«مقاطع الفيديو».. انتهاكٌ للخصوصية

  • 10/22/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

باتت "عدسة الهاتف المحمول" الوسيلة المثلى لتحقيق المأرب، بدءاً من الإطاحة بأكبر المسؤولين وإهمالهم، إلى الانتقام بين الأزواج بسبب خيانتهم. نشر الفضائح لم يعد أمر مستغرباً، حيث تتسارع وسائل التواصل الاجتماعي والثورة العنكبوتية بتعدي جميع الحدود الجغرافية المكانية والزمنية، ببث مقاطع لأشخاص في مواقف غير قابله للنشر، التي قد تنهي حياته الاجتماعية إلى الأبد. كثيرون أساءوا استخدامها إما لغرض المتعة والتسلية وإما الانتقام، ففي عام 2014 ارتفعت نسبة تحميل الفيديوهات بنسبة 200%، وزيادة فى نسبة المشاهدات بنسبة هائلة وصلت إلى 260%، ما يدل على سرعة انتشار المقاطع بشقيها المفيد والضار. وفي عام 2015، أصدرت وزارة الداخلية تعميماً مشدداً لجميع قطاعاتها بعدم نشر أي مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، وإحالة من يخالف ذلك إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، تماشياً مع نص المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، التي نصت: (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بأحدى هاتين العقوبتين)، وبالرغم من خصوصية القرار بمنسوبي وزارة الداخلية، إلا أنه دفع بضحايا تصوير الفيديوهات للمطالبة بحقوقهم قانونياً، بالرغم من غياب قانون واضح لحماية المواطن من تصويره في جرم معين ونشره إلكترونياً. نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وتؤكد المحامية نوف اليحيى أن كثيرين يتساءلون فيما إذا كان القانون يجرم التصوير بغير اذن، وما العقوبات المفروضة ضد فيديوهات التشهير والإيذاء، مبينة أن الاجابة نعم، فهناك قانون يجرمه، وقد نص نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في مادته الثالثة على ذلك، "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على خمسمئة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين"، وتفصيل ذلك كلُّ شخص يرتكب أيًا من الجرائم المعلوماتية. وعددت اليحيى الجرائم المعلوماتية المنصوص عليها، وهي: "التنصت على ما هو مرسل عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي - من دون مسوغ نظامي صحيح - أو التقاطه أو اعتراضه"، و"الدخول غير المشروع لتهديد شخص أو ابتزازه؛ لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، ولو كان القيام بهذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعًا"، و"الدخول غير المشروع إلى موقع إلكتروني، أو الدخول إلى موقع الكتروني لتغيير تصاميم هذا الموقع، أو إتلافه، أو تعديله، أو شغل عنوانه"، و"المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها"، و"التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة، ويدخل في ذلك نشر الزوج أو الزوجة لمقطع خيانة أحدهما". تشهير يستوجب المساءلة التأديبية ونوهت المحامية نوف اليحيى إلى أن كثيراً من النساء قد تضطر لتصوير خيانة زوجها كدليل تقدمه في المحكمة يستأنس به كقرينة، لكن ايراد التزوير به وارد فلا يعد دليلاً منفرداً، أما تصوير التجاوزات المهنية اذا لم ينشر التصوير الخاص بالتجاوز وقدمه للجهة نفسها هنا لا يعد تشهيرا، لكن إذا نشره خارج الجهة هنا يقاس بجرائم المعلوماتية، وإذا كان موظفاً في نفس الجهة فإنه يخضع للمساءلة التأديبية. وتابعت: إن نشر مقاطع لأطفال تماشياً مع مرحلة استغلال مواهب الاطفال التي أسست لفرق غنائية كاملة قوامها أطفال دون العاشرة، في حركات استعراضية لا تليق ولا تتماشى مع حسن الولاية التي يقرها الإسلام ويوجبها للطفل، قد تندرج هذه المقاطع تحت الإيذاء الجسدي، وقد تصل لدرجة الاتجار بالأشخاص وتنتهك حقوق الطفل وفق المادة 36 من اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها المملكة، والتي تنص على: "أن تحمي الدول الأطراف الطفل من سائر أشكال الاستغلال الضارة بأي جانب من جوانب رفاه الطفل"، إضافةً إلى نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص، ونظام الحماية من الإيذاء. وأشارت اليحيى إلى أن هذا في الجانب التنظيمي، لكن عملياً لا يمكن للجمعيات التدخل؛ لأنها لا تملك آلية عمل تنفيذية، فهي جمعيات مدنية يقتصر دورها على التوجيه والتوسط في حالات النزاع أو المراسلات، ولا توجد جهة في المملكة تتصدى لهذه الظواهر. حب إيذاء من شخصيات مضطربة من ناحية نفسية، أوضحت الأخصائية النفسية أمل العمير أن حياة الأشخاص للأسف باتت مستباحة للآخرين، وذلك بسبب الوهم الذي تعرضه شبكات التواصل الاجتماعي من شهرة وهمية، أو تصفية حسابات بين البشر، أو حب للإيذاء من قبل شخصيات مضطربة، فثقافة الانترنت باتت معدومة لدرجة أنها أصبحت تتبع لآخر الفضائح الاخلاقية، مؤكدة إن الدور الذي تلعبه شبكات التواصل الاجتماعي بأنواعها كبير جداً، والتغييرات التي تحدثها في المجتمعات لا يستهان بها، فهي سلاح ذو حدين كما نعلم جميعاً، احدهما ايجابي يتقدم بالمجتمع إلى الأمام، والأخر سلبي قد يحطم أسراً وأفراداً نفسياً واجتماعياً. وأشارت العمير إلى أن الأغلبية باتت ترى أن من حق أي شخص نشر كل شيء يقع بين يديه، من مقاطع تحرش أو استغلال مواقف أخرى تعرض، تنهي الحياة الاجتماعية لكثيرين، فضلاً عن الضغوط النفسية بسبب كبسة زر، فكثيرون قرروا اعتزال المجتمع بسبب فيديو في الخفاء اقتنصه أحدهم، وهو يقوم بعمل قد يقوم به غيره في ظل غياب الوازع الديني والأخلاقي والاجتماعي، إلا أن نشره هدم كل شيء، فقد أفسحت هذه التقنية مجالاً لعدد من المرضى النفسيين، والأشخاص الذين لديهم السمات المتطرفة وغريبة، مثل الانطوائية والهستيرية وغير الناضجة والانفعالية والهجومية وغيرها من تصدر أعلى المشاهدات. ونوهت الأخصائية النفسية إلى جانب آخر وهو الأهم، فهناك متلق لا يفكر إلا بلحظة استمتاعه بالمقطع، أو اطلاق الاحكام العشوائية ونشره من جديد، جاهلاً أو متجاهلاً الأضرار التي قد تلحق المحور الاساسي في الصورة، متناسين جميع القيم الانسانية والدينية التي تربينا عليها، ومن هنا نرى ضرورة نشر ثقافة احترام خصوصية الآخرين، حيث اختلط على الناس الفرق بين الحرية الشخصية واحترام حرية الآخرين.

مشاركة :