نود اليوم تقديم تحليل دقيق بخصوص ما تداولته صحافتنا المحلية وما طرحته من تصريحات وملاحظات من أصحاب مكاتب العقارات والشركات العقارية حول موضوع حساس جدًا وهو التأخير في التخطيط العمراني والفرز والتصنيف لبعض الأراضي. ولم تخل هذه الملاحظات من تذمر وشكاوى من أصحاب المكاتب العقارية والملاك. فيما قابل ذلك تصريح مضاد من هيئة التخطيط العمراني تناول بالأرقام عدد المخططات التي تم تخطيطها بالفعل وأبرز الإنجازات التي تمت خلال الفترة الماضية. ولكن بالمقابل أيضا، كانت هناك ملاحظات للعقاريين وأصحاب المكاتب العقارية حول ما اعتبروه شحا في الأراضي واستمرار التأخير في الفرز، الأمر الذي له انعكاساته حتى على الأسعار وينذر كما هو واضح بارتفاع أسعار العقارات السكنية استنادًا إلى نظريات علم الاقتصاد المتعلقة بالتوازن الجزئي، وهو كلما زاد العرض قل السعر وكلما قل المعروض ارتفع السعر. من وجهه نظرنا، فإن هذه المشكلة ترتبط بعدة عوامل، لعل من أبرزها أن فرض نسبه استملاك 30% أو 40% تقريبًا من المساحات الكلية للمخططات كان له أثره على أصحاب الأراضي الكبيرة، حيث باتوا يميلون إلى العزوف أو تأجيل التوجه إلى فرز وتخطيط أراضيهم، وذلك تفاديًا للتنازل عن مساحات من أراضيهم لصالح الخدمات العامة من شوارع وحدائق ومساجد ومرافق وغيرها. ما أثَّر في منحنى الأسعار في القيمة السوقية للعقارات، وهي خسارة لقيمة الأرض. ومن هنا تتأثر الأسعار بشكل تدريجي وتتجه إلى الصعود، وفي الوقت نفسه لهذا الأمر انعكاسات على الجانب التطويري في الكسب الفائت للمستثمرين والمطورين والراغبين في التطوير. واعتقادي أن الحل ربما يكون أبسط مما يبدو، وهو فرض رسوم على الأراضي الفضاء. وهي الأراضي غير المستغلة أو المصنفة. فهناك الكثير من أصحاب الأراضي الفضاء يتركونها عشرات السنين من دون الاستفادة منها، وهذا ما قد يعيق حتى تنفيذ بعض المشاريع. في حين أنه لو كانت هناك رسوم رمزية سنوية محددة كما هو الحال في الكثير من الدول، لسارع أصحاب هذه الأراضي إلى الاستفادة منها وفرزها، وانعكس ذلك على حركة السوق العقاري وحتى على الأسعار. وبنفس الوقت تمثل هذه الرسوم مدخول للدولة وإيراد إيجابي يسهم في الموازنة العامة ويمثل خطوة تحفيزية تسهم في زيادة سرعة وتيرة الاستثمار بالأراضي وتعديل منحنى أسعارها التنافسية في العرض والبيع والشراء، رغبة من الملاك في تجنب الرسوم السنوية. تطبيق هذه الرسوم على الأراضي الفضاء سيكون له مردود قوي يشجع على الاستثمار، وينقي السوق من الفقاعات العقارية التي يسهم فيها تكنيز الأراضي وإبقاؤها من دون الاستفادة منها مددا طويلة لتصبح الأراضي كالودائع البنكية التي يود أصحابها الاستفادة من الفوائد الكبيرة، في حين أن هذا الوضع له تكاليفه التي تتكبدها الدولة ويعيق جهود تحسين المرافق الخارجية من دون الحصول على أي إيرادات مقابل التطوير.
مشاركة :