الحل السياسي الذي نطق به رئيس النظام السوري الذي حضر إلى موسكو بناء على "طلب" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجب أن يكون عبر بوابة "جنيف1". ويبدو أن الأسد قد سمع في روسيا ما يفيد عن وجود سقف زمني لدى موسكو في ضرباتها العسكرية التي يبدو جلياً أن أحد أهم أهدافها تعويم النظام وإعادة تأهيل الأسد من أجل تحضيره لأي تسوية سياسية بحيث يكون قادراً من منطلق القوة الروسية على التفاوض. لكن في الوقت ذاته لا تبدو القيادة الروسية -التي تمسك اليوم بزمام الأمور في سورية-، واضحة في إستراتيجيتها تجاه حل هذه الأزمة التي تعبر عامها الخامس، فموسكو مصرة من جهة على إشراك طهران في أي مبادرة لإيجاد حل لهذه الأزمة، والواقع أن إيران التي تشارك من خلال نخبة الحرس الثوري بعمليات عسكرية في الداخل السوري لا يمكن استساغت إشراكها في أي عملية سياسية وهذا مرده للمعارضة السورية قبل أن يكون للأطراف الإقليمية والدولية التي تدرك وتؤمن بأن طهران جزء من المشكلة وليس الحل. جزء آخر من عدم الوضوح للرؤية الروسية هو إصرار الأخيرة إدخال الأزمة في مجموعة حلول تعيق ولا تسهل من عملية حلحلة الأزمة بل إنها تفاقم منها بشكل كبير إذ أن روسيا اليوم باتت فاعلة رئيسية على الأرض، فلا يمكن اليوم فهم الطرح الروسي الذي يتحدث عن انتخابات رئاسية يكون الأسد جزءاً منها، فمن جهة كيف يمكن تقبل هذه الشخصية التي تلطخت يدها بالدم السوري؟، واستخدمت ترسانتها حتى استنفذتها من أجل تدمير البلد فوق رؤوس ساكنيها ولم تستجب لأي حل سياسي أو مبادرات طوال الخمس سنوات، ثم كيف تجرى انتخابات دون ناخبين فالشعب قتل منه أكثر من 250 ألفا نتيجة لأعمال العنف وأكثر من 6 ملايين هم في عداد اللاجئين المنتشرين في عدد من الدول. إن إشغال المجتمع الدولي بحلول خارج ما تم الاتفاق عليه في جنيف هو أمر عبثي، إذ أن هذه المبادرة هي من ارتضتها روسيا وسوقت لها كجزء من الحل السياسي للأزمة، لذا فإن العمل على إنجاحها يفترض أن يكون مسؤولية موسكو إن أرادت أن تضطلع بإنهاء هذه المآساة التي طال أمدها.
مشاركة :