الهند والبحث عن دور مستقل - أيمـن الـحـمـاد

  • 12/30/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

على نحو مفاجئ هبطت طائرة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في لاهور الباكستانية، وكان في استقباله نظيره الباكستاني نواز شريف، الزيارة هي الأولى لمسؤول بوزن رئيس الوزراء منذ 12 عاماً، وجاءت هذه المبادرة برعاية من الجيش الباكستاني الذي يسهم بشكل مباشر في تكوين علاقات إسلام أباد وحلفائها وجيرانها على حد سواء.. لكن لماذا هذه الزيارة التي أتت دون مقدمات؟ ثم لماذا أعقبت تلك الزيارة المفاجئة وصول مودي إلى موسكو ليلتقي سيد الكرملين هناك؟ في حقيقة الأمر يبدو أن رئيس الوزراء الهندي -الذي يواجه اليوم ملفات داخلية تنموية صعبة- يأمل في إعطاء السياسة الخارجية حقها المعتبر، في لحظة تعاد فيه صياغة المشهد الآسيوي والدولي، وتأمل دلهي أن تكون حاضرة في تلك المعادلة انطلاقاً من دورها التاريخي الكبير منذ ميلادها من رحم الانسلاخ الكبير في شبه الجزيرة الهندية يومها ولدت باكستان. ويبدو رئيس الوزراء الهندي قد عزم على اتباع النهج "الداوودي"- نسبة إلى داود أوغلو في "تصفير المشاكل"- مع الجارة اللدودة باكستان فكانت خطوة الزيارة المفاجئة، إذ إن هذا النوع من التقارب لا شك سيجعل دلهي وإسلام أباد على حد سواء أكثر تفرغاً للداخل بعيداً عن مناوشاتهم الحدودية المزمنة، ولا شك أيضاً أن الوئام كحالة سياسية بين البلدين سينعكس تعاوناً أمنياً بالدرجة الأولى في لحظة تخشى الهند من انتقال العنف إليها لاسيما الصراع الديني بين المسلمين والهندوس، في وقت يُحكم البلد من قبل حزب "بهراتيا جاناتا" ذي النزعة الهندوسية المتشددة.. لذا فإن خطوة بهذا الحجم قد تخدم مودي في الداخل والخارج أيضاً. ثم جاءت زيارة مودي إلى موسكو، وحظيت بحفاوة من الكرملين الذي يرى في الهند حليفاً قديماً يمكن الوثوق به ربما أكثر من الصين في حال عدنا إلى السياق التاريخي، لكن روسيا تنظر بريبة للعلاقات القوية بين دلهي وبكين مع واشنطن على حد سواء.. من جانبها فالهند ترى اليوم أن مصلحتها إبقاء الباب مشرعاً تجاه علاقات متوازنة مع الدول الكبرى بعيداً عن أي لحظة استقطابية.. ويبدو أن الهند تتعلم من التاريخ جيداً عندما اصطفت بجوار الاتحاد السوفييتي لتخسر كثيراً، لذا فهي تحاول تنويع علاقاتها مع كل الجهات ففتحت ذراعها لرئيس الوزراء الياباني قبل أسابيع عندما زار الهند، وفي ذات الوقت تستقبل الصينيين برحابة، وبنفس الدرجة من الاحتفاء كان الرئيس أوباما يحتسي الشاي الهندي في حديقة قصر الجمهورية في نيودلهي مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي. نصل إلى أن الهند اليوم التي تضع نفسها ضمن القوى الإقليمية والدولية تريد أن تعزز ذلك من خلال تحسين علاقتها مع باكستان التي قد تجني فوائدها على المستويين المحلي والخارجي، وفي ذات الوقت لا تريد أن تكون جزءاً من معسكر عانت منه؛ بل تريد دوراً مستقلاً لطالما أعجبها وهو الدور الإمبراطوري، لذا أجاد بوتين عندما دعم وجود الهند كعضو دائم في مجلس الأمن.

مشاركة :