أعلنت طالبان الاثنين أنها سيطرت بشكل كامل على وادي بانشير، آخر معقل للمقاومة ضد الحركة، فيما يتوقع وصول وزير الخارجية الاميركي إلى الدوحة للبحث في الوضع في أفغانستان مع تنديد إيران "بشدة" بالهجوم. ويقع وادي بانشير الوعر والذي يصعب الوصول إليه، على مسافة 80 كيلومترا من كابول. وكان آخر معقل للمعارضة المسلحة ضد طالبان التي سيطرت على الحكم في 15 آب/أغسطس. وبعد أسبوعين، غادرت آخر القوات الأجنبية البلاد. وقال الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد في بيان "مع هذا الانتصار، خرج بلدنا بشكل كامل من مستنقع الحرب. سيعيش الناس الآن بحرية وسلامة وازدهار". ودانت إيران الاثنين "بشدة" الهجوم الذي شنته طالبان على وادي بانشير في أفغانستان بعدما أعلنت الحركة "السيطرة الكاملة" على البلاد. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده خلال مؤتمر صحافي في طهران "الأنباء التي نسمعها من بانشير مقلقة (...) نحن ندين هجوم ليلة أمس على هذه المنطقة بشدة". والتزمت طهران منذ سيطرة طالبان على أفغانستان الحذر في مواقفها، ولم تنتقد الحركة الإسلامية السنية المتطرفة. وأضاف "الشعب الافغاني شعب غيور جدا يسعى للاستقلال، وبالتالي فإن أي تدخل اجنبي في هذا البلد مرفوض وأن قضية بانشير يجب ان تحل سياسيا وعن طريق الوساطات". وتؤوي المنطقة الجبهة الوطنية للمقاومة وتعد معقلا مناهضا لطالبان منذ زمن طويل وقد ساهم القائد أحمد شاه مسعود في جعلها معروفة في أواخر التسعينات قبل أن يغتاله تنظيم القاعدة عام 2001. وردّت الجبهة الوطنية للمقاومة على طالبان مؤكدة أنها ما زالت تحتفظ ب"مواقع استراتيجية" في الوادي وأن "القتال ضد طالبان وشركائها سيستمر". وتضمّ الجبهة الوطنية للمقاومة بقيادة أحمد مسعود نجل القائد مسعود، عناصر من ميليشيات محلية وكذلك عناصر سابقين في قوات الأمن الأفغانية وصلوا إلى الوادي عندما سقطت سائر الأراضي الأفغانية بأيدي طالبان. وقد لجأ أمر الله صالح، نائب الرئيس السابق إلى الوادي. ولم تسقط بانشير يوما بين يدَي الفريق الآخر سواء تحت الاحتلال السوفياتي في ثمانينات القرن العشرين، أو في فترة الحكم الأول لطالبان في التسعينات. وأجريت مناقشات في البداية بين طالبان والجبهة الوطنية للمقاومة التي تريد إقامة نظام حكم لامركزي. وأبدى الجانبان رغبتهما في تجنب القتال، لكن في نهاية المطاف لم يتم التوصل إلى حل يرضي الطرفين. ووعد مجاهد سكان بانشير بأنهم لن يتعرضوا لأعمال انتقامية. - إعادة فتح الجامعات الخاصة - اقترحت الجبهة الوطنية للمقاومة ليل الأحد الاثنين وقف إطلاق نار، بعد أنباء عن وقوع خسائر فادحة في الأرواح خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقالت إنها "اقترحت على طالبان وقف عملياتها العسكرية في بانشير (...) وسحب قوّاتها. وفي المقابل سنطلب من قوّاتنا الامتناع عن أيّ عمل عسكري". وأعلنت الجبهة الأحد على تويتر أن الناطق باسمها فهيم دشتي والجنرال عبد الودود زاره قُتلا في المعارك الأخيرة. على الصعيد السياسي، ما زالت تشكيلة الحكومة الجديدة لطالبان التي كان يتوقع أن تكشف الجمعة، غير معروفة. ويعتقد محللون أن الإسلاميين أنفسهم فوجئوا بالسرعة التي استعادوا بها السلطة ولم يكن لديهم الوقت للتحضير للخطوة التالية. ويرصد المجتمع الدولي حركة طالبان التي عادت الى الحكم بعد عشرين عاما من الاطاحة بنظامها على يد تحالف بقيادة الولايات المتحدة، محذرا من أنه سيقيّم سلوكها بناء على أفعالها. وتعهّد قادة أفغانستان الجدد بأن يحكموا بتساهل اكبر من ولايتهم الأولى التي جاءت أيضا بعد سنوات من النزاع تمثّل أولا باجتياح القوات السوفياتية البلاد في 1979 أعقبته حرب أهلية. ووعدت بحكومة "تشمل الجميع" تمثّل التركيبة العرقية المعقّدة لأفغانستان، رغم أنه من المستبعد أن تتولى النساء أي مناصب عليا. وكان يفترض إعادة فتح الجامعات الخاصة في البلاد الاثنين. ويفرض مرسوم صدر عن نظام طالبان الجديد، على الطالبات ارتداء عباءة سوداء والنقاب ومتابعة الفصول في صفوف غير مختلطة. من جهة أخرى، دعت حركة طالبان الأفراد السابقين في القوات الأفغانية إلى الاندماج بنظام الحكام الجدد. وقال ذبيح الله مجاهد إن "القوات الأفغانية التي تلقت تدريبات في السنوات العشرين الماضية سيطلب منها الانضمام إلى الإدارات الأمنية إلى جانب أعضاء طالبان". وأوضح أن أي تمرد ضد حكمها "سيتلقى ضربة قاسية"، بعدما أعلنت في وقت سابق أنها استولت على وادي بانشير، آخر معاقل المقاومة ضد الحركة الإسلامية. وأضاف أن "الإمارة الإسلامية حساسة جدا إزاء حركات التمرد. كل من يحاول بدء تمرد سيتلقى ضربة قاسية. لن نسمح بتمرد آخر". - أزمة إنسانية حرجة - في ظل نظامها السابق، منعت الحركة جميع الفتيات من الدراسة وفرضت ارتداء البرقع. وما زال الوضع حرجا. وقد وصل مارتن غريفيث رئيس العمليات الإنسانية للأمم المتحدة إلى كابول حيث سيعقد على مدى أيام اجتماعات مع قادة طالبان الذين تعهدوا الأحد ضمان سلامة عمال الإغاثة ووصول المساعدات، وفقا للأمم المتحدة. على الصعيد الدبلوماسي، من المتوقع أن يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى قطر الاثنين. وقد أصبحت الإمارة الخليجية الغنية مركزا للدبلوماسية بشأن أفغانستان منذ تولي طالبان السلطة والتي تربطها بها علاقات وثيقة. ويفترض أن يعرب بلينكن عن "امتنان واشنطن العميق" لقطر على دعمها جهود إجلاء الرعايا الأميركيين والأفغان الذين تعاونوا مع الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين. وأقام الجيش الأميركي منتصف آب/أغسطس في كابول جسرا جويا أتاح في غضون أسبوعين إجلاء حوالى 123 ألف شخص من بينهم ما يتراوح بين 75 % إلى 80 % "أفغان معرضون للخطر" وفقا لواشنطن. ومرّ أكثر من 55 ألفا منهم عبر قطر. ومن غير المتوقع أن يلتقي بلينكن ممثلي طالبان في الدوحة حيث مكاتبهم السياسية. لكن حوارا من هذا النوع لا يبدو مستبعدا تماما في المستقبل. كذلك، سيتحدث إلى القطريين بشأن الجهود الصعبة، بالتعاون مع تركيا، لإعادة فتح مطار كابول المغلق منذ مغادرة الأميركيين في 30 آب/أغسطس، رغم تنفيذ بعض الرحلات الإنسانية والداخلية. وتعد إعادة فتح المطار أولوية من أجل توصيل المساعدات الإنسانية التي تحتاج إليها البلاد بشدة، لكن أيضا لإجلاء الرعايا الأجانب الذين ما زالوا في البلاد والأفغان الذين يحملون تأشيرات ويرغبون في ذلك. بورز-جي/الح/اا
مشاركة :