نشطت مكتبات بيع المستلزمات الدراسية مع عودة انتظام الطلاب والطالبات حضوريا في المدارس، ومع عودة الدوام الرسمي للمعلمين والمعلمات إثر غياب طويل. ومع هذا النشاط، نشط كذلك إعداد الدروس الإلكترونية للمقررات الدراسية لتكون جاهزة للمعلمين الذين باتوا يستعينون فيها لتقديمها لمديري المدارس للاطلاع والتوقيع عليها كإثبات ورقي لتحضير المعلم للدرس وجاهزيته لبدء يومه الدراسي داخل الفصل، إلا أن عددا من التربويين يرون أن هذه الطريقة تقلل من التحضير الذهني للمعلم مقارنة بدفتر تحضير الدروس اليدوي في الماضي، وتخنق مساحات التمايز الفردي بين معلم وآخر. ومع سماح الوزارة بهذا التحضير يقف مديرو المدارس عاجزين عن رفضها مع الاتكالية التي خلفتها لدى بعض المعلمين، في وقت ثارت فيه تساؤلات عما إن كان من الجائز السماح للطالب بنسخ الإجابات، طالما أن معلمه ينسخ التحضير. أهمية التحضير يقول المعلم عبدالخالق صالح الفقير «يعد تحضير الدرس من أهم الأشياء التي يجب على كل معلم أن يقوم بها قبل البدء في شرحه في الصف الدراسي للطلاب، وتحضير الدرس مهم لكل المراحل التعليمية». وأضاف «للتحضير أهمية كبيرة، فمن خلاله يستطيع المعلم تحديد النقاط الرئيسة للدرس، ومن خلاله يزيد معلوماته حول موضوع الدرس، وبالتالي يكون مستعداً لأي سؤال طارئ من الطلاب، ويستطيع أيضا التعرف على الأدوات اللازم استخدامها خلال الدرس». وواصل «قديما كان التحضير بطريقة يدوية بخط اليد ويتضمن تحديد الأهداف، اختيار المحتوى، اختيار الأساليب والأنشطة، اختيار الوسائل والأدوات التعليمية، اختيار أساليب التقويم، وتحديد الواجبات المنزلية، أما حاليا وفي ظل التقنية الحديثة والإنترنت أصبح التحضير في المتناول بمجرد الدخول لقوقل، وما على المعلم سوى كتابة الموضوع والتاريخ، وساهمت المكتبات في الحصول على التحضيرات وطباعتها لكامل المنهج بيسر وسهولة، متضمنة الأهداف والأساليب الحديثة وتنوع الوسائل التعليمية، ولكن بمقارنة بسيطة بين تحضير الدروس قديما وحديثاً نجد أن التحضير الآن أصبح في متناول الجميع، وفيه توفير لوقت المعلم دون جهد، أما التحضير قديماً وإن كان يستغرق من وقت المعلم وجهده إلا أنه يعطي مجالا أوسع للمعلم بالاطلاع على الدرس وتحضيره ذهنياً والإلمام بتفاصيله». مرجع أساسي يرى المعلم عبدالله صالح أنه «كان المعلم سابقا يبني خطته من خلال دفتر التحضير، بحيث تصل المعلومة للطالب بيسر وسهولة، حيث يعد الدفتر مرجعاً للمعلم، وعندما تسقط منه المعلومه سهواً يعود بلا تردد لدفتره المتواضع». وأضاف «يبدأ المعلم بالأهداف، كأن يقرأ الطالب الدرس قراءة صحيحة، وأن يستخرج الطالب معاني المفردات الصعبة، وأن يستشعر الفائدة من النص، وأن يحل الواجب، وهنا يمزج المعلم جميع الأفكار». وواصل «أما الآن فأصبح التحضير في متناول الجميع ما عليه سوى كتابة اليوم والتاريخ ووقت الحصة، ووفّر عليه الوقت والجهد ولكن للأسف بلا فاعلية، والخدمات المكتبية "القرطاسية" توفر لكل معلم (CD) يتواجد فيه كل شيء، تحضير دروس، أوراق عمل، اختبارات، وغيرها، وهذا لم يكن في الوقت السابق عندما كانت كتابة التحضير باليد وسط متابعة شديدة من القائد ومشرف المادة». تحضير شكلي ترى المعلمة نجوى حسن الكستبان أن «دفتر التحضير كان سابقا بمثابة المرجع السريع للمعلم يعده تماما لما سيتحدث عنه داخل الفصل بترتيب وتسلسل، كما كان يساعد في تنظيم زمن الحصة، أما حاليا فأصبح إلكترونيا أو يؤخذ من المكتبات ليسلم لإدارة المدرسة شكليا وأحيانا دون اطلاع على مضمونه». وأضافت «أصبح دفتر التحضير عبئا، وأقترح أن يتم إلغاؤه والاستفادة من المبالغ التي تدفع للطباعة والتغليف في وسائل إستراتيجيات التعليم الحديثة، فالكتاب أصبح المرجع الأساس للمعلم والطالب، إضافة إلى المواقع الإلكترونية التي أصبحت مكتظة بالمعلومات». الماهية وليس الشكليات يشير المشرف التربوي علي مانع آل عقيل إلى أن أهمية دفتر التحضير لا تكمن فيما يُكتب فيه، بل في ماهية التحضير وكيفيته، وقال «أنا لست مع أن التحضير الكتابي مرآة المعلم لأنه قد يُنسخ من موقع ويُنمق دون أن يكون للمعلم يد في صياغته.. إن لم يكن التحضير الذهني هو سيد المشهد فلا فائدة من التحضير، والمعلم الجيد هو من يُحضر ذهنياً لدروسه ويهتم بأدواته التي تساعده في تحقيق أهدافه». ويضيف «كان التعليم سابقاً يعتمد على التلقين في أغلب مراحله، أما التعليم الحديث فينهج الأسلوب البحثي المتمركز حول الطالب وتنمية مهارة الفهم والتفكير لديه أكثر من الحفظ والحشو». اتكالية واضحة متأسفا، يعلق مدير مدرسة حذيفة بن اليمان، يحيى حمد شغاث على الأمر، ويقول «للأسف، أصبح المعلم يعتمد حاليا على وسائل التواصل الاجتماعي في إعداد وتحضير الدروس عكس السابق حين كان يحضّر يدويا ويركز على المسألة ذهنيا، بتسلسل الإعداد والخطط وتقسيم الوقت، متفردا بطريقته ومعرفته بنوعية طلابه وماذا يحتاجون، أما اليوم فهو يقوم بنسخ جهد معلم قام بنشر تحضيره في وقت سابق، وهذا لا ينبغي، كما أنه لا يخدم العملية التعليمية، وأطالب وأتمنى أن يلغى هذا النظام، وأن يعود المعلم لإعداد دروسه بنفسه، ويلبي حاجات طلابه ومستواهم واختلافاتهم وكافة أمورهم، ولكن الآن التحضير جاهز لكل الطلاب، بغض النظر عن الفروق الفردية ومستوى الطلاب، ونقطة الفروق الفردية يجب التركيز عليها، خصوصاً أن السماح بالتحضير الجاهز غرس في المعلمين الاتكالية بشكل كبير». وعما إن كان كمدير قادرا على رفض تحضير المعلم إلكترونيا، قال «المدير ملتزم بتعميم وزارة التعليم، ولا يستطيع الخروج عن نطاق نظام شرعته الوزارة، هو منفذ، وعليه تنفيذ ما يطلب منه، وطالما سمح للمعلمين بالتحضير الإلكتروني فمن الصعب منعهم، إلا إذا حدث أمر مختلف، وصدر تعميم مغاير». وعما إن كان يمكن السماح للطلاب بنسخ الإجابات، طالما سمح للمعلم بالتحضير المنسوخ، قال «ليس من المقبول أن يسمح للطالب بنسخ الإجابات كونه مسموحا للمعلم بنسخ دروس التحضير، وإن كان في الوقت الحالي أصبح الطلاب وأولياء الأمور معتمدين على التطبيقات الإلكترونية في الحصول على كل الإجابات التي يحتاجونها عبر وسائل التواصل، ولكن المعلم الناجح يعطي طلابه المسائل الحضورية والآلية وقت تواجده مع طلابه، سواء في التعليم عن بعد أو حضوريا». التحضير الإلكتروني إيجابيات ـ يوفر الوقت والجهد. ـ شامل لكل متطلبات الدرس. ـ يركز على تجارب ناجحة في التدريس. سلبيات ـ يورث الاتكالية لدى بعض المعلمين. ـ يحول التحضيرات إلى مجرد شكليات. ـ لا يكترث بالفوارق الفردية بين الطلاب. ـ لا يجبر المدرس على الاطلاع والاستعداد للأسئلة.
مشاركة :