الحديث عن شاعر العرضة الجنوبية المخضرم محمد بن مبروك الغويد الغامدي ذو شجون فشخصية شاعرنا وقصائدة اتسمت بالعديد من السمات التي جعلت منه علما يشار إليه بالبنان ، فقد جمع شعره بين جودة السبك وعمق المعنى وجزالة الألفاظ ، أما شخصيته فاتصفت بكريم الصفات من شجاعة وخلق وتواضع جم ، واعتاد شاعرنا أن يستهل أغلب قصائدة وخصوصا الطويلة منها “المسيرة ” بذكر الله ، ويدعو إلى مكارم الأخلاق ككف الأذى ، والإصلاح بين الناس وإكرام الضيف يقول في إحدى قصائدة : ” طلبة الله قبل بدع الكلام … كل علمٍ له وصول ونظام … مرحبا ياللي حضرت ولفيت مرحبا ترحيبةٍ ماتغبّى … ترضي الاتلى مع الاوّلي” كان الغويد ملك الإلقاء ، إذا قال أسمع ، وإذا ضرب أوجع ، ووقوفه على المنصة يكون قويا بما حباه الله من ، تمكن شعري ، وصوت متميز ، وشجاعة منفردة . يقول في إحدى الحفلات التي حضرها جمع من الشعراء من عدة مناطق قبل مايقارب الثلاثة عقود : ” والله لو صاروا سوا والغويد لحالي … ماينقلع بيتٍ بني من مكاينه ” كان الغويد يحترم زملائه الشعراء الذين يقطعون المسافات لحضور احتفالات أهالي منطقة الباحة ويحتفي بهم ، وأذكر أن أحد شعراء منطقته حاول الاحتكاك مع أحد الشعراء القادمين من خارج المنطقة ، فما كان من الغويد إلا أن عاتب زميله قائلا : ” أما رفعت السيف ياراعي الريع الوسيع … ولا حكمنا سوقنا حد حكمه من هله ” فمع أن الشاعر الضيف كان خصمه يوما ما والعرضة كانت على أرضه وبين جماهيره إلا أنه رفض أن يمس ضيفه بسوء ، وهذا بلا شك يدل على سمو خلقه!! لم يكن الغويد يوما من الأيام منافسا على المركز الثاني ، بل كان يحرص على نيل المركز الأول يقول عنه الشاعر سعد بن عزيز : ” الغويد شاعر مفترس لابد أن يكون له ميزة أو بصمة في الحفلة ” !! الحديث عن الغويد لا يُمل ، ولعلي أختم مقالي عن هذا الشاعر العملاق ببعض النوادر : الأولى : أن أقاربه الذين تزوجت ابنتهم من خارج المنطقة أصروا عليه أن يصطحبهم في إحدى مناسبات الزواج وكان الغويد حينها مريضا ، فحملوه يتهادى بين رجلين ليقف في مقر الاحتفال مشاركا حتى نهاية الحفل !! الثانية : أنه في إحدى الحفلات ألقى قصيدة بلغت ستين بيتا وتحدث عنها زميله الشاعر سعد بن عزيز القرني – قناة الصحراء برنامج : صدى الجنوب – مقسما أنها لم تكن باتفاق مسبق بينهم كما ادعى البعض بل كانت ارتجالية ، وهذه شهادة من شاعر كبير !! رحم الله الشاعر محمد الغويد وتجاوز عنه ورفع منزلته في الآخرة كما رفعها في الدنيا ورحمنا إذا صرنا إلى ماصار إليه .
مشاركة :