بعد ثلاثة أيام، يتوجه الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة في جامعاتنا السعودية وفي مدارس التعليم العام، وسط احترازات صحية عالية، تفوقت الجهات الصحية والرسمية في الوصول إلى هذه المرحلة التي يعود فيها التعليم الحضوري باحتياطات وتوصيات واجبة لكنّ سيغيب عن هذه المقاعد مجموعة من الطلاب والطالبات الذين لم يتمكنوا من الحصول على مقعد جامعي، رغم تفوقهم نتيجة الجهد الكبير الذي بذلوه طيلة سنوات المرحلة الثانوية؛ إلى درجة أنّ كثيراً منهم يكاد منهمكاً مع مقرراته الدراسية طيلة يومه الدراسي، وخصوصاً في العام الثاني والثالث من المرحلة الثانوية، الذي يمضيه بين مواد الثانوية، وبين الاستعداد الكبير لاختبار القدرات الذي يهتم بقياس الجوانب اللفظية والكمية لدى المتعلمين في الثانوية، ثمّ الاختبار التحصيلي الذي يركز مباشرة على تحديد مستوى الطلاب والطالبات في مجموعة من المقررات الدراسية التي يتعلمها المتعلم في المرحلة الثانوية. ونتيجة لغياب نظام الفرص المتكافئة في الحصول على مقعد جامعي؛ بسبب توجه أغلب الجامعات إلى تطبيق نظام الأولوية، فإنّ مجموعة واسعة ممن تراوحت نسبهم الموزونة من 90% إلى 96%، لم يجدوا حتى هذه اللحظة مقعداً واحداً في جامعة حكومية؛ مما تسبب في حالة نفسية صعبة لدى هؤلاء الطالبات والطلاب الذين يعيشون لحظات تحتاج وقفة كبيرة من وزارة التعليم، ومعالجة ذلك في أقرب وقت ممكن، لا أقل بإتاحة الفرص لهولاء الطلاب والطالبات للحصول على قبول في الفصل الدراسي الثاني. وإذا وضع أي مسؤول في التعليم العالي نفسه مكان أحد الآباء أو الأمهات الذين يواجهون معضلة ليست سهلة أبداً؛ إذ إنّ مستوى شكواهم عالٍ، والجميع ينتظر أن يتلقى بشارة خير قريباً؛ لأن هؤلاء الطلاب والطالبات هم الشباب الذين يجدون أعلى مقامات الاهتمام وفرص الرعاية والتعليم في رؤية الخير، كونهم الخزّان البشري الذي يستشرفه المستقبل الزاهي إن شاء الله. إنّ المتأمل في أغلب خريجات وخريجي الثانوية هؤلاء، الذين لم يجدوا مقعداً دراسياً، يجدهم يعيشون في حاضرة الدمام ومدنها، ولأنّ جامعات الدمام والظهران لا تطبق نظام الأولوية، أي أنّ التسجيل متاح لكل طالب في المملكة وفق نظام الفرص المتكافئة، تبدو المنافسة في أعلى درجاتها؛ إذ الفروق في النسب الموزنة لا يتجاوز بعضها الكسور العشرية. وبهذا تبدو مشكلة تتمثّل في بعدين، الأول: أن جامعات حاضرة الدمام مفتوحة للجميع دون تطبيق لقاعدة الأولوية، والآخر: أنّ بقية الجامعات السعودية تطبق نظام الأولوية، بتفاوت شروط النسبة الموزونة في التقسيم الغريب الذي يفرز المتقدمين من الطلاب والطالبات إلى مَن هم مِن داخل التقسيم المناطقي، بل إن الأمر صار يميل إلى هذا النحو من التقسيم داخل محافظات المنطقة الشرقية، كما هو الحال مع جامعة حفر الباطن، التي تقع في محافظة حفر الباطن بالمنطقة الشرقية، والأمر ذاته يتكرر مع فرع جامعة الإمام عبد الرحمن الفيصل في محافظة الجبيل بالمنطقة الشرقية، وفي جامعات محافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية، فيما تتضاءل فرص المحافظات التي لا تتوفر فيها جامعات. إنّ الضرر القائم واضح كالشمس في رابعة النهار، وفي الوقت نفسه، لا يتمكن جميع من لم يجد قبولاً في جامعة حكومية من ذوي النسب الموزونة المرتفعة، في الالتحاق بالجامعات الأهلية، بل إن حتى من لديه الاستطاعة، لن يتمكن في الالتحاق الآن بعد إغلاق فترات القبول والتسجيل في الجامعات المعنية. القضية تحتاج إلى جراحة عاجلة ومعالجة منصفة والأمر بين يدي معالي وزير التعليم وفقه الله، فهل ثمّة تغريدة فرح قريب؟
مشاركة :