ضريبة النشاط المتصاعد ..«الخردة الفضائية» تهدد الاتصالات العالمية

  • 9/3/2021
  • 22:42
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هناك فوق رؤوسنا الآن، تطفو نحو 900 ألف قطعة من الحطام الفضائي، مثل الأقمار الاصطناعية القديمة وأجسام الصواريخ المستهلكة وحتى الأدوات التي أسقطها رواد الفضاء الذين يدورون حول الأرض. هذه الخردة، أو ضريبة النشاط الفضائي المتصاعد في قطاعنا المداري، أصبحت أكبر التحديات العالمية التي تواجه قطاع الفضاء، لما تفرضه من مخاطر جسيمة على مهماته. يمكن أن يبقى الحطام الفضائي في المدار لمئات الأعوام ويشكل خطرا حقيقيا باصطدامه بالعدد المتزايد بسرعة من الأقمار الاصطناعية الجديدة التي يتم إطلاقها كل عام، لهذا من أجل سلامة الاتصالات السلكية واللاسلكية والأمن القومي وعلوم الفضاء، دعت الأمم المتحدة جميع الدول إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة الخطر المتزايد للحطام الفضائي الذي أصبح مزدحما بشكل متزايد في مدار كوكبنا، والعمل معا لتنظيف الفضاء، أو تقليل كمية الحطام في مجرتنا، على أقل تقدير. على مدى 17 عاما، أو بين آذار (مارس) 2004 والشهر الحالي 2021، أصدرت "لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية" التابعة للأمم المتحدة 194 تقريرا - بمعدل متوسط بين 50 إلى 60 صفحة للتقرير - تتعلق بالاستدامة طويلة المدى لأنشطة الفضاء الخارجي. غير أن تقرير اللجنة الأخير في 27 آب (آغسطس) 2021 حمل خطوات عملية بتشجيع التعاون مع المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس "مقرها جنيف" للمساعدة على وضع معايير مشتركة بشأن العمليات الفضائية المستدامة، والتعاون في إدارة وتنسيق الحركة الفضائية، بهدف بناء مستقبل أفضل للفضاء الخارجي. وتشرح لـ"الاقتصادية" كلار نادين، المسؤولة في منظمة توحيد المقاييس ما جاء في تقرير الأمم المتحدة "التصنيف المستدام للفضاء"، قائلة "يشير التصنيف إلى معايير المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس للمساعدة على تقليل كمية الحطام في مجرتنا، ويهدف إلى تحسين صحة البيئة القريبة من الأرض". وتضيف، أن "معايير المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس تعد من بين مجموعة الإرشادات الدولية المستخدمة في نهج تنظيف الفضاء، وتشمل هذه بشكل خاص، أنظمة الفضاء - التخطيط قبل الرحلة للتتبع، والعمليات الملاحية مثل الانتشار في المدار وإعادة بناء المدار". كما تشمل تقييم التداخل الفيزيائي والكهرومغناطيسي المتبادل بين الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الجسم السماوي نفسه "حاليا في المقام الأول الأرض والقمر والمريخ"، ونقل معلومات مدار المركبة الفضائية بين وكالات الفضاء ومشغلي المركبات الفضائية التجارية أو الحكومية، ودراسة اقتران المدار "تجنب الاصطدام"، وتطوير وتنفيذ مناورات تعاونية لتخفيف التداخل أو تعزيز العمليات المشتركة وأنظمة نقل البيانات والمعلومات الفضائية - رسائل بيانات المدار. وتم اختيار وكالة الفضاء الأوروبية لقيادة وتشغيل برنامج "التصنيف المستدام للفضاء" بالتعاون مع مجموعة أبحاث الفضاء في معهد ماساشوستس للتقنية "ماساشوستس/بوسطن"، وجامعة تكساس في أوستن "ولاية تكساس"، ومعهد "برايس تك" في ولاية فرجينيا الأمريكية، والمعهد الاتحادي السويسري للتقنية في لوزان. وتمشيا مع دعوة الأمم المتحدة، تحدد وثيقة للمنظمة الدولية لتوحيد المقاييس المتطلبات الأساسية لتخفيف الحطام الفضائي المطبقة على جميع عناصر الأنظمة غير المأهولة التي تطلق في الفضاء القريب من الأرض أو تمر عبره. وتشمل الوثيقة أيضا عمليات المراحل المدارية لمركبة الإطلاق وتشغيل المركبات الفضائية وأي أجسام تطلق في الفضاء كجزء من العمليات العادية. تضع الوثيقة أسسا للحد من نمو الحطام الفضائي من خلال ضمان تصميم المركبات الفضائية، والمراحل المدارية لمركبة الإطلاق، وتشغيلها، والتخلص منها، بطريقة تمنعها من تكوين الحطام طوال فترة حياتها المدارية. وتحدد الوثيقة المتطلبات اللازمة لتقليل مخاطر الإصابات على الأرض المرتبطة بعودة الأجسام الفضائية إلى الغلاف الجوي. وتقول، نادين، هذه الوثيقة هي المعيار الأعلى في مجموعة المعايير التي تتناول التخفيف من الحطام الفضائي، وهي تربط بين الأهداف الأولية لتخفيف الحطام الفضائي ومجموعة من المعايير ذات المستوى الأدنى التي تحتوي على متطلبات تفصيلية وإجراءات التنفيذ المرتبطة بالمتطلبات عالية المستوى. ومن خلال تخصيص الدرجات للمهام الفضائية بناء على مجموعة من المعلمات، يشجع نظام المنظمة الدولية للمقاييس على سلوك أكثر مسؤولية في الفضاء من خلال زيادة شفافية جهود المنظمات في هذا المجال، أحد هذه المعايير هو الامتثال للمبادئ التوجيهية الدولية لتخفيف الحطام الفضائي. وتقر المنظمة بأن هذه ليست المبادرة الأولى من نوعها التي تهدف إلى تنظيف الفضاء، مع ذلك، فهو أول نظام تصنيف دولي يتوافق مع إرشادات الأمم المتحدة لاستدامة أنشطة الفضاء الخارجي على المدى الطويل من خلال توفير إرشادات للمنظمات حول كيفية المساهمة في جهود تنظيف الفضاء. وتوضح المسؤولة في المنظمة الدولية لتوحيد المقاييس "نظرا لأن مدار كوكبنا هو بيئة هشة ويزداد ازدحاما بشكل متزايد، ونظرا لأن الفضاء مورد مشترك عالميا، ولأنه يضم أنظمة حيوية للخدمات التي نستخدمها كل يوم تعمل على تحسين الحياة اليومية، فإن التعاون الدولي ضروري للحد من إنشاء حطام جديد سينتج مع زيادة حركة المركبات الفضائية، عليه ينبغي لجميع الدول العمل معا لحماية المدار وضمان بقاء الفضاء الخارجي مفتوحا أمام جيلنا القادم من رواد الفضاء". وتطور مهم حصل في قمة قادة مجموعة السبع في كاربيس باي، كورنوال "بريطانيا"، في حزيران (يونيو) الماضي، بوضع القمة استدامة الفضاء في صميم الأجندة السياسية. وفي هذه القمة، أقر قادة مجموعة السبع "كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، الولايات المتحدة، بريطانيا، الاتحاد الأوروبي" بالخطر المتزايد للحطام الفضائي وزيادة الازدحام في مدار الأرض. وأكدوا "هناك حاجة ملحة إلى تحقيق الاستقرار في العمليات الفضائية العالمية، لتوفير بيئة فضائية آمنة ومأمونة ومستدامة للغد". وأعلنوا التزامهم بالاستخدام الآمن والمستدام للفضاء لدعم طموحات البشرية الآن وفي المستقبل. ورحبوا بجميع الجهود، العامة والتجارية، في أنشطة إزالة الحطام وتقديم الخدمات في المدار، متعهدين، بتشجيع مزيد من البحث والتطوير المؤسسي والصناعي للقضاء على مخلفات الفضاء. ودعوا الأمم المتحدة والمنظمة الدولية إلى توحيد المقاييس ولجنة تنسيق الحطام الفضائي المشتركة بين الوكالات، لتسريع أنشطتها للحفاظ على بيئة الفضاء للأجيال القادمة.

مشاركة :