وصلتني رسالة فيها الاستفسار التالي.. «هل من الممكن تطبيق التخطيط الإستراتيجي في حياتنا الشخصية..؟ أم هو فقط في عملنا..؟» وكانت إجابتي كالتالي.. «بالتأكيد تستطيعين تطبيق التخطيط الإستراتيجي في حياتك الشخصية.. والطريقة هي كالتالي: قومي بوضع أهداف تودين تحقيقها حتى آخر العام الحالي (وهي أهداف المدى القريب)، وقومي بوضع أهداف أخرى لثلاث أو خمس سنوات قادمة (وهي أهداف المدى البعيد). ثم ولكل هدف، قومي بوضع مهام وتواريخ محددة ومتوقعة للإنجاز. وذلك يعني، مثلاً، إذا أردتي إنقاص وزنك خمسة كيلوغرامات قبل نهاية العام، قومي بوضع عدة مهام لتحقيق ذلك الهدف وهي بأنه وخلال الأربعة شهور القادمة حتى نهاية شهر ديسمبر، سوف تمارسين الرياضة لمدة ساعة يومياً، وكذلك سوف تقللين من عدد الوجبات اليومية، وأيضاً سوف تأخذين قسطاً كافياً من النوم يومياً، وكذلك ستقومين بشرب ستة أكواب من الماء على الأقل يومياً.. وخلال هذه الفترة، قومي بالإشراف على إنجاز تلك المهام، في وقتها المحدد، وأيضاً الإشراف على إدارة الأداء، في كل شهر، ببعض المؤشرات الهامة مثل.. هل بدأتي فعلاً في إنقاص وزنك بنجاح.. وما هي النسبة.. وهل هذه النسبة المحققة تتماشى مع النسبة المرجوة شهرياً..؟ وهذا كان مجرد مثال بسيط من أجل توضيح الفكرة.. ولكن قومي بوضع الأهداف الإستراتيجية التي تريدينها لحياتك. والله يوفقك». وانتهت الرسالة. والتخطيط الإستراتيجي في حياتنا الشخصية لا ينطبق فقط على ذلك المثال البسيط، بل ينطبق كذلك على أهداف أكبر وأعمق في حياتنا، كتحقيق السعادة أو الوصول إلى النجاح أو غيرها من الأهداف الإستراتيجية لحياتنا الشخصية. والمهام المطلوبة لتحقيق السعادة، مثلاً، قد تختلف من شخص إلى آخر وذلك حسب مفهومنا للسعادة وسُبل تحقيقها في الحياة. فالبعض قد يرى أن مهام الوصول للسعادة هي في الحفاظ على قراءة وِرد يومي من القرآن الكريم، أو في زيارة الوالدين يومياً للبر بهما، أو في التصدق والدعاء اليومي لهما في حالة الوفاة، أو في السفر والتنزه عدة مرات في العام، أو في ممارسة الرياضة يومياً بانتظام، وهكذا.. وإذا واظب واستمر في تحقيق تلك المهام التي يراها الأنسب له، فسوف يشعر بالسلام الداخلي وبالتالي السعادة. وبالمعايير ذاتها، يستطيع الإنسان وضع المهام التي تساعده على الوصول للنجاح، والشعور بالرضا عن ذاته، مثل الحصول على شهادات علمية إضافية، أو إتقان لغة جديدة، أو الالتحاق بوظيفة في مجال يستهويه. ومن المهم كذلك ذكر التالي.. يجب أن يملك الإنسان خيالاً واسعاً في اختيار المهام التي تساعده على الوصول لأهدافه، وألا يكون تقليدياً بل مبدعاً في اختيارها. مثلاً، هناك أشخاص يجدون النجاح والسعادة من خلال العمل الحُر، أو من خلال العمل عن بُعد. فلا يجب أن يلتزمون بالطرق التقليدية التي يتبعها الآخرون، مثل البقاء في أماكن العمل لساعات طويلة، بل يحاولون التواصل مع رؤسائهم لإثبات تميزهم وإنتاجيتهم من خلال ما يجدوه أكثر ملائمة لهم. ومن هنا، يجب أن يقوم الإنسان بتحليل داخلي لذاته ولطبيعته جيداً، ليفهم ما هي قدراته وميوله، وما هي نقاط قوته، وما هي نقاط ضعفه. وذلك أشبه بعمل تحليل SWOT إستراتيجي على ذاته، وكذلك العمل على تحليل البيئة الخارجية المحيطة به، مثل الأصدقاء وزملاء عمله وأقاربه، واختيار القرب من هؤلاء الذين يساعدونه على تحقيق النجاح والسعادة في حياته الشخصية، والبعد عن هؤلاء الذين يسببون له الأذى أو التعاسة. ومن هنا يتم تطبيق التخطيط الإستراتيجي بنجاح في حياتنا الشخصية. ** ** - خبيرة تقنية وتخطيط إستراتيجي
مشاركة :