بيروت - أعلن حزب الله اللبناني الاثنين أن الوقود الإيراني الذي وعد بجلبه للبنان سيصل برا إلى اعتبارا من الخميس آتيا من سوريا حيث أفرغت الباخرة الأولى حمولتها في مرفأ بانياس، في خطوة تأتي تحت عنوان التخفيف من أزمة محروقات حادة على وقع انهيار اقتصادي متسارع، إلا أنها تعتبر من منظور قوى سياسية أخرى اختراقا لسيادة الدولة اللبنانية وتعزيزا للنفوذ الإيراني. وستصل الشحنة بعد أيام من تشكيل حكومة لبنانية برئاسة السياسي السنّي المخضرم نجيب ميقاتي التي وصفها النائب السابق فارس سعيد بأنها "حكومة الزمن الإيراني" وأنها تشكلت بـ"إرادة إيرانية". وسيعزز وصول شحنة المازوت الإيراني للبنان نفوذ حزب الله في خضم أزمة أضعفت قوى سياسية أخرى بينما كان الحزب قد استعد مبكرا لهذه الفترة بإنشاء مستودعات ضخمة لتخزين المواد الغذائية ومختلف ما يحتاجه أنصاره ومن يدور في فلكه. وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله قد أعلن الشهر الماضي أن باخرة محملة بالمازوت ستبحر من إيران، الداعمة الرئيسية له وأن الشحنة ستصل برا إلى لبنان عبر سوريا على أن تليها بواخر أخرى تباعا، من دون أن يحدد وجهتها وآلية إفراغ حمولتها. وأكّد نصرالله في خطاب بثته قناة المنار التابعة للحزب الاثنين أنّ الباخرة الأولى وصلت ليل الأحد إلى مرفأ بانياس، حيث يفترض أن تنهي الاثنين تفريغ حمولتها. وقال "من المفترض أن يبدأ نقل هذه المادة إلى البقاع يوم الخميس المقبل إلى منطقة بعلبك" في شرق البلاد، حيث سيتم تخزين المازوت قبل بدء توزيعه. وأثار إعلان نصرالله في 19 أغسطس/اب أن سفينة محملة بالمازوت ستنطلق خلال ساعات من إيران، انتقادات سياسية من خصومه الذين يتهمونه بأنه يرهن لبنان لإيران التي تتعرض لحصار اقتصادي وعقوبات. وأعلنت السلطات اللبنانية مرارا أنها ملتزمة في تعاملاتها المالية والمصرفية عدم خرق العقوبات الدولية والأميركية المفروضة على إيران. وأوضح نصرالله الاثنين أن حزبه اتخذ قرار وصول البواخر الإيرانية إلى مرفأ بانياس للحيلولة دون "إحراج" الدولة اللبنانية وتعرضها "لعقوبات". وتوجه بالشكر إلى القيادة السورية التي "تفهمت ظروف لبنان والمخاطر وسهّلت الحركة في مرفأ بانياس وحركة النقل إلى الحدود اللبنانية وساهمت في تأمين عدد كبير من الصهاريج". وجاءت خطوة حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز المدعومة من إيران، على وقع أزمة شح المحروقات التي تنعكس بشكل كبير على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، في خضم انهيار اقتصادي مستمر منذ عامين وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850. ولن يلتف اللبنانيون في ظل الأزمة إلى أن خطوة حزب الله ترتهن لبنان لإيران ولا إلى انتقادات القوى السياسية المناوئة له، حيث أصبح هم المواطن اللبناني تأمين لقمة عيشه وحل مشاكله بغض النظر عن الجهة التي تساعده في ذلك. وخلال الأشهر الماضية، تراجعت تدريجا قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية لكل المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميا. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء. وأكد نصرالله أن هدف حزب الله "ليس البيع أو التجارة بل المساعدة في تخفيف المعاناة عن الناس"، معلنا رغبته بتزويد مرافق ومؤسسات عدة بينها المستشفيات الحكومية ودور رعاية العجزة والأيتام والصليب الأحمر، بحاجاتها من المازوت لمدة شهر "كهبة بشكل مجاني"، في حال رغبت بذلك. ويعتزم حزب الله بيع عدد من المؤسسات الخاصة بينها المستشفيات والأفران وأصحاب مولدات الكهرباء المازوت بـ"أقل من سعر الكلفة" وبالليرة اللبنانية، وفق نصرالله الذي أعلن أن "نسبة معينة من سعر الكلفة سنتحمله نحن ونعتبره هدية وهبة ومساندة للشعب اللبناني من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله". ومن المتوقع وفق نصرالله أن تنطلق باخرة مازوت ثانية "خلال أيام قليلة"، بينما بدأت باخرة ثالثة الاثنين تحميل البنزين وتمّ الاتفاق على إعداد باخرة رابعة تحمل المازوت. وبعد ساعات من عقد الحكومة اللبنانية الجديدة أولى جلساتها، رحّب نصرالله بتشكيلها داعيا إياها إلى أن تقوم بمهمة "الإنقاذ والإصلاح وإعطاء الأولوية للحاجات المعيشية وتخفيف معاناة الناس". وتنتظر مهمات صعبة الحكومة التي جاء تشكيلها بعد عام من الفراغ والانقسامات السياسية الحادة. وفي المقابل اعتبر النائب السابق فارس سعيد في تصريح لموقع "سبوت شوت" المحلي أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يجب أن يُطلق عليها اسم "حكومة الزمن الإيراني"، مؤكدا أنها "حكومة تشكّلت بإرادة إيرانية"، موضحا أن "طهران تعتبر أن الزمن في المنطقة هو زمنها، ففرضت شروطها في لبنان بتوليفة إقليمية دخلت فيها غالبية العواصم والقوى السياسية".
مشاركة :