لعل أكثر قصص فشل الأعمال دراماتيكية هي قصة "نوكيا". فبعد أن كانت الشركة رائدة في مجالها ولا يخلو منزل من جهاز من أجهزة الهاتف الجوّال الذي تنتجه، أما اليوم فقد أصبح من يقتني جهاز "نوكيا" متخلفا عن العالم. اضطرت الشركة لغلق المصانع وتسريح أكثر من 30 في المائة من العاملين في الشركة، بعد أن فقدت مركزها المسيطر في سوق الجوّالات وانخفضت عائداتها بنسبة تجاوزت 60 في المائة خلال عام واحد. يقول رئيس الشركة وهو بالكاد يقاوم دموعه، لم نخطئ في أي شيء. كلامه صحيح إذا اقتنعنا أن الشركة تعمل في فراغ وليس حولها منافسون يتمنى كل منهم أن يحتل موقعها. قصة مشهورة ويمكن للجميع أن يتذكرها ويأخذ العبرة منها، خصوصا من هم في مجال التقنية وهي شديدة المنافسة. نجحت الشركة في الأساس لأنها برعت في تقنية موجودة ويعرفها الجميع، فعملت بطريقة مبدعة، وأحدثت تغييرات جذرية في التقنية التي تستخدم الهواتف الجوّالة، لكنها لم تكن تراقب حركة المنافسين والتطورات التي تحدث من حولها في سوق معقدة وسريعة الحركة. هنا تبرز أهمية العناية بالبحث والتطوير واستخبارات السوق، مهما يكن العمل الذي تمارسه أو الخدمة التي تقدمها أو المنتج الذي تصنعه، هناك من يحاول أن ينتجه أو يعمله أو يقدمه بطريقة مبتكرة ومختلفة. المبدعون هم نجوم السوق في النهاية. لو استثمرت "نوكيا" في جهاز متخصص يراقب التطورات التي تحدث في مراكز الأبحاث، ولو اهتمت بما يبحث فيه المنتجون الآخرون، لعلمت أنها في مواجهة إعصار جارف لا بد من الاستعداد له. مشكلة "نوكيا" الكبرى كانت أن عمليات البحث والتطوير بعيدة عن مجال الهواتف الذكية، فبينما تسارعت حركة بقية المنتجين مثل "سامسونج" ليلحقوا بـ "أبل"، بقيت "نوكيا" في صدمة طال أمدها. ليست "نوكيا" الوحيدة لكنها مثال واضح على مجموعة من العناصر المهمة التي يجب أن يراقبها كل من يريد النجاح والاستمرار في التفوق. لعل المثل الدارج الذي يقول إن الوصول إلى القمة سهل ولكن البقاء عليها صعب، ينطبق هنا. مهما حققت من نجاحات في حياتك، لا بد أن تستمر في تحدي ذاتك ومحاولة دفعها نحو الإبداع والتفوق، فللنجاح لذة، وللإبداع لذة أكبر.
مشاركة :