تحقيق إخباري: الأعمال العسكرية في جنوب لبنان تحد من زراعة التبغ على الشريط الحدودي مع إسرائيل

  • 8/28/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

النبطية، جنوب لبنان 28 أغسطس 2024 (شينخوا) حدت الأعمال العسكرية على جانبي الخط الحدودي بجنوب لبنان بين حزب الله وإسرائيل، وبشكل كبير من زراعة التبغ في الشريط الحدودي، بعدما هجر المزارعون حقولهم لتبقى بورا قاحلة مما حرمهم من مصدر رزقهم الرئيسي والذي ينتظرونه عاما بعد عام. هذا التراجع الكبير في زراعة التبغ بدا جليا في بلدات الخط الحدودي وحتى في القرى الخلفية المحاذية لهذا الخط حيث انحصرت حقول التبغ في مساحات صغيرة ضيقة. من كابر في زراعة جانب من حقله تخلى مرغما عن قطف وتجفيف أوراقها جراء تكثيف الجيش الإسرائيلي من أعماله العسكرية وتوسيعها إلى عمق جنوب لبنان. وخلال عملها وبمساعدة أفراد عائلتها في جمع أوراق التبغ التي جفت بعد تعرضها لأشعة الشمس وتوضيبها مستعينة بمكبس خشبي وسط بلدتها القليعة شرق جنوب لبنان، قالت السيدة أوديل سلامة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "الأعمال العسكرية المتواصلة في منطقتنا الحدودية من جنوب لبنان حدت وبشكل كبير من زراعة التبغ نتيجة للخوف المسيطر حيث القذائف تتساقط بشكل عشوائي في كل مكان". وأضافت "لقد تخلينا عن الحقول البعيدة عن بلدتنا لتقتصر الزراعة على الحقول المحيطة بالمنازل وبمساحات ضيقة". وتابعت "إنتاجنا من التبغ تدنى هذا العام إلى أقل من النصف وبالكاد يسد كلفته، إبتداء من تحضير وزراعة الشتول والحراثة وقطف الموسم وشك وتشميس وتوضيب الأوراق". وإستطردت قائلة "على الدولة النظر بشكل جدي لمزارعي التبغ والتعويض عن خسائرهم علما بأن نسبة كبيرة من مزارعي الشريط الحدودي تتجاوز الـ 60 % يعتمدون في معيشتهم على هذه الشتلة فهي مصدر رزقهم الرئيسي". يتراوح عدد العاملين في زراعة التبغ بجنوب لبنان بحسب إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية بين 15 و 16 ألف عائلة، في حين أن المساحة المزروعة تصل إلى حدود 90 الف دونم يتجاوز إنتاجها السنوي 5 ملايين كيلو غرام، وإن التقديرات الأولية أشارت إلى إنخفاض الإنتاج هذا العام إلى حدود مليوني كيلو غرام فقط. من جهته، المزارع الستيني جمال العبدالله والنازح من بلدته عيترون إلى مدينة النبطية بجنوب لبنان، قال لـ((شينخوا)) إنها المرة الأولى ومنذ أكثر من 40 عاما اتخلى فيها عن زراعة التبغ في حقولي التي هجرتها منذ حوالي 9 أشهر. وأضاف "النسبة الأكبر من مزارعي التبغ بجنوب لبنان أي حوالي 85 % ابتعدوا عن حقولهم وتخلوا مرغمين عن هذه الزراعة التقليدية المزمنة بسبب الحرب المتواصلة منذ حوالي 10 أشهر". وتابع "مزارعان فقط من أصل 900 مزارع في بلدتي عيترون الحدودية أصرا وفي مغامرة خطرة على زراعة التبغ هذا العام وبمساحة محدودة جدا". وأشار "إلى إن أبناء المناطق الحدودية الجنوبية بشكل عام تعودوا في معيشتهم على زراعة التبغ المتوارثة من جيل إلى جيل حيث يعمل فيها كافة أفراد العائلة". وقال مدير الزراعة والمشتريات في إدارة حصر التبغ اللبنانية (الريجي) جعفر الحسيني لـ((شينخوا)) "لقد إتخذنا إجراءات سريعة لإنقاذ موسم تبغ العام الماضي والذي تزامن مع بدء الحرب بجنوب لبنان". وأضاف "تم نقل محصول التبغ من مخازن المنطقة الحدودية والتي باتت غير آمنة في ظل ما تعرضت له القرى الحدودية من قصف إسرائيلي إلى مستودعات بعيدة عن الخطر إستأجرتها الريجي على نفقتها". وتابع "إستحدثنا مشاتل تمكننا من تقديم الشتول مجانا للمزراعين لتحفيزهم على زراعة التبغ في أماكن نزوحهم حتى يتسنى لهم العودة الآمنة إلى قراهم وحقولهم في الشريط الحدودي". وأكد المزارع حسان سويد من بلدة الظهيرة في المنطقة الحدودية بجنوب لبنان لـ((شينخوا)) "إن الخطر الأكبر على زراعة التبغ بجنوب لبنان تلوث نسبة حوالي الـ80 % من الحقول بالفوسفور الأبيض الناتج عن استخدام إسرائيل للقذائف الفوسفورية في قصفها للمناطق الحدودية بجنوب لبنان"، على حد قوله. وأشار "إلى أن الفوسفور الأبيض من شأنه تلويث التربة لتصبح غير صالحة للزراعة ولفترة طويلة بحسب ما أبلغنا من خبراء في هذا المجال تابعين لوزارة الزراعة اللبنانية كانوا قد أجروا فحوصات مخبرية على عينات من تربة الحقول التي تعرضت للقنابل الفوسفورية"، على حد تعبيره. من جهته، قال رئيس ومدير عام إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) ناصيف سقلاوي لـ((شينخوا)) "إن الريجي وبسبب الأوضاع في الجنوب، وإنطلاقا من التزامها الأخلاقي والإجتماعي تجاه مزارعي التبغ قررت تسلم المحاصيل هذا العام من المزارعين وبشكل إستثنائي قبل شهر ونصف الشهر من الموعد المعتاد". وتابع "هدفنا من هذه الخطوة، التخفيف من أعباء التخزين على المزارعين ومساعدتهم في توفير السيولة في الظرف الصعب الذي يمرون به". وأضاف سقلاوي "منذ عقود طويلة، تشكلت علاقة وثيقة بين مزارعي التبغ في الجنوب وأرضهم وشتلتهم، حتى أصبحت شتلة التبغ رمزا للصمود والتحدي". وأشار "إلى إنه في هذا الموسم نسبة كبيرة من المزارعين في 41 بلدة تقع على خطّ المواجهة ثمّ في الخطّ الثاني الموازي لم يتمكنوا من زراعة أراضيهم خوفًا من القصف الإسرائيليّ وندرس إمكانية المساعدة والتعويض عن خسائرهم بعد تمكننا من الوصول إلى المنطقة الحدودية وإجراء إحصاء ميداني دقيق". رئيس اتّحاد نقابات مزارعي التبغ في لبنان حسن فقيه قال لـ((شينخوا)) إنّ أكثر من نصف مزارعي التبغ بجنوب لبنان تقريبًا لم يتمكّنوا من زراعة موسم التبغ لهذا العام. وأضاف "نجري اتصالات مع إدارة الريجي بغية دفع تعويضات لمزارعي التبغ الذين لم يتمكنوا من زراعة الموسم هذا العام". وأوضح "الصيغة المقترحة للتعويض تقضي بدفع المبلغ ذاته والذي قبضه المزارع بدل إنتاجه عن موسم العام الماضي مع بعض الزيادات إذا أمكن". يذكر أن إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) تتولى إدارة وزراعة التبغ والتنباك وتصنيعهما وتجارتهما في مختلف المناطق اللبنانية. ويشكل القطاع الزراعي في لبنان ثالث أهم القطاعات الإقتصادية بعد قطاع الخدمات والصناعة ويساهم بقرابة 7 % من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤمن دخلا لحوالي 15 % من السكان، وتشمل المحاصيل الزراعية الرئيسية القمح والشعير والفاكهة والخضار والزيتون والعنب والتبغ. ويتبادل حزب الله والجيش الإسرائيلي القصف منذ الثامن من أكتوبر الماضي على خلفية الحرب الدائرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في قطاع غزة، وسط مخاوف دولية من تصاعد المواجهات إلى حرب واسعة.

مشاركة :