فوق التلال المشرفة على وداي الحاصباني شرق جنوب لبنان، يمضي المزارع سعد خير الدين الساعات الطوال، يعاين في بستانه أشجار الفستق الحلبي وثمارها التي بدأت تكتسب اللون البنفسجي إشارة لاقتراب موعد نضوجها. وقال المزارع الستيني خير الدين من داخل بستانه لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن أشجار الفستق الحلبي قديمة العهد في هذه المنطقة وتعود إلى أكثر من مئة عام . وأضاف ورثت هذا البستان عن والدي وأحرص على رعاية أشجاره المعطاءة والاعتناء بها، فهي تؤمن لنا دخلا مقبولا في ظل تردي الوضع المعيشي ،بعدما تجاوز ثمن الكيلوجرام الواحد من الفستق 100 الف ليرة لبنانية (ما يعادل 5 دولارات أمريكية). وقال زراعة الفستق الحلبي بدأت بالانتعاش والتوسع منذ عدة سنوات في الأرياف اللبنانبة، مستفيدة من مساعدات جمعيات زراعية محلية ودولية ،إضافة لسهولة تصريف انتاجها محليا بعدما تجاوز الطلب العرض بفارق كبير. وأشار إلى أن الفستق الحلبي من أكثر المكسرات طلبا في كافة الأسواق اللبنانية،ويدخل في صناعة المثلجات خاصة البوظة والحلويات، وتزين به أطباق المأكولات الشرقية كما يقدم كضيافة فاخرة في المطاعم والمنازل. يذكر أن مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار الجوزية والتي تشمل الصنوبر والجوز والكستنا والبندق والفستق الحلبي تبلغ نحو 4 الآف هكتار وحجم دخل الفستق حوالي 5 ملايين دولار أمريكي سنويا . المزارع سالم حداد وخلال معاينته حبات الفستق الوردية في بستانه عند الطرف الشرقي لبلدة راشيا الفخار بشرق جنوب لبنان أعرب لـ ((شينخوا)) عن ثقة المزارعين بإنتاج شجرة الفستق الوفير مما دفعهم لزراعتها بكثافة خلال الأعوام القليلة الماضية . وأضاف ما يميز هذه الزراعة سهولة العناية بها، ومردودها ،والطلب المتزايد على ثمارها التي لم تفسد يوما ،على عكس زيت الزيتون المشهور في هذه المنطقة، حيث يفشل المزارعون في تسويق كامل إنتاجهم سنويا. بدوره قال مسؤول المكتب الزراعي في مرجعيون بجنوب لبنان أسماعيل أمين لـ ((شينخوا)) إن المزارعين في جنوب لبنان استفادوا في زراعتهم لأشجار الفستق، من تشجيع الجهات المعنية بوزارة الزراعة التي عملت على توزيع كميات من النصوب (الشتلات) مجانا للمزارعين. من جهته أوضح نديم حمدان نائب رئيس الجمعية التعاونية للزراعات البعلية وتربية الشتول في حاصبيا بجنوب لبنان ،أن الجمعية نظمت بالتعاون مع مهندسين زراعيين عدة ندوات أرشادية حول كيفية زراعة شجرة الفستق والعناية بها والجدوى الاقتصادية منها. وأوضحت المهندسة الزراعية ندى عواضة لـ ((شينخو)) أن التربة في لبنان ملائمة لشجرة الفستق التي تتوزع بين أشجار مذكرة وأخرى مؤنثة، وتزرع متقاربة من بعضها في الحقل الواحد حتى تتم عملية التلقيح بسهولة وكثافة. وقالت إن أشجار الفستق تعد من الأشجار المعمرة ، ويصل ارتفاعها ما بين 3 إلى 5 أمتار، وتعيش هذه الأشجار في جو معتدل وتتحمل درجات حرارة تتراوح بين 15 و45 درجة مئوية،وبحاجة لكمية أمطار بمعدل 400 مليمتر، ويمكن زراعتها في المناطق التي يصل ارتفاعها من 600 إلى 1000 متر عن سطح البحر . وأشارت إلى أن انتاج الفستق يختلف بين عام وآخر فالشجرة الواحدة تنتج خلال الموسم من 70 إلى 80 كيلوجراما في حين ينخفض انتاجها في العام التالي إلى أقل من النصف تقريبا. وأضافت المهندسة ندى إلى إمكانية تطعيم شجرة البطم البرية بالفستق وهذه العملية ناجحة جدا ويلجأ إليها نسبة كبيرة من المزارعين في جنوب لبنان . وقالت خبيرة التغذية سلمى أبو شقرا لـ ((شينخو)) إن ثمار الفستق غنية بالألياف الغذائية والحديد والبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور،والبروتين، والدهون،وتحتوي على فيتامينات عدة، كما أن الفستق يقي من السكتة القلبية ، ويخفض نسبة الكولسترول في الدم ويحارب الأكسدة ويحد من السرطانات وخصوصا سرطان الأمعاء. ويمكن تناول الفستق الحلبي نيئا أومحمصا أومملحا، ويدخل في حشوة الكثيرمن الحلويات والأطباق الشرقية. وأشارت آخر إحصائية لوزارة الزراعة عام 2016 إلى أن انتاج الفستق الحلبي في لبنان لا يتعدى 800 طن سنويا، في حين يستورد لبنان حسب بيانات الجمارك اللبنانية نحو 3 آلاف طن من الفستق معظمها من سوريا وإيران وتركيا. وتحتل الزراعة في لبنان المرتبة الثالثة بين القطاعات الاقتصادية في البلاد بقرابة 7 % من الناتج الوطني كما تؤمن دخلا لحوالي 15 % من السكان.
مشاركة :