المتوقع أن تقوم وزارة العمل بالتقييم المستمر لعملية تطبيق الأنظمة وبرنامج التوطين من خلال الدراسات والأبحاث والتقارير المستمرة.. فلننتظر النتائج الإيجابية إن شاء الله. مرحلة إعداد الأنظمة مرحلة صعبة، الأصعب منها مرحلة التطبيق.. عندما يوجد النظام تصبح الحقوق والواجبات واضحة.. وعندما يتطور النظام فهذا يعني وجود تقييم ودراسات لتحديد المتغيرات والمستجدات وطبيعة المشكلات وكيفية التعامل معها. من هذا المدخل نشكر وزارة العمل على التجديد في نظام العمل من خلال إجراء 38 تعديلاً على مواد النظام. ومن البدهي أن وجود النظام لا يعني اختفاء المشكلات والممارسات الخاطئة من قبل العامل وصاحب العمل. ولذلك فإن المرحلة الحالية تتطلب تفعيل عنصر المتابعة والتقييم ليس من أجل إيقاع العقوبات فقط، وإنما من أجل تقديم المعلومات والإرشادات لأطراف العملية الإنتاجية، كما جاء في المؤتمر الصحفي لنائب وزير العمل الأستاذ أحمد الحميدان. وقد قرأت في "الرياض" تقريراً عن التعديلات الجديدة على نظام العمل نشر يوم الأحد 5 محرم 1437. وكان أحد عناوين التقرير يقول: (الحالات الإنسانية صاحبة الكلمة العليا في التعديلات) دفعني هذا العنوان لكتابة هذا المقال بحثاً عن الجوانب الإنسانية في نظام العمل لما لها من أهمية بالغة في بيئة العمل. في هذا المجال اشتملت التعديلات الجديدة على عدد من المواد ذات الطابع الإنساني ومنها كما أرى ما يلي: 1 - المادة (28) أوجبت تشغيل المعاقين المؤهلين مهنياً بنسبة 4% من العمال إذا كان عدد العمال الإجمالي 25 عاملاً فأكثر. مقارنة بالنسبة السابقة التي كانت 2% إذا كان عدد العمال الإجمالي 50 فأكثر. 2 - المادة (29) نصت على وجوب تشغيل العامل المصاب بإصابة عمل في عمل آخر. وكانت المادة القديمة (55) حددت نسبة العمال الذين يمكن تشغيلهم بهذه الطريقة ب 1% من مجموع العمال. 3 - المادة (18) تقول: إن العقد يظل ساري المفعول والخدمة مستمرة إذا انتقلت ملكية المنشأة أو تغير وضعها النظامي بالدمج مثلاً، وإن الخلف والسلف مسؤولان بالتضامن عن الحقوق التي نشأت قبل الإجراء، مع جواز اتفاق السلف والخلف على انتقال جميع حقوق العمال السابقة إلى المالك الجديد بشرط موافقة العامل الخطية وإلا فله حق طلب إنهاء عقده وتسلم مستحقاته من السلف. 4 - كانت المادة (85) تلزم صاحب العمل بمصروفات إعادة العامل إلى الجهة التي أبرم فيها العقد أو استقدم منها. أما في التعديل الجديد فتنص المادة (40) على تحمّل صاحب العمل رسوم استقدام العامل غير السعودي ورسوم الإقامة ورخصة العمل وتجديدها وغرامات التأخير على ذلك ورسوم تغيير المهنة والخروج والعودة وتذكرة عودة العامل إلى وطنه بعد انتهاء العلاقة التعاقدية وتحمّل العامل تكاليف العودة في حال عدم صلاحيته أو رغبته في ذلك (دون سبب مشروع) وتحمّل صاحب العمل لرسوم نقل خدمات العامل إليه، ونفقات تجهيز جثمان العامل ما لم تلتزم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بذلك. 5 - إضافة مادة لم تكن موجودة من قبل تنص على أنه في جميع الحالات التي يتجدد فيها العقد لمدة محددة تعد المدة التي تجدد فيها العقد امتداداً للمدة الأصلية في تحديد حقوق العامل التي تدخل مدة الخدمة في حسابها. 6 - إضافة جديدة تتعلق بالحالات التي يحق للعامل فيها ترك العمل وهي (إذا اتسمت معاملة صاحب العمل أو المدير المسؤول بمظاهر من القسوة والجور أو الإهانة). 7 - المادة (82) نصت على عدم جواز إنهاء خدمة العامل لسبب المرض قبل استنفاد المدة المحددة للإجازة المرضية. وأضيف لهذه المادة في التعديل الجديد أن للعامل الحق في أن يطلب وصل إجازته السنوية بالمرضية. 8 - لم يشترط النظام لاستحقاق العامل المستقيل للمكافأة أن يبلغ صاحب العمل برغبته في الاستقالة قبل ترك العمل بثلاثين يوماً. 9 - المادة (97) نصت على (إذا جرى توقيف العامل أو احتجازه لدى الجهات المختصة في قضايا تتصل بالعمل أو بسببه فعلى صاحب العمل أن يستمر في دفع 50% من الأجر للعامل حتى يفصل في قضيته على ألا تزيد مدة التوقيف أو الحجز عن مئة وثمانين يوماً، فإذا زادت على ذلك فلا يلتزم صاحب العمل بدفع أي جزء من الأجر عن المدة الزائدة، فإذا قضى ببراءة العامل أو حفظ التحقيق لعدم ثبوت ما نسب إليه أو لعدم صحته وجب على صاحب العمل أن يرد إلى العامل ما سبق حسمه من أجره، أما إذا قضى بإدانته فلا يستعاد منه ما صرف له ما لم ينص الحكم على خلاف ذلك. ملاحظة: (المادة السابقة غير موجودة في النظام القديم).. 10 - في الفترات المخصصة للراحة والصلاة والطعام لا يكون العامل خلال هذه الفترات تحت سلطة صاحب العمل ولا يجوز لصاحب العمل أن يلزم العامل بالبقاء خلالها في مكان العمل. 11 - تمديد فترة العدة لأربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ الوفاة لتتوافق مع العدة الشرعية للمرأة المسلمة، ويحق لها التمديد دون أجر إذا كانت حاملاً حتى تضع حملها. 12 - زيادة إجازة الوضع لتصبح عشرة أسابيع ويحظر عملها بعد الوضع لمدة ستة أسابيع ويحق لها التمديد لمدة شهر دون أجر دون المساس باستحقاق أو أجر الإجازة السنوية. وفي حالة إنجاب طفل مريض أو من ذوي الاحتياجات الخاصة وتتطلب حالته الصحية مرافقاً مستمراً، للعاملة الحق في إجازة مدتها شهر بأجر كامل تبدأ من انتهاء مدة إجازة الوضع. 13 - تمديد إجازة الوفاة والزواج لمدة خمسة أيام بدلاً من ثلاثة أيام. وزيادة إجازة العامل في حالة ولادة زوجته إلى ثلاثة أيام بدلاً من يوم واحد. 14 - عدم تغيير مكان العمل إلا بموافقة العامل كتابياً. 15 - من حق العامل حسب التعديلات الجديدة إذا بلغ بعدم تجديد العقد من قبل صاحب العمل أن يتغيب خلال مهلة الإشعار يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات أثناء الأسبوع من أجل البحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجر هذا اليوم أو ساعات الغياب. 16 - منحت التعديلات العامل الذي يتعرض لإصابة عمل كامل حقوقه حيث تمت زيادة مدة المعونة المالية المقرر صرفها للمصاب في حالة عدم خضوعه لفرع الأحكام المهنية بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من 30 يوماً إلى 60 يوماً بأجر كامل إلى جانب دفع تكاليف علاجه و75% من أجره لمدة لا تزيد على سنة حسب الحالة الطبية. تلك بعض النقاط الإنسانية البارزة - من وجهة نظري - في التعديلات الجديدة على نظام العمل. وجدير بالإشارة الى أن أصحاب الأعمال يلتزمون بإعداد لائحة لتنظيم العمل في منشآتهم وفق النموذج المعد من قبل الوزارة، بما يضمن حقوق العمالة وتنظيم العمل ويجوز لصاحب العمل تضمين اللائحة شروطاً وأحكاماً إضافية بما لا يتعارض مع أحكام نظام العمل ولائحته التنفيذية. وهنا يأتي دور المتابعة والمراقبة والتفتيش لضمان تطبيق النظام لمصلحة طرفي العلاقة العمالية.. وفي هذا الصدد المتوقع من الوزارة إلزام الشركات بتطبيق نظام الموارد البشرية. نظام العمل واضح وفي الطريق لوائح تنفيذية من المؤمل أن تساهم في تطبيق النظام بما يضمن الحقوق والواجبات.. ووزارة العمل تدرك أن التطبيق لن يتحقق بنسبة 100%. وهناك ممارسات مخالفة للنظام وتتعارض مع حقوق الإنسان ومنها تأخير الراتب، ورفض الإجازات، والسكن غير المريح (نأمل من مفتشي الوزارة وضع سكن العاملين المقيمين في جدول زياراتهم). ومن المعروف أن ظروف العمل المادية السيئة تؤثر على صحة الإنسان، وكذلك تفعل الممارسات الإدارية (راجع الفقرة 6 في هذا المقال). وفي صفحة من كتاب النظام نقرأ - على سبيل المثال - أن من حق العامل الوافد الاحتفاظ بجوازه وأوراقه الرسمية، ووزارة العمل تقول إنه متى ما احتفظ صاحب العمل بجواز من يعمل لديه تحت أي مبرر فهو مخالف للنظام. من هنا تتجه وزارة العمل إلى تفعيل قدراتها التفتيشية ودعمها بالكفاءات والصلاحيات والحوافز، بالإضافة إلى رفع حجم العقوبات. وأخيراً من الطبيعي أن يكون هناك تفاوت في الآراء حول التعديلات على نظام العمل، وفي نفس الوقت يصعب تجاهل ما تضمنه النظام من جوانب إنسانية واضحة تتفق فعلاً مع العنوان الذي أشرنا إليه في بداية المقال وهو (الحالات الإنسانية صاحبة الكلمة العليا في التعديلات) ومع ذلك سيكون الميدان هو المحك لاختبار فاعلية هذا النظام وستكون العبرة في التطبيق والمؤمل أن تساهم التعديلات في تطوير بيئة العمل بما يضمن الحقوق والواجبات ويساهم في تحقيق سياسة التوطين، وقد أشار النظام إلى وجوب إعداد صاحب العمل لعماله السعوديين مهنياً للحلول مكان غير السعوديين (حسب الشروط والقواعد التي تتضمنها اللائحة التنفيذية) هذا التوطين هو من أكبر التحديات والأهداف الإستراتيجية، وفي هذا الصدد تم رفع نسبة التدريب إلى 12%. فهل سيكون هذا كافياً في طريق التوطين؟ المتوقع أن تقوم وزارة العمل بالتقييم المستمر لعملية تطبيق الأنظمة وبرنامج التوطين من خلال الدراسات والأبحاث والتقارير المستمرة. فلننتظر النتائج الإيجابية إن شاء الله. مرحلة إعداد الأنظمة مرحلة صعبة، الأصعب منها مرحلة التطبيق.
مشاركة :