل أمة طابعها من حيث الملبس. ولغة الضاد لم تترك شيئا في حاله. والمدقق في المعاجم سيجد أن للكلمة معنى آخر "مش ولابد"... سلبي بعض الشيء..!. فهو أيضا داء يأخذ الدواب في الرجلين..!، ودابة معقولة أي بها عقال، إذا مشت كأنها تقلع رجليها من طين. وأكثر ما يكون ذلك في الشتاء. ورغم الظروف والمتغيرات لم يتراجع دور العقال في حياة العربي عامة وأبناء الجزيرة والخليج خاصة. وظل في الذاكرة والممارسة أقوى من النسيان، لدرجة أن من يتثاقل عن لبسه أثناء قيادة السيارة مثلا فانه يعلقه أمامه على المرآة التي صممت كي تساعد السائق على النظر لحركة السير من خلفه. ومن قائل إن من يضع العقال على ذلك النحو لا يريد إلا أن يراه الآخرون، لا لكي يشهدوا همته في الاعتزاز بلباسه التقليدي، أو اهتمامه بهندامه، بل لكي يظهر للغير أن بإمكانه استعمال العقال عند الضرورة.. ولهذا أستطيع القول إن اشارة كهذه ليست مفعمة بالرقة.. وما كان الناس يخافون كثيراً من العقال المعلق على المرآة داخل السيارة. فاذا " اشتغلت العُقل" وهو تعبير العامة عن وجود عراك، فالمسألة لا تتعدى ضربة عادية قد لا يكتشف أثرها المرء الا في وقت لاحق...!، أي أنها لا تحتاج الى علاج ولا الى ضماد. لأن العقال لم يكن ضمن تصنيف الأسلحة أو الأدوات الجارحة أو الراضّة. ملاحظتي أن منظر العقال المعلق على مرآة السيارة يكاد يختفي. وصار العارفون بمخاطر السير ينصحون بإهمال النظر الى ما هو معلق على مرآة السيارة بل تقدير ما قد يكون انزوى تحت المقعد... والإنجليز لم يوفقوا في إيجاد ترجمة مناسبة، فسمّوا العقال: (هيد باند) والأميركان. * نافذة شعر. لا تُحدّثني عن الشعب الذي يُدفنُ حيّا عن بلادٍ عُصرتْ أنفاسها شيئا فشيّا لا تقُل لي كيف يمحون الوميض العربيّا (الشاعر السوري المرحوم سليمان العيسى) لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net
مشاركة :